responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 397
ضَرُورِيًّا بِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ وَتِلْكَ الْمَعَانِي، وَبِأَنَّ تِلْكَ الْأَلْفَاظَ مَوْضُوعَةٌ لِتِلْكَ الْمَعَانِي. وَاحْتَجُّوا عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها وَالْكَلَامُ عَلَى التَّمَسُّكِ بِهَذِهِ الْآيَةِ سُؤَالًا وَجَوَابًا ذَكَرْنَاهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ. وَقَالَ أَبُو هَاشِمٍ: إِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِ لُغَةٍ اصْطِلَاحِيَّةٍ وَاحْتَجَّ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ الْوَضْعُ مَسْبُوقًا بِالِاصْطِلَاحِ بِأُمُورٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ الْعِلْمُ الضَّرُورِيُّ بِأَنَّهُ تَعَالَى وَضَعَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لِهَذَا الْمَعْنَى لَكَانَ ذَلِكَ الْعِلْمُ إِمَّا أَنْ يَحْصُلَ لِلْعَاقِلِ أَوْ لِغَيْرِ الْعَاقِلِ، لَا جَائِزٌ أَنْ يَحْصُلَ لِلْعَاقِلِ لِأَنَّهُ لَوْ حَصَلَ الْعِلْمُ الضَّرُورِيُّ بِأَنَّهُ تَعَالَى وَضَعَ ذَلِكَ اللَّفْظَ لِذَلِكَ الْمَعْنَى لَصَارَتْ صِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى مَعْلُومَةً بِالضَّرُورَةِ مَعَ أَنَّ ذَاتَهُ مَعْلُومَةٌ بِالِاسْتِدْلَالِ وَذَلِكَ مُحَالٌ وَلَا جَائِزَ أَنْ يَحْصُلَ لِغَيْرِ الْعَاقِلِ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ فِي الْعُقُولِ أَنْ يَحْصُلَ الْعِلْمُ بِهَذِهِ اللُّغَاتِ مَعَ مَا فِيهَا مِنَ الْحِكَمِ الْعَجِيبَةِ لِغَيْرِ الْعَاقِلِ، فَثَبَتَ أَنَّ الْقَوْلَ بِالتَّوْقِيفِ فَاسِدٌ. وَثَانِيهَا: أَنَّهُ تَعَالَى خَاطَبَ الْمَلَائِكَةَ وَذَلِكَ يُوجِبُ تَقَدُّمَ لُغَةٍ عَلَى ذَلِكَ التَّكَلُّمِ. وَثَالِثُهَا: أَنَّ قَوْلَهُ: وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها يَقْتَضِي إِضَافَةَ التَّعْلِيمِ إِلَى الْأَسْمَاءِ. وَذَلِكَ يَقْتَضِي فِي تِلْكَ الْأَسْمَاءِ أَنَّهَا كَانَتْ أَسْمَاءً قَبْلَ ذَلِكَ التَّعْلِيمِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَتِ اللُّغَاتُ حَاصِلَةً قَبْلَ ذَلِكَ التَّعْلِيمِ.
وَرَابِعُهَا: أَنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا تَحَدَّى الْمَلَائِكَةَ بِعِلْمِ الْأَسْمَاءِ فَلَا بُدَّ وَأَنْ تَعْلَمَ الْمَلَائِكَةُ كَوْنَهُ صَادِقًا فِي تَعْيِينِ تِلْكَ الْأَسْمَاءِ لِتِلْكَ الْمُسَمَّيَاتِ، وَإِلَّا لَمْ يَحْصُلِ الْعِلْمُ بِصِدْقِهِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ وَضْعُ تِلْكَ الْأَسْمَاءِ لِتِلْكَ الْمُسَمَّيَاتِ مُتَقَدِّمًا عَلَى ذَلِكَ التَّعْلِيمِ. وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ بِخَلْقِ الْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ بِأَنَّ وَاضِعًا وَضَعَ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ لِهَذِهِ الْمُسَمَّيَاتِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ أَنَّ ذَلِكَ الْوَاضِعَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى أَوِ النَّاسُ؟ وَعَلَى هَذَا لَا يَلْزَمُ أَنْ تَصِيرَ الصِّفَةُ مَعْلُومَةً بِالضَّرُورَةِ حَالَ كَوْنِ الذَّاتِ مَعْلُومَةً بِالدَّلِيلِ. سَلَّمْنَا أَنَّهُ تَعَالَى/ مَا خَلَقَ هَذَا الْعِلْمَ فِي الْعَاقِلِ، فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ تَعَالَى خَلَقَهُ فِي غَيْرِ الْعَاقِلِ وَالتَّعْوِيلُ عَلَى الِاسْتِعْبَادِ فِي هَذَا الْمَقَامِ مُسْتَبْعَدٌ. وَعَنِ الثَّانِي: لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ خَاطَبَ الْمَلَائِكَةَ بِطَرِيقٍ آخَرَ بِالْكِتَابَةِ وَغَيْرِهَا. وَعَنِ الثَّالِثِ: لَا شَكَّ أَنَّ إِرَادَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَضْعَ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ لِتِلْكَ الْمَعَانِي سَابِقَةٌ عَلَى التَّعْلِيمِ فَكَفَى ذَلِكَ فِي إِضَافَةِ التَّعْلِيمِ إِلَى الْأَسْمَاءِ، وَعَنِ الرَّابِعِ: مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ قَوْلُهُ: وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها أَيْ عَلَّمَهُ صِفَاتِ الْأَشْيَاءِ وَنُعُوتَهَا وَخَوَاصَّهَا وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الِاسْمَ اشْتِقَاقُهُ إِمَّا مِنَ السِّمَةِ أَوْ مِنَ السُّمُوِّ، فَإِنْ كَانَ مِنَ السِّمَةِ كَانَ الِاسْمُ هُوَ الْعَلَامَةَ وَصِفَاتُ الْأَشْيَاءِ وَنُعُوتُهَا وَخَوَاصُّهَا دَالَّةٌ عَلَى مَاهِيَّاتِهَا، فصح أن يكون المراد من السماء: الصِّفَاتُ، وَإِنْ كَانَ مِنَ السُّمُوِّ فَكَذَلِكَ لِأَنَّ دَلِيلَ الشَّيْءِ كَالْمُرْتَفِعِ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ فَإِنَّ الْعِلْمَ بِالدَّلِيلِ حَاصِلٌ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْمَدْلُولِ، فَكَانَ الدَّلِيلُ أَسْمَى فِي الْحَقِيقَةِ، فَثَبَتَ أَنَّهُ لَا امْتِنَاعَ فِي اللُّغَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ الِاسْمِ الصِّفَةُ، بَقِيَ أَنَّ أَهْلَ النَّحْوِ خَصَّصُوا لَفْظَ الِاسْمِ بِالْأَلْفَاظِ الْمَخْصُوصَةِ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ عُرْفٌ حَادِثٌ لَا اعْتِبَارَ بِهِ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ هَذَا التَّفْسِيرَ مُمْكِنٌ بِحَسْبَ اللُّغَةِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُرَادَ لَا غَيْرُهُ، لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْفَضِيلَةَ فِي مَعْرِفَةِ حَقَائِقِ الْأَشْيَاءِ أَكْثَرُ مِنَ الْفَضِيلَةِ فِي مَعْرِفَةِ أَسْمَائِهَا، وَحَمْلُ الْكَلَامِ الْمَذْكُورِ لِإِظْهَارِ الْفَضِيلَةِ عَلَى مَا يُوجِبُ مَزِيدَ الْفَضِيلَةِ، أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَثَانِيهَا: أَنَّ التَّحَدِّيَ إِنَّمَا يَجُوزُ وَيَحْسُنُ بِمَا يَتَمَكَّنُ السَّامِعُ مِنْ مِثْلِهِ فِي الْجُمْلَةِ، فَإِنَّ مَنْ كَانَ عَالِمًا بِاللُّغَةِ وَالْفَصَاحَةِ، يَحْسُنُ أَنْ يَقُولَ لَهُ غَيْرُهُ عَلَى سَبِيلِ التَّحَدِّي: ائْتِ بِكَلَامٍ مِثْلِ كَلَامِي فِي الْفَصَاحَةِ، أَمَّا الْعَرَبِيُّ فَلَا يَحْسُنُ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ لِلزَّنْجِيِّ فِي مَعْرِضِ التَّحَدِّي: تَكَلَّمْ بِلُغَتِي، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَقْلَ لَا طَرِيقَ لَهُ إِلَى مَعْرِفَةِ اللُّغَاتِ الْبَتَّةَ: بَلْ ذَلِكَ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِالتَّعْلِيمِ، فَإِنْ حَصَلَ التَّعْلِيمُ، حَصَلَ الْعِلْمُ بِهِ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 397
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست