responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 419
لَا يَطَّرِدُ فِي عِلْمِ اللَّهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ تبيين المعلوم على ما هو به فَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْوُجُوهُ الْمَذْكُورَةُ عَلَى كَلَامِ الْقَاضِي قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ: الْعِلْمُ مَا يَصِحُّ مِنَ الْمُتَّصِفِ بِهِ/ إِحْكَامُ الْفِعْلِ وَإِتْقَانُهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ، لِأَنَّ الْعِلْمَ بِوُجُوبِ الْوَاجِبَاتِ وَامْتِنَاعِ الْمُمْتَنِعَاتِ لَا يُفِيدُ الْإِحْكَامَ. وَقَالَ الْقَفَّالُ: الْعِلْمُ إِثْبَاتُ الْمَعْلُومِ عَلَى مَا هُوَ بِهِ وَرُبَّمَا قِيلَ الْعِلْمُ تَصَوُّرُ الْمَعْلُومِ عَلَى مَا هُوَ بِهِ وَالْوُجُوهُ السَّالِفَةُ مُتَوَجِّهَةٌ عَلَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ. وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: الطَّرِيقُ إِلَى تَصَوُّرِ مَاهِيَّةِ الْعِلْمِ وَتَمَيُّزِهَا عَنْ غَيْرِهَا أَنْ نَقُولَ إِنَّا نَجِدُ مِنْ أَنْفُسِنَا بِالضَّرُورَةِ كَوْنَنَا مُعْتَقِدِينَ فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ، فَنَقُولُ اعْتِقَادُنَا فِي الشَّيْءِ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ جَازِمًا أَوْ لَا يَكُونُ، فَإِنْ كَانَ جَازِمًا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُطَابِقًا أَوْ غَيْرَ مُطَابِقٍ فَإِنْ كَانَ مُطَابِقًا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِمُوجَبٍ هُوَ نَفْسُ طَرَفِي الْمَوْضُوعِ وَالْمَحْمُولِ وَهُوَ الْعِلْمُ الْبَدِيهِيُّ أَوْ لِمُوجَبٍ حَصَلَ مِنْ تَرْكِيبِ تِلْكَ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ وَهُوَ الْعِلْمُ النَّظَرِيُّ أَوْ لَا لِمُوجَبٍ وَهُوَ اعْتِقَادُ الْمُقَلِّدِ، وَأَمَّا الْجَزْمُ الَّذِي لَا يَكُونُ مُطَابِقًا فَهُوَ الْجَهْلُ وَالَّذِي لَا يَكُونُ جَازِمًا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الطَّرَفَانِ مُتَسَاوِيَيْنِ وَهُوَ الشَّكُّ أَوْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَرْجَحَ مِنَ الْآخَرِ فَالرَّاجِحُ هُوَ الظَّنُّ وَالْمَرْجُوحُ هُوَ الْوَهْمُ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ مُخْتَلٌّ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ لَا يَتِمُّ إِلَّا إِذَا ادَّعَيْنَا أَنَّ عِلْمَنَا بِمَاهِيَّةِ الِاعْتِقَادِ عِلْمٌ بَدِيهِيٌّ وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ فَلِمَ لَا نَدَّعِي أَنَّ الْعِلْمَ بِمَاهِيَّةِ الْعِلْمِ بديهي. وثانيها: أَنَّ هَذَا تَعْرِيفُ الْعِلْمِ بِانْتِفَاءِ أَضْدَادِهِ وَلَيْسَتْ مَعْرِفَةُ هَذِهِ الْأَضْدَادِ أَقْوَى مِنْ مَعْرِفَةِ الْعِلْمِ حَتَّى يُجْعَلَ عَدَمُ النَّقِيضِ مُعَرِّفًا لِلنَّقِيضِ فَيَرْجِعَ حَاصِلُ الْأَمْرِ إِلَى تَعْرِيفِ الشَّيْءِ بِمِثْلِهِ أَوْ بِالْأَخْفَى. وَثَالِثُهَا: أَنَّ الْعِلْمَ قَدْ يَكُونُ تَصَوُّرًا وَقَدْ يَكُونُ تَصْدِيقًا وَالتَّصَوُّرُ لَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ الْجَزْمُ وَلَا التَّرَدُّدُ وَلَا الْقُوَّةُ وَلَا الضَّعْفُ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَتِ الْعُلُومُ التَّصَوُّرِيَّةُ خَارِجَةً عَنْ هَذَا التَّعْرِيفِ قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ الْعِلْمُ هُوَ الِاعْتِقَادُ الْمُقْتَضِي سُكُونَ النَّفْسِ وَرُبَّمَا قَالُوا الْعِلْمُ مَا يَقْتَضِي سُكُونَ النَّفْسِ قَالُوا: وَلَفْظُ السُّكُونِ وإن كان مجازاً هاهنا إِلَّا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ لَمَّا كَانَ ظَاهِرًا لَمْ يَكُنْ ذِكْرُهُ قَادِحًا فِي الْمَقْصُودِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْحَابَ قَالُوا: الِاعْتِقَادُ جِنْسٌ مُخَالِفٌ لِلْعِلْمِ فَلَا يَجُوزُ جَعْلُ الْعِلْمِ مِنْهُ وَلَهُمْ أَنْ يَقُولُوا لَا شَكَّ أَنَّ بَيْنَ الْعِلْمِ وَاعْتِقَادِ الْمُقَلِّدِ قَدْرًا مُشْتَرَكًا فَنَحْنُ نَعْنِي بِالِاعْتِقَادِ ذَلِكَ الْقَدْرَ قَالَ الْأَصْحَابُ وَهَذَا التَّعْرِيفُ يَخْرُجُ عَنْهُ أَيْضًا عِلْمُ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ إِنَّهُ يَقْتَضِي سُكُونَ النَّفْسِ قَالَتِ الْفَلَاسِفَةُ الْعِلْمُ صُورَةٌ حَاصِلَةٌ فِي النَّفْسِ مُطَابِقَةٌ لِلْمَعْلُومِ وَفِي هَذَا التَّعْرِيفِ عُيُوبٌ: أَحَدُهَا: إِطْلَاقُ لَفْظِ الصُّورَةِ عَلَى الْعِلْمِ لَا شَكَّ أَنَّهُ مِنَ الْمَجَازَاتِ فَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ تَلْخِيصِ الْحَقِيقَةِ وَالَّذِي يُقَالُ إِنَّهُ كَمَا يَحْصُلُ فِي الْمِرْآةِ صُورَةُ الْوَجْهِ فَكَذَلِكَ تَحْصُلُ صُورَةُ
الْمَعْلُومِ فِي الذِّهْنِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّا إِذَا عَقَلْنَا الْجَبَلَ وَالْبَحْرَ فَإِنْ حَصَلَا فِي الذِّهْنِ فَفِي الذِّهْنِ جَبَلٌ وَبَحْرٌ وَهَذَا مُحَالٌ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلَا فِي الذِّهْنِ وَلَكِنَّ الْحَاصِلَ فِي الذِّهْنِ صُورَتَاهُمَا فَقَطْ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَعْلُومُ هُوَ الصُّورَةَ فَالشَّيْءُ الَّذِي تِلْكَ الصُّورَةُ صُورَتُهُ وَجَبَ أَنْ لَا يَصِيرَ مَعْلُومًا وَإِنْ قِيلَ حَصَلَتِ الصُّورَةُ وَمَحَلُّهَا فِي الذِّهْنِ فَحِينَئِذٍ يَعُودُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ يَحْصُلُ الْجَبَلُ وَالْبَحْرُ فِي الذِّهْنِ. وَثَانِيهَا: أَنَّ قَوْلَهُ مُطَابِقَةٌ لِلْمَعْلُومِ يَقْتَضِي الدَّوْرَ، وَثَالِثُهَا: أَنَّ عِنْدَهُمُ الْمَعْلُومَاتِ قَدْ تَكُونُ مَوْجُودَةً فِي الْخَارِجِ وَقَدْ لَا تَكُونُ وَهِيَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا بِالْأُمُورِ الِاعْتِبَارِيَّةِ وَالصُّوَرِ الذِّهْنِيَّةِ وَالْمَعْقُولَاتُ الثَّانِيَةُ وَالْمُطَابِقَةُ فِي هَذَا الْقِسْمِ غَيْرُ مَعْقُولٍ.
وَرَابِعُهَا: / أَنَّا قَدْ نَعْقِلُ الْمَعْدُومَ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الصُّورَةُ الْعَقْلِيَّةُ مُطَابِقَةٌ لِلْمَعْدُومِ لِأَنَّ الْمُطَابَقَةَ تَقْتَضِي كَوْنَ الْمُتَطَابِقَيْنِ أَمْرًا ثُبُوتِيًّا وَالْمَعْدُومُ نَفْيٌ مَحْضٌ يَسْتَحِيلُ تَحَقُّقُ الْمُطَابَقَةِ فِيهِ وَلَقَدْ حَاوَلَ الْغَزَالِيُّ إِيضَاحَ كَلَامِ الْفَلَاسِفَةِ فِي تَعْرِيفِ الْعِلْمِ فَقَالَ إِدْرَاكُ الْبَصِيرَةِ الْبَاطِنَةِ نَفْهَمُهُ بِالْمُقَايَسَةِ بِالْبَصَرِ الظَّاهِرِ وَلَا مَعْنَى لِلْبَصَرِ الظَّاهِرِ إلا انطباع صورة المرئي في القوة الباصرة كَمَا نَتَوَهَّمُ انْطِبَاعَ الصُّورَةِ فِي الْمِرْآةِ مَثَلًا فَكَمَا أَنَّ الْبَصَرَ يَأْخُذُ صُورَةَ الْمُبْصَرَاتِ أَيْ يَنْطَبِعُ فِيهِ مِثَالُهَا الْمُطَابِقُ لَهَا لَا عَيْنُهَا فَإِنَّ عَيْنَ النَّارِ لَا تَنْطَبِعُ فِي الْعَيْنِ بَلْ مِثَالٌ مُطَابِقٌ صُورَتَهَا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 419
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست