responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 238
لَكُمْ ذَلِكَ، وَهَذَا الْوَجْهُ أَوْلَى لِأَنَّ التَّفَاوُتَ فِي الْمَيْلِ الْقَلْبِيِّ لَمَّا كَانَ خَارِجًا عَنِ الْوُسْعِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَاجَةٌ إِلَى الْمَغْفِرَةِ.

[سورة النساء (4) : آية 130]
وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ وَكانَ اللَّهُ واسِعاً حَكِيماً (130)
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ جَوَازَ الصُّلْحِ إِنْ أَرَادَا ذَلِكَ، فَإِنْ رَغِبَا فِي الْمُفَارَقَةِ فاللَّه سُبْحَانَهُ بَيَّنَ جَوَازَهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَيْضًا، وَوَعَدَ لَهُمَا أَنْ يُغْنِيَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ بَعْدَ الطَّلَاقِ، أَوْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّهُ يُغْنِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِزَوْجٍ خَيْرٍ مِنْ زَوْجِهِ الْأَوَّلِ، وَيَعِيشُ أَهْنَأَ مِنْ عَيْشِهِ الْأَوَّلِ.
ثُمَّ قَالَ: وَكانَ اللَّهُ واسِعاً حَكِيماً وَالْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا وَعَدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنَّهُ يُغْنِيهِ مِنْ/ سَعَتِهِ وَصَفَ نَفْسَهُ بِكَوْنِهِ وَاسِعًا، وَإِنَّمَا جَازَ وَصْفُ اللَّه تَعَالَى بِذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى وَاسِعُ الرِّزْقِ، وَاسِعُ الْفَضْلِ، وَاسِعُ الرَّحْمَةِ، وَاسِعُ الْقُدْرَةِ، وَاسِعُ الْعِلْمِ، فَلَوْ ذَكَرَ تعالى أنه واسع في كذا لا ختص ذَلِكَ بِذَلِكَ الْمَذْكُورِ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْوَاسِعَ وَمَا أَضَافَهُ إِلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ وَاسِعٌ فِي جَمِيعِ الْكَمَالَاتِ، وَتَحْقِيقُهُ فِي الْعَقْلِ أَنَّ الْمَوْجُودَ إِمَّا وَاجِبٌ لِذَاتِهِ، وَإِمَّا مُمْكِنٌ لِذَاتِهِ، وَالْوَاجِبُ لِذَاتِهِ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَمَا سِوَاهُ مُمْكِنٌ لِذَاتِهِ لَا يُوجَدُ إِلَّا بِإِيجَادِ اللَّه الْوَاجِبِ لِذَاتِهِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ كُلُّ مَا سِوَاهُ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ فَإِنَّمَا يُوجَدُ بِإِيجَادِهِ وَتَكْوِينِهِ، فَلَزِمَ مِنْ هَذَا كَوْنُهُ وَاسِعَ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْحِكْمَةِ، وَالرَّحْمَةِ، وَالْفَضْلِ وَالْجُودِ، وَالْكَرَمِ. وَقَوْلُهُ حَكِيماً قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ فِيمَا حَكَمَ وَوَعَظَ وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: يُرِيدُ فِيمَا حَكَمَ عَلَى الزَّوْجِ مِنْ إِمْسَاكِهَا بمعروف أو تسريح بإحسان.

[سورة النساء (4) : الآيات 131 الى 134]
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيداً (131) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلاً (132) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكانَ اللَّهُ عَلى ذلِكَ قَدِيراً (133) مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً (134)
وَفِي تَعَلُّقِ هَذِهِ الْآيَةِ بِمَا قَبْلَهَا وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ يُغْنِي كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ، وَأَنَّهُ وَاسِعٌ أَشَارَ إِلَى مَا هُوَ كَالتَّفْسِيرِ لِكَوْنِهِ وَاسِعًا فَقَالَ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ يَعْنِي/ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ وَاسِعَ الْقُدْرَةِ وَالْعِلْمِ وَالْجُودِ وَالْفَضْلِ وَالرَّحْمَةِ. الثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ بَيَّنَ أَنَّهُ مَا أَمَرَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ لاحتياجه إلى أعمال العباد، لأن مالك السموات وَالْأَرْضِ كَيْفَ يُعْقَلُ أَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا إِلَى عَمَلِ الْإِنْسَانِ مَعَ مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الضَّعْفِ وَالْقُصُورِ، بَلْ إِنَّمَا أَمَرَ بِهَا رِعَايَةً لِمَا هُوَ الْأَحْسَنُ لَهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ وَأُخْرَاهُمْ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْمُرَادُ بِالْآيَةِ أَنَّ الْأَمْرَ بِتَقْوَى اللَّه شَرِيعَةٌ عَامَّةٌ لِجَمِيعِ الْأُمَمِ لَمْ يَلْحَقْهَا نَسْخٌ وَلَا تَبْدِيلٌ، بَلْ هُوَ وَصِيَّةُ اللَّه فِي الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 238
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست