responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 18  صفحه : 382
لَكِنِ امْرَأَتُكَ تَلْتَفِتُ فَيُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ، وَإِذَا ان هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا كَانَ الْتِفَاتُهَا مَعْصِيَةً وَيَتَأَكَّدُ مَا ذَكَرْنَا بِمَا رُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّهَا كَانَتْ مَعَ لُوطٍ حِينَ خَرَجَ مِنَ الْقَرْيَةِ فَلَمَّا سَمِعَتْ هَذَا الْعَذَابَ الْتَفَتَتْ وَقَالَتْ يَا قَوْمَاهُ فَأَصَابَهَا حَجَرٌ فَأَهْلَكَهَا.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْقِرَاءَةَ بِالرَّفْعِ أَقْوَى، لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ بِالنَّصْبِ تَمْنَعُ مِنْ خُرُوجِهَا مَعَ أَهْلِهِ لَكِنْ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ الِاسْتِثْنَاءُ يَكُونُ مِنَ الْأَهْلِ كَأَنَّهُ أَمَرَ لُوطًا بِأَنْ يَخْرُجَ بِأَهْلِهِ وَيَتْرُكَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ فَإِنَّهَا هَالِكَةٌ مَعَ الْهَالِكِينَ وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ بِالنَّصْبِ فَإِنَّهَا أَقْوَى مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَعَ الْقِرَاءَةِ بِالنَّصْبِ يَبْقَى الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلًا/ وَمَعَ الْقِرَاءَةِ بِالرَّفْعِ يَصِيرُ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا. ثُمَّ بَيَّنَ اللَّه تَعَالَى أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ. وَالْمُرَادُ أَنَّهُ مُصِيبُهَا ذَلِكَ الْعَذَابُ الَّذِي أَصَابَهُمْ. ثُمَّ قَالُوا: إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ روي أنهم لما قالوا لوط عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ قَالَ أُرِيدُ أَعْجَلَ مِنْ ذَلِكَ بَلِ السَّاعَةَ فَقَالُوا: أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ إِنَّ لُوطًا عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا سَمِعَ هَذَا الْكَلَامَ خَرَجَ بِأَهْلِهِ في الليل.

[سورة هود (11) : الآيات 82 الى 83]
فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83)
فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي الْأَمْرِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ مَا هُوَ ضِدُّ النَّهْيِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وُجُوهٌ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ لَفْظَ الْأَمْرِ حَقِيقَةٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى مَجَازٌ فِي غَيْرِهِ دَفْعًا لِلِاشْتِرَاكِ. الثَّانِي: أَنَّ الأمر لا يمكن حمله هاهنا عَلَى الْعَذَابِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَهَذَا الْجَعْلُ هُوَ الْعَذَابُ، فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرْطٌ وَالْعَذَابُ جَزَاءٌ، وَالشَّرْطُ غَيْرُ الْجَزَاءِ، فَهَذَا الْأَمْرُ غَيْرُ الْعَذَابِ، وَكُلُّ مَنْ قَالَ بِذَلِكَ قَالَ إِنَّهُ هُوَ الْأَمْرُ الَّذِي هُوَ ضِدُّ النَّهْيِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ [هُودٍ: 70] فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا مَأْمُورِينَ مِنْ عِنْدِ اللَّه تَعَالَى بِالذَّهَابِ إِلَى قَوْمِ لُوطٍ وَبِإِيصَالِ هَذَا الْعَذَابِ إِلَيْهِمْ.
إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: إِنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ جَمْعًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ بِأَنْ يُخَرِّبُوا تِلْكَ الْمَدَائِنَ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ، فَلَمَّا جَاءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ أَقْدَمُوا عَلَى ذَلِكَ الْعَمَلِ، فَكَانَ قَوْلُهُ: فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا إِشَارَةً إِلَى ذَلِكَ التَّكْلِيفِ.
فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، لَوَجَبَ أَنْ يُقَالَ: فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلُوا عَالِيَهَا سَافِلَهَا، لِأَنَّ الْفِعْلَ صَدَرَ عَنْ ذَلِكَ الْمَأْمُورِ.
قُلْنَا: هَذَا لَا يَلْزَمُ عَلَى مَذْهَبِنَا، لِأَنَّ فِعْلَ الْعَبْدِ فِعْلُ اللَّه تَعَالَى عِنْدَنَا. وَأَيْضًا أَنَّ الَّذِي وَقَعَ مِنْهُمْ إِنَّمَا وَقَعَ بِأَمْرِ اللَّه تَعَالَى وَبِقُدْرَتِهِ، فَلَمْ يَبْعُدْ إِضَافَتُهُ إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، لِأَنَّ الْفِعْلَ كَمَا تَحْسُنُ إِضَافَتُهُ إِلَى الْمُبَاشِرِ، فَقَدْ تَحْسُنُ أَيْضًا إِضَافَتُهُ إِلَى السَّبَبِ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ الْأَمْرِ هاهنا قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [النَّحْلِ: 40] وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ ذَلِكَ الْأَمْرِ.
الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ الْأَمْرِ الْعَذَابَ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَيُحْتَاجُ إِلَى الْإِضْمَارِ، وَالْمَعْنَى: وَلَمَّا جَاءَ وَقْتُ عَذَابِنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 18  صفحه : 382
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست