responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 206
بِمَعْنَى الْحِرَاسَةِ لِلطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ واللَّه أَعْلَمُ.
وَلَنَرْجِعْ إلى تفسير الآية [قوله تعالى وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ إلى قوله أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ] فَنَقُولُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ أَيْ وَإِذَا كُنْتَ أَيُّهَا النَّبِيُّ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ فِي غَزَوَاتِهِمْ وَخَوْفِهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَالْمَعْنَى فَاجْعَلْهُمْ طَائِفَتَيْنِ، فَلْتَقُمْ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ مَعَكَ فَصَلِّ بِهِمْ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ، وَالضَّمِيرُ إِمَّا لِلْمُصَلِّينَ وَإِمَّا لِغَيْرِهِمْ، فَإِنْ كَانَ لِلْمُصَلِّينَ فَقَالُوا: يَأْخُذُونَ مِنَ السِّلَاحِ مَا لَا يَشْغَلُهُمْ عَنِ الصَّلَاةِ كَالسَّيْفِ وَالْخِنْجَرِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ أَقْرَبُ إِلَى الِاحْتِيَاطِ وَأَمْنَعُ لِلْعَدُوِّ مِنَ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ الْمُصَلِّينَ فَلَا كَلَامَ فِيهِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَمْرًا لِلْفَرِيقَيْنِ بِحَمْلِ السِّلَاحِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَقْرَبُ إِلَى الِاحْتِيَاطِ.
ثُمَّ قَالَ: فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا.
يَعْنِي غَيْرَ الْمُصَلِّينَ مِنْ وَرائِكُمْ يَحْرُسُونَكُمْ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ أَدَاءَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى مَعَ الْإِمَامِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ كَهُوَ فِي صَلَاةِ الْأَمْنِ، إِنَّمَا التَّفَاوُتُ يَقَعُ فِي أَدَاءِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فِيهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا/ مَذَاهِبَ النَّاسِ فِيهَا.
ثُمَّ قَالَ: وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ دَالَّةٌ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ.
ثُمَّ قَالَ: وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ الْحِذْرَ وَهُوَ التَّحَذُّرُ وَالتَّيَقُّظُ آلَةً يَسْتَعْمِلُهَا الْغَازِي، فَلِذَلِكَ جُمِعَ بَيْنَهُ وبني الْأَسْلِحَةِ فِي الْأَخْذِ وَجُعِلَا مَأْخُوذَيْنِ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّه: وَفِيهِ رُخْصَةٌ لِلْخَائِفِ فِي الصَّلَاةِ بِأَنْ يَجْعَلَ بَعْضَ فِكْرِهِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ.
فَإِنْ قِيلَ: لِمَ ذَكَرَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى أَسْلِحَتَهُمْ فَقَطْ، وَذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ.
قُلْنَا: لِأَنَّ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ قَلَّمَا يَتَنَبَّهُ الْعَدُوُّ لِكَوْنِ الْمُسْلِمِينَ فِي الصَّلَاةِ، بَلْ يَظُنُّونَ كَوْنَهُمْ قَائِمِينَ لِأَجْلِ الْمُحَارَبَةِ أَمَّا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَقَدْ ظَهَرَ لِلْكُفَّارِ كَوْنُهُمْ فِي الصَّلَاةِ، فَهَهُنَا يَنْتَهِزُونَ الْفُرْصَةَ فِي الْهُجُومِ عَلَيْهِمْ، فَلَا جَرَمَ خَصَّ اللَّه تَعَالَى هَذَا الْمَوْضِعَ بِزِيَادَةِ تَحْذِيرٍ فَقَالَ: وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً أَيْ بِالْقِتَالِ.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ الظُّهْرَ، وَرَأَى الْمُشْرِكُونَ ذَلِكَ، فَقَالُوا بَعْدَ ذَلِكَ:
بِئْسَمَا صَنَعْنَا حَيْثُ لَمْ نُقْدِمْ عَلَيْهِمْ، وَعَزَمُوا عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى، فَأَطْلَعَ اللَّه نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَسْرَارِهِمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إِنْ تَعَذَّرَ حَمْلُ السِّلَاحِ إِمَّا لِأَنَّهُ يُصِيبُهُ بَلَلُ الْمَطَرِ فَيَسْوَدُّ وَتَفْسُدُ حِدَّتُهُ، أَوْ لِأَنَّ مِنَ الْأَسْلِحَةِ مَا يَكُونُ مُبَطَّنًا فَيَثْقُلُ على لا بسه إِذَا ابْتَلَّ بِالْمَاءِ، أَوْ لِأَجْلِ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ مَرِيضًا فَيَشُقُّ عَلَيْهِ حَمْلُ السَّلَاحِ، فَهَهُنَا لَهُ أَنْ يَضَعَ حَمْلَ السِّلَاحِ.
ثُمَّ قَالَ: وَخُذُوا حِذْرَكُمْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَمَّا رَخَّصَ لَهُمْ فِي وَضْعِ السِّلَاحِ حَالَ الْمَطَرِ وَحَالَ الْمَرَضِ أَمَرَهُمْ مَرَّةً أُخْرَى بِالتَّيَقُّظِ وَالتَّحَفُّظِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي الْحِذْرِ، لِئَلَّا يَجْتَرِئَ الْعَدُوُّ عَلَيْهِمُ احْتِيَالًا فِي الْمَيْلِ عَلَيْهِمْ وَاسْتِغْنَامًا مِنْهُمْ لِوَضْعِ الْمُسْلِمِينَ أَسْلِحَتَهُمْ، وفيه مسائل:

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 206
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست