responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 234
وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى الْمَجْرُورِ فِي قَوْلِهِ فِيهِنَّ وَالْمَعْنَى: قُلِ اللَّه يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَفِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ، قَالَ الزَّجَّاجُ: وَهَذَا الْوَجْهُ بَعِيدٌ جِدًّا نَظَرًا إِلَى اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى، أَمَّا اللَّفْظُ فَلِأَنَّهُ يَقْتَضِي عَطْفَ الْمُظْهَرِ عَلَى الْمُضْمَرِ، وَذَلِكَ غَيْرُ جائز كما شرحناه في قوله تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ [النِّسَاءِ: 1] وَأَمَّا الْمَعْنَى فَلِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ يَقْتَضِي أَنَّهُ تَعَالَى فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ أَفْتَى وَيُفْتِي أَيْضًا فِيمَا يُتْلَى مِنَ الْكِتَابِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ تَعَالَى يُفْتِي فِيمَا سَأَلُوا مِنَ الْمَسَائِلِ. بقي هاهنا سُؤَالَانِ:
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: بِمَ تَعَلَّقَ قَوْلُهُ فِي يَتامَى النِّساءِ.
قُلْنَا: هُوَ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ صِلَةُ يُتْلى أَيْ يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي مَعْنَاهُنَّ، وَأَمَّا فِي سَائِرِ الْوُجُوهِ فَبَدَلٌ مِنْ فِيهِنَّ.
السُّؤَالُ الثَّانِي: الْإِضَافَةُ فِي يَتامَى النِّساءِ مَا هِيَ؟
الْجَوَابُ: قَالَ الْكُوفِيُّونَ: مَعْنَاهُ فِي النِّسَاءِ الْيَتَامَى، فَأُضِيفَتِ الصِّفَةُ إِلَى الِاسْمِ، كَمَا تَقُولُ: يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَحَقُّ الْيَقِينِ. وَقَالَ الْبَصْرِيُّونَ: إِضَافَةُ الصِّفَةِ إِلَى الِاسْمِ غَيْرُ جَائِزٍ فَلَا يُقَالُ مَرَرْتُ بِطَالِعَةِ الشَّمْسِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الصِّفَةَ وَالْمَوْصُوفَ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَإِضَافَةُ الشَّيْءِ إِلَى نَفْسِهِ مُحَالٌ. وَهَذَا التَّعْلِيلُ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْمَوْصُوفَ قَدْ يَبْقَى بِدُونِ الْوَصْفِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَوْصُوفَ غَيْرُ الصِّفَةِ، ثُمَّ إِنَّ الْبَصْرِيِّينَ فَرَّعُوا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَقَالُوا: النِّسَاءُ فِي الْآيَةِ غَيْرُ الْيَتَامَى، وَالْمُرَادُ بِالنِّسَاءِ أُمَّهَاتُ الْيَتَامَى أُضِيفَتْ إِلَيْهِنَّ أَوْلَادُهُنَّ الْيَتَامَى، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ أُمِّ كُحَّةَ، وَكَانَتْ لَهَا يَتَامَى.
ثُمَّ قَالَ: اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ مَا فُرِضَ لَهُنَّ مِنَ الْمِيرَاثِ، وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ:
نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي مِيرَاثِ الْيَتَامَى وَالصِّغَارِ، وَعَلَى قَوْلِ الْبَاقِينَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مَا كُتِبَ/ لَهُنَّ الصَّدَاقُ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: هَذَا يَحْتَمِلُ الرَّغْبَةَ وَالنَّفْرَةَ، فَإِنْ حَمَلْتَهُ عَلَى الرَّغْبَةِ كَانَ الْمَعْنَى: وَتَرْغَبُونَ فِي أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ، وَإِنْ حَمَلْتَهُ عَلَى النَّفْرَةِ كَانَ الْمَعْنَى: وَتَرْغَبُونَ عَنْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ لِدَمَامَتِهِنَّ. وَاحْتَجَّ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّه بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِغَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ تَزْوِيجُ الصَّغِيرَةِ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ: وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا بَلَغْنَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِنَا:
أَنَّ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ زَوَّجَ بِنْتَ أَخِيهِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ مِنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ عُمَرَ، فَخَطَبَهَا الْمُغِيرَةُ بْنُ شعبة ورغب أمها في المال، فجاؤا إِلَى رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ قُدَامَةُ: أَنَا عَمُّهَا وَوَصِيُّ أَبِيهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهَا صَغِيرَةٌ وَإِنَّهَا لَا تُزَوَّجُ إِلَّا بِإِذْنِهَا، وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ ابْنِ عُمَرَ،
وَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْآيَةِ أَكْثَرُ مِنْ ذِكْرِ رَغْبَةِ الْأَوْلِيَاءِ فِي نِكَاحِ الْيَتِيمَةِ، وَذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ وَهُوَ مَجْرُورٌ مَعْطُوفٌ عَلَى يَتَامَى النِّسَاءِ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُوَرِّثُونَ الْأَطْفَالَ وَلَا النِّسَاءَ، وَإِنَّمَا يُوَرِّثُونَ الرِّجَالَ الَّذِينَ بَلَغُوا إِلَى الْقِيَامِ بِالْأُمُورِ الْعَظِيمَةِ دُونَ الْأَطْفَالِ وَالنِّسَاءِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ وَهُوَ مَجْرُورٌ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَتَقْدِيرُ الْآيَةِ: وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ يُفْتِيكُمْ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ وَفِي الْمُسْتَضْعَفِينَ وَفِي أَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِهِ عَلِيماً يُجَازِيكُمْ عَلَيْهِ وَلَا يَضِيعُ عِنْدَ اللَّه مِنْهُ شيء.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 234
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست