responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 396
قَوْلُهُمْ: وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ أَضَافُوا هَذِهِ الْأَفْعَالَ إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَلَوْ كَانَتْ أَفْعَالًا لِلَّهِ تَعَالَى لَمَا حَسُنَ التَّمَدُّحُ بِذَلِكَ وَلَا فَضْلَ لِذَلِكَ عَلَى سَفْكِ الدِّمَاءِ إِذْ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى. وَثَانِيهَا: لَوْ كَانَ الْفَسَادُ وَالْقَتْلُ فِعْلًا لِلَّهِ تَعَالَى لَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ أَنْ يَقُولَ إِنِّي مَالِكٌ أَفْعَلُ مَا أَشَاءُ. وَثَالِثُهَا: أَنَّ قَوْلَهُ: أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ يَقْتَضِي التَّبَرِّيَ مِنَ الْفَسَادِ وَالْقَتْلِ لَكِنَّ التَّبَرِّيَ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ مُحَالٌ. وَرَابِعُهَا: إِذَا كَانَ لَا فَاحِشَةَ وَلَا قُبْحَ وَلَا جَوْرَ وَلَا ظُلْمَ وَلَا فَسَادَ إِلَّا بِصُنْعِهِ وَخَلْقِهِ وَمَشِيئَتِهِ فَكَيْفَ يَصِحُّ التَّنْزِيهُ وَالتَّقْدِيسُ؟ وَخَامِسُهَا: أَنَّ قَوْلَهُ: أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ يَدُلُّ عَلَى مَذْهَبِ الْعَدْلِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ خَالِقًا لِلْكُفْرِ لَكَانَ خَلَقَهُمْ لِذَلِكَ الْكُفْرِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ نَعَمْ خَلَقَهُمْ ليفسدوا وليقتلوا. فلما لم يرضى بِهَذَا الْجَوَابِ سَقَطَ هَذَا الْمَذْهَبُ.
وَسَادِسُهَا: لَوْ كَانَ الْفَسَادُ وَالْقَتْلُ، مِنْ فِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى لَكَانَ ذَلِكَ جَارِيًا مَجْرَى أَلْوَانِهِمْ وَأَجْسَامِهِمْ وَكَمَا لَا يَصِحُّ التَّعَجُّبُ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَكَذَا مِنَ الْفَسَادِ وَالْقَتْلِ وَالْجَوَابُ عَنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ الْمُعَارَضَةِ بِمَسْأَلَةِ الدَّاعِي وَالْعِلْمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: إِنْ قِيلَ قَوْلُهُ: إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ كَيْفَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا عَنِ السُّؤَالِ الَّذِي ذَكَرُوهُ قُلْنَا قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ السُّؤَالَ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا: أَحَدُهَا: أَنَّهُ لِلتَّعَجُّبِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ جَوَابًا لَهُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ قَالَ تَعَالَى لَا تَتَعَجَّبُوا مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مَنْ يُفْسِدُ وَيَقْتُلُ فَإِنِّي أَعْلَمُ مَعَ هَذَا بِأَنَّ فِيهِمْ جَمْعًا مِنَ الصَّالِحِينَ وَالْمُتَّقِينَ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ. وَثَانِيهَا: أَنَّهُ لِلْغَمِّ فَيَكُونُ الْجَوَابُ لَا تَغْتَمُّوا بِسَبَبِ وُجُودِ الْمُفْسِدِينَ فَإِنِّي أَعْلَمُ أَيْضًا أَنَّ فِيهِمْ جَمْعًا مِنَ الْمُتَّقِينَ، وَمَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَيَّ لَأَبَرَّهُ. وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ طَلَبُ الْحِكْمَةِ فَجَوَابُهُ أَنَّ مَصْلَحَتَكُمْ فِيهِ أَنْ تَعْرِفُوا وَجْهَ الْحِكْمَةِ فِيهِ عَلَى الْإِجْمَالِ دُونَ التَّفْصِيلِ. بَلْ رُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ التَّفْصِيلُ مَفْسَدَةً لَكُمْ وَرَابِعُهَا: أَنَّهُ الْتِمَاسٌ لِأَنْ يَتْرُكَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَوَابُهُ إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّ مَصْلَحَتَكُمْ أَنْ تَكُونُوا فِي السَّمَاءِ لَا فِي الْأَرْضِ، وَفِيهِ وَجْهٌ خَامِسٌ: وَهُوَ أَنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا: نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ تَعَالَى: إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ وَهُوَ أَنَّ مَعَكُمْ إِبْلِيسَ وَأَنَّ فِي قَلْبِهِ حَسَدًا وَكِبْرًا وَنِفَاقًا. وَوَجْهٌ سَادِسٌ: وَهُوَ أَنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ فَإِنَّكُمْ لَمَّا وَصَفْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِهَذِهِ الْمَدَائِحِ فَقَدِ اسْتَعْظَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ فَكَأَنَّكُمْ أَنْتُمْ بِهَذَا الْكَلَامِ فِي تَسْبِيحِ أَنْفُسِكُمْ لَا فِي تَسْبِيحِي وَلَكِنِ اصْبِرُوا حَتَّى يَظْهَرَ الْبَشَرُ فَيَتَضَرَّعُونَ إِلَى اللَّهِ بِقَوْلِهِمْ: رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا [الْأَعْرَافِ: 44] وَبِقَوْلِهِ: وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي [الشُّعَرَاءِ: 82] وَبِقَوْلِهِ: وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ [النمل: 19] .

[سورة البقرة (2) : آية 31]
وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (31)
أَعْلَمَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمَّا سَأَلُوا عَنْ وَجْهِ الْحِكْمَةِ فِي خَلْقِ آدَمَ وَذُرِّيَّتِهِ وَإِسْكَانِهِ تَعَالَى إِيَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ وَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ وَجْهِ الْحِكْمَةِ فِي ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ أَرَادَ تَعَالَى أَنْ يَزِيدَهُمْ بَيَانًا وَأَنْ يُفَصِّلَ لَهُمْ ذَلِكَ الْمُجْمَلَ، فَبَيَّنَ تَعَالَى لَهُمْ مِنْ فَضْلِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ مَعْلُومًا لَهُمْ، وَذَلِكَ بِأَنْ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَيْهِمْ لِيُظْهِرَ بِذَلِكَ كَمَالَ فَضْلِهِ وَقُصُورَهُمْ عَنْهُ فِي الْعِلْمِ فَيَتَأَكَّدَ ذَلِكَ الْجَوَابُ الْإِجْمَالِيُّ بِهَذَا الْجَوَابِ التفصيلي وهاهنا مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ الْأَشْعَرِيُّ وَالْجُبَّائِيُّ وَالْكَعْبِيُّ: اللُّغَاتُ كُلُّهَا تَوْقِيفِيَّةٌ. بِمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خلق علماً

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 396
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست