responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 332
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى:
رُوِيَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا صَعِدَ جَبَلَ لُبْنَانَ قَالَ لَهُ اللَّه تَعَالَى: انْظُرْ فَمَا أَدْرَكَهُ بَصَرُكَ فَهُوَ مُقَدَّسٌ، وَهُوَ مِيرَاثٌ لِذُرِّيَّتِكَ.
وَقِيلَ: لَمَّا خَرَجَ قَوْمُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ مِصْرَ وَعَدَهُمُ اللَّه تَعَالَى إِسْكَانَ أَرْضِ الشَّامِ، وَكَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يُسَمُّونَ أَرْضَ الشَّامِ أَرْضَ الْمَوَاعِيدِ، ثُمَّ بَعَثَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا مِنَ الْأُمَنَاءِ لِيَتَجَسَّسُوا لَهُمْ عَنْ أَحْوَالِ تِلْكَ الْأَرَاضِي، / فَلَمَّا دَخَلُوا تِلْكَ الْبِلَادَ رَأَوْا أَجْسَامًا عَظِيمَةً هَائِلَةً. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: لَمَّا بَعَثَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ النُّقَبَاءَ لِأَجْلِ التَّجَسُّسِ رَآهُمْ وَاحِدٌ مِنْ أُولَئِكَ الْجَبَّارِينَ فَأَخَذَهُمْ وَجَعَلَهُمْ فِي كُمِّهِ مَعَ فَاكِهَةٍ كَانَ قَدْ حَمَلَهَا مِنْ بُسْتَانِهِ وَأَتَى بِهِمُ الْمَلِكَ، فَنَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَالَ مُتَعَجِّبًا لِلْمَلِكِ:
هَؤُلَاءِ يُرِيدُونَ قِتَالَنَا، فَقَالَ الْمَلِكُ: ارْجِعُوا إِلَى صَاحِبِكُمْ وَأَخْبِرُوهُ بِمَا شَاهَدْتُمْ، ثُمَّ انْصَرَفَ أُولَئِكَ النُّقَبَاءُ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَخْبَرُوهُ بِالْوَاقِعَةِ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَكْتُمُوا مَا عَاهَدُوهُ فَلَمْ يَقْبَلُوا قَوْلَهُ، إِلَّا رَجُلَانِ مِنْهُمْ، وَهُمَا يُوشَعُ بْنُ نُونٍ وَكَالِبُ بْنُ يُوفِنَا، فَإِنَّهُمَا سَهَّلَا الْأَمْرَ وَقَالَا: هِيَ بِلَادٌ طَيِّبَةٌ كَثِيرَةُ النِّعَمِ، وَالْأَقْوَامُ وَإِنْ كَانَتْ أَجْسَادُهُمْ عَظِيمَةً إِلَّا أَنَّ قُلُوبَهُمْ ضَعِيفَةٌ، وَأَمَّا الْعَشَرَةُ الْبَاقِيَةُ فَقَدْ أَوْقَعُوا الْجُبْنَ فِي قُلُوبِ النَّاسِ حَتَّى أَظْهَرُوا الِامْتِنَاعَ مِنْ غَزْوِهِمْ، فَقَالُوا لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً مَا دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ [الْمَائِدَةِ: 24] فَدَعَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَيْهِمْ فَعَاقَبَهُمُ اللَّه تَعَالَى بِأَنْ أَبْقَاهُمْ فِي التِّيهِ أَرْبَعِينَ سَنَةً.
قَالُوا: وَكَانَتْ مُدَّةُ غَيْبَةِ النُّقَبَاءِ لِلتَّجَسُّسِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَعُوقِبُوا بِالتِّيهِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَمَاتَ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ فِي التِّيهِ، وَأُهْلِكَ النُّقَبَاءُ الْعَشَرَةُ فِي التِّيهِ بِعُقُوبَاتٍ غَلِيظَةٍ. وَمِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ: إِنَّ مُوسَى وَهَارُونَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ مَاتَا أَيْضًا فِي التِّيهِ: وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بَقِيَ وَخَرَجَ مَعَهُ يُوشَعُ وَكَالِبُ وَقَاتَلُوا الْجَبَّارِينَ وَغَلَبُوهُمْ وَدَخَلُوا تِلْكَ الْبِلَادَ، فَهَذِهِ هِيَ الْقِصَّةُ واللَّه أَعْلَمُ بِكَيْفِيَّةِ الْأُمُورِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْأَرْضُ الْمُقَدَّسَةُ هِيَ الْأَرْضُ الْمُطَهَّرَةُ طُهِّرَتْ مِنَ الْآفَاتِ. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: طُهِّرَتْ مِنَ الشِّرْكِ وَجُعِلَتْ مَسْكَنًا وَقَرَارًا لِلْأَنْبِيَاءِ، وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ تِلْكَ الْأَرْضَ لَمَّا قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ مَا كَانَتْ مُقَدَّسَةً عَنِ الشِّرْكِ، وَمَا كَانَتْ مَقَرًّا لِلْأَنْبِيَاءِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهَا كَانَتْ كَذَلِكَ فِيمَا قَبْلُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: اخْتَلَفُوا فِي تِلْكَ الْأَرْضِ، فَقَالَ عِكْرِمَةُ وَالسُّدِّيُّ وَابْنُ زَيْدٍ: هِيَ أَرِيحَا وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: دِمَشْقُ وَفِلَسْطِينُ وَبَعْضُ الْأُرْدُنِ، وَقِيلَ الطُّورُ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: فِي قَوْلِهِ كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وُجُوهٌ: أَحَدُهَا: كَتَبَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ أَنَّهَا لَكُمْ وَثَانِيهَا:
وَهَبَهَا اللَّه لَكُمْ، وَثَالِثُهَا: أَمَرَكُمْ بِدُخُولِهَا.
فَإِنْ قِيلَ: لِمَ قَالَ كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ثُمَّ قَالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ [الْمَائِدَةِ: 26] .
وَالْجَوَابُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَتْ هِبَةً ثُمَّ حَرَّمَهَا عَلَيْهِمْ بِشُؤْمِ تَمَرُّدِهِمْ وَعِصْيَانِهِمْ. وَقِيلَ: اللَّفْظُ وَإِنْ كَانَ عَامًّا لَكِنَّ الْمُرَادَ هُوَ الْخُصُوصُ، فَصَارَ كَأَنَّهُ مَكْتُوبٌ لِبَعْضِهِمْ وَحَرَامٌ عَلَى بَعْضِهِمْ. وَقِيلَ: إِنَّ الْوَعْدَ بِقَوْلِهِ كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ مَشْرُوطٌ بِقَيْدِ الطَّاعَةِ، فَلَمَّا لَمْ يُوجَدِ الشَّرْطُ لَا جَرَمَ لَمْ يُوجَدِ الْمَشْرُوطُ، وَقِيلَ: إِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَلَمَّا مَضَى الْأَرْبَعُونَ حَصَلَ مَا كَتَبَ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: فِي قَوْلِهِ كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ فَائِدَةٌ عَظِيمَةٌ، وَهِيَ أَنَّ الْقَوْمَ وَإِنْ كَانُوا جَبَّارِينَ إِلَّا أَنَّ اللَّه

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 332
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست