responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 402
[سورة المائدة (5) : آية 69]
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (69)
قَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وبقي هاهنا مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: ظَاهِرُ الْإِعْرَابِ يَقْتَضِي أَنْ يُقَالَ: وَالصَّابِئِينَ، وَهَكَذَا قَرَأَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ كَثِيرٍ، وَلِلنَّحْوِيِّينَ فِي عِلَّةِ الْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَةِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: وَهُوَ مَذْهَبُ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ ارْتَفَعَ الصَّابِئُونَ بِالِابْتِدَاءِ عَلَى نِيَّةِ التَّأْخِيرِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ باللَّه وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، وَالصَّابِئُونَ كَذَلِكَ، فَحُذِفَ خَبَرُهُ، وَالْفَائِدَةُ فِي عَدَمِ عَطْفِهِمْ عَلَى مَنْ قَبْلَهُمْ هُوَ أَنَّ الصَّابِئِينَ أَشَدُّ الْفِرَقِ الْمَذْكُورِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ضَلَالًا، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: كُلُّ هَؤُلَاءِ الْفِرَقِ إِنْ آمَنُوا بالعمل الصالح قبل اللَّه توبتهم وأزال ذَنْبَهُمْ، حَتَّى الصَّابِئُونَ فَإِنَّهُمْ إِنْ آمَنُوا كَانُوا أَيْضًا كَذَلِكَ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ الْفَرَّاءِ أن كلمة (إن) ضعيفة في العمل هاهنا، وَبَيَانُهُ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ كَلِمَةَ (إِنَّ) إِنَّمَا تَعْمَلُ لِكَوْنِهَا مُشَابِهَةً لِلْفِعْلِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُشَابَهَةَ بَيْنَ الْفِعْلِ وَبَيْنَ/ الْحَرْفِ ضَعِيفَةٌ. الثَّانِي: أَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ تَعْمَلُ لَكِنْ إِنَّمَا تَعْمَلُ فِي الِاسْمِ فَقَطْ، أَمَّا الْخَبَرُ فَإِنَّهُ بَقِيَ مَرْفُوعًا بِكَوْنِهِ خَبَرَ الْمُبْتَدَأِ، وَلَيْسَ لِهَذَا الْحَرْفِ فِي رَفْعِ الْخَبَرِ تَأْثِيرٌ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ، وَقَدْ بَيَّنَاهُ بِالدَّلِيلِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلَهُ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ [الْبَقَرَةِ: 6] الثَّالِثُ: أَنَّهَا إِنَّمَا يَظْهَرُ أَثَرُهَا فِي بَعْضِ الْأَسْمَاءِ، أَمَّا الْأَسْمَاءُ الَّتِي لَا يَتَغَيَّرُ حَالُهَا عِنْدَ اخْتِلَافِ الْعَوَامِلِ فَلَا يَظْهَرُ أثر هذا الحرف فيها، والأمر هاهنا كذلك، لأن الاسم هاهنا هُوَ قَوْلُهُ الَّذِينَ وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ لَا يَظْهَرُ فِيهَا أَثَرُ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْخَفْضِ.
إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: إِنَّهُ إِذَا كَانَ اسْمُ إِنَّ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ فِيهِ أَثَرُ الْإِعْرَابِ، فَالَّذِي يَعْطِفُ عَلَيْهِ يُجَوِّزُ النَّصْبَ عَلَى إِعْمَالِ هَذَا الْحَرْفِ، وَالرَّفْعَ عَلَى إِسْقَاطِ عَمَلِهِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ زَيْدًا وَعَمْرٌو قَائِمَانِ لِأَنَّ زَيْدًا ظَهَرَ فِيهِ أَثَرُ الْإِعْرَابِ، لَكِنْ إِنَّمَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ وَإِخْوَتُكَ يُكْرِمُونَنَا، وَإِنَّ هَذَا نَفْسُهُ شُجَاعٌ، وَإِنَّ قَطَامِ وَهِنْدٌ عِنْدَنَا، وَالسَّبَبُ فِي جَوَازِ ذَلِكَ أَنَّ كَلِمَةَ (إِنْ) كَانَتْ فِي الْأَصْلِ ضَعِيفَةَ الْعَمَلِ، وَإِذَا صَارَتْ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ لَهَا أَثَرٌ فِي اسْمِهَا صَارَتْ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ، فَجَازَ الرَّفْعُ بِمُقْتَضَى الْحُكْمِ الثَّابِتِ قَبْلَ دُخُولِ هَذَا الْحَرْفِ عَلَيْهِ، وَهُوَ كَوْنُهُ مُبْتَدَأً، فَهَذَا تَقْرِيرُ قَوْلِ الْفَرَّاءِ، وَهُوَ مَذْهَبٌ حَسَنٌ وَأَوْلَى مِنْ مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ، لِأَنَّ الَّذِي قَالُوهُ يَقْتَضِي أَنَّ كَلَامَ اللَّه عَلَى التَّرْتِيبِ الَّذِي وَرَدَ عَلَيْهِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَإِنَّمَا تَحْصُلُ الصِّحَّةُ عِنْدَ تَفْكِيكِ هَذَا النَّظْمِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الْفَرَّاءِ فَلَا حَاجَةَ إِلَيْهِ، فَكَانَ ذَلِكَ أَوْلَى.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: لَا شَكَّ أَنَّ كَلِمَةَ «إِنَّ» مِنَ الْعَوَامِلِ الدَّاخِلَةِ عَلَى الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ، وَكَوْنُ الْمُبْتَدَأِ مُبْتَدَأً وَالْخَبَرِ خَبَرًا وَصْفٌ حَقِيقِيٌّ ثَابِتٌ حَالَ دُخُولِ هَذَا الْحَرْفِ وَقَبْلَهُ، وَكَوْنُهُ مُبْتَدَأً يَقْتَضِي الرَّفْعَ.
إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: الْمَعْطُوفُ عَلَى اسْمِ «إِنَّ» يَجُوزُ انْتِصَابُهُ بِنَاءً عَلَى إِعْمَالِ هَذَا الْحَرْفِ، وَيَجُوزُ ارْتِفَاعُهُ أَيْضًا لِكَوْنِهِ فِي الْحَقِيقَةِ مُبْتَدَأً مُحْدَثًا عَنْهُ وَمُخْبَرًا عَنْهُ.
طَعَنَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» فِيهِ وَقَالَ: إِنَّمَا يَجُوزُ ارْتِفَاعُهُ عَلَى الْعَطْفِ عَلَى مَحَلِّ (إِنَّ وَاسْمِهَا) بعد ذكر

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 402
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست