responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 333
تَعَالَى لَمَّا وَعَدَ هَؤُلَاءِ الضُّعَفَاءَ بِأَنَّ تِلْكَ الْأَرْضَ لَهُمْ، فَإِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ مُقِرِّينَ بِصِدْقِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلِمُوا قَطْعًا أَنَّ اللَّه يَنْصُرُهُمْ عَلَيْهِمْ وَيُسَلِّطُهُمْ عَلَيْهِمْ فَلَا بُدَّ وَأَنْ يُقْدِمُوا عَلَى قِتَالِهِمْ مِنْ غَيْرِ جُبْنٍ وَلَا خَوْفٍ وَلَا هَلَعٍ، فَهَذِهِ هِيَ الْفَائِدَةُ مِنْ هَذِهِ الْكَلِمَةِ.
ثُمَّ قَالَ: وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ وَفِيهِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: لَا تَرْجِعُوا عَنِ الدِّينِ الصَّحِيحِ إِلَى الشَّكِّ فِي نُبُوَّةِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا أَخْبَرَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى جَعَلَ تِلْكَ الْأَرْضَ لَهُمْ كَانَ هَذَا وَعْدًا بِأَنَّ اللَّه تَعَالَى يَنْصُرُهُمْ عَلَيْهِمْ، فَلَوْ لَمْ يَقْطَعُوا بِهَذِهِ النُّصْرَةِ صَارُوا شَاكِّينَ فِي صِدْقِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَيَصِيرُوا كَافِرِينَ بِالْإِلَهِيَّةِ وَالنُّبُوَّةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْمُرَادُ لَا تَرْجِعُوا عَنِ الْأَرْضِ الَّتِي أُمِرْتُمْ بِدُخُولِهَا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي خَرَجْتُمْ عَنْهَا.
يُرْوَى أَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا قَدْ عَزَمُوا عَلَى الرُّجُوعِ إِلَى مِصْرَ،
وَقَوْلُهُ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ فِيهِ وُجُوهٌ: أَحَدُهَا: خَاسِرِينَ فِي الْآخِرَةِ فَإِنَّهُ يَفُوتُكُمُ الثَّوَابُ وَيَلْحَقُكُمُ الْعِقَابُ، وَثَانِيهَا: تَرْجِعُونَ إِلَى الذُّلِّ، وَثَالِثُهَا: تَمُوتُونَ فِي التِّيهِ وَلَا تَصِلُونَ إِلَى شَيْءٍ مِنْ مطالب الدنيا ومنافع الآخرة.

[سورة المائدة (5) : آية 22]
قالُوا يَا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ (22)
ثُمَّ أَخْبَرَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَفِي تَفْسِيرِ الْجَبَّارِينَ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ:
الْجَبَّارُ فَعَّالٌ مِنْ جَبَرَهُ عَلَى الْأَمْرِ بِمَعْنَى أَجْبَرَهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْعَاتِي الَّذِي يُجْبِرُ النَّاسَ عَلَى مَا يُرِيدُ، وَهَذَا هُوَ اخْتِيَارُ الْفَرَّاءِ وَالزَّجَّاجِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: لَمْ أَسْمَعْ فَعَّالًا مِنْ أَفْعَلَ إِلَّا فِي حَرْفَيْنِ وَهُمَا: جَبَّارٌ مِنْ أَجْبَرَ، وَدَرَّاكٌ مِنْ أَدْرَكَ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ نَخْلَةٌ جَبَّارَةٌ إِذَا كَانَتْ طَوِيلَةً مُرْتَفِعَةً لَا تَصِلُ الْأَيْدِي إِلَيْهَا، وَيُقَالُ: رَجُلٌ جَبَّارٌ إِذَا كَانَ طَوِيلًا عَظِيمًا قَوِيًّا، تَشْبِيهًا بِالْجَبَّارِ مِنَ النَّخْلِ وَالْقَوْمُ كَانُوا فِي غَايَةِ الْقُوَّةِ وَعِظَمِ الْأَجْسَامِ بِحَيْثُ كَانَتْ أَيْدِي قَوْمِ مُوسَى مَا كَانَتْ تَصِلُ إِلَيْهِمْ، فَسَمَّوْهُمْ جَبَّارِينَ لِهَذَا الْمَعْنَى.
ثُمَّ قَالَ الْقَوْمُ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ وَإِنَّمَا قَالُوا هَذَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِبْعَادِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ [الْأَعْرَافِ: 40] .
ثم قال تعالى:

[سورة المائدة (5) : آية 23]
قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (23)
فيه مسائل:
المسألة الأولى: هذا الرَّجُلَانِ هُمَا يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، وَكَالِبُ بْنُ يوفنا، وكانوا مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ اللَّه وَأَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِمَا بِالْهِدَايَةِ وَالثِّقَةِ بِعَوْنِ اللَّه تَعَالَى وَالِاعْتِمَادِ عَلَى نُصْرَةِ اللَّه. قَالَ الْقَفَّالُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُهُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَهُمُ الْجَبَّارُونَ، وَهُمَا رَجُلَانِ مِنْهُمْ أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِمَا بِالْإِيمَانِ فَآمَنَا، وَقَالَا هَذَا الْقَوْلَ لِقَوْمِ مُوسَى تَشْجِيعًا لَهُمْ عَلَى قِتَالِهِمْ، وَقِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ يُخَافُونَ بِالضَّمِّ شَاهِدَةٌ لِهَذَا الْوَجْهِ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 333
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست