responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 199
الْجِهَادِ، وَهُوَ أَنَّ مَنْ خَرَجَ إِلَى السَّفَرِ لِأَجْلِ الرَّغْبَةِ فِي الْهِجْرَةِ، فَقَدْ وَجَدَ ثَوَابَ الْهِجْرَةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّرْغِيبَ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِهَذَا الْمَعْنَى، فَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ هُوَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ ثَوَابُ ذَلِكَ الْقَدْرِ مِنَ الْعَمَلِ، فَلَا يَصْلُحُ مُرَغِّبًا، لِأَنَّهُ قَدْ عَرَفَ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَتَى بِعَمَلٍ فَإِنَّهُ يَجِدُ الثَّوَابَ الْمُرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ الْقَدْرِ مِنَ الْعَمَلِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ/
قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»
وَأَيْضًا
رُوِيَ في قصة جُنْدَبِ بْنِ ضَمْرَةَ، أَنَّهُ لَمَّا قَرُبَ مَوْتُهُ أَخَذَ يُصَفِّقُ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ، وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ هَذِهِ لَكَ، وَهَذِهِ لِرَسُولِكَ أُبَايِعُكَ عَلَى مَا بَايَعَكَ عَلَيْهِ رَسُولُكَ، ثُمَّ مَاتَ فَبَلَغَ خَبَرُهُ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: لَوْ تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ يُوجِبُ الثَّوَابَ عَلَى اللَّه، لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ:
فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى قَوْلِنَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ ذَكَرَ لَفْظَ الْوُقُوعِ، وَحَقِيقَةُ الْوُجُوبِ هِيَ الْوُقُوعُ وَالسُّقُوطُ، قَالَ تَعَالَى: فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها [الْحَجِّ: 26] أَيْ وَقَعَتْ وَسَقَطَتْ. وَثَانِيهَا: أَنَّهُ ذُكِرَ بِلَفْظِ الْأَجْرِ، وَالْأَجْرُ عِبَارَةٌ عَنِ الْمَنْفَعَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ، فَأَمَّا الَّذِي لَا يَكُونُ مُسْتَحَقًّا فَذَاكَ لَا يُسَمَّى أَجْرًا بَلْ هِبَةً.
وَثَالِثُهَا: قَوْلُهُ: عَلَى اللَّهِ وَكَلِمَةُ (عَلَى) لِلْوُجُوبِ، قَالَ تَعَالَى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ [آلِ عِمْرَانَ: 97] وَالْجَوَابُ: أَنَّنَا لَا نُنَازِعُ فِي الْوُجُوبِ، لَكِنْ بِحُكْمِ الْوَعْدِ وَالْعِلْمِ وَالتَّفَضُّلِ وَالْكَرَمِ، لَا بِحُكْمِ الِاسْتِحْقَاقِ الَّذِي لَوْ لَمْ يَفْعَلْ لَخَرَجَ عَنِ الْإِلَهِيَّةِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا دَلَائِلَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: اسْتَدَلَّ قَوْمٌ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ الْغَازِيَ إِذَا مَاتَ فِي الطَّرِيقِ وَجَبَ سَهْمُهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ، كَمَا وَجَبَ أَجْرُهُ. وَهَذَا ضَعِيفٌ، لِأَنَّ لَفْظَ الْآيَةِ مَخْصُوصٌ بِالْأَجْرِ، وَأَيْضًا فَاسْتِحْقَاقُ السَّهْمِ مِنَ الْغَنِيمَةِ مُتَعَلِّقٌ بِحِيَازَتِهَا، إِذْ لَا تَكُونُ غَنِيمَةً إِلَّا بَعْدَ حِيَازَتِهَا، قَالَ تَعَالَى: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ [الْأَنْفَالِ: 41] واللَّه أَعْلَمُ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً أَيْ يَغْفِرُ مَا كَانَ مِنْهُ مِنَ الْقُعُودِ إِلَى أَنْ خَرَجَ، ويرحمه بإكمال أجر المجاهدة.

[سورة النساء (4) : آية 101]
وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً (101)
[في قوله تعالى وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ] اعْلَمْ أَنَّ أَحَدَ الْأُمُورِ الَّتِي يَحْتَاجُ الْمُجَاهِدُ إِلَيْهَا مَعْرِفَةُ كَيْفِيَّةِ أَدَاءِ الصَّلَاةِ فِي زَمَانِ الْخَوْفِ، وَالِاشْتِغَالِ بِمُحَارَبَةِ الْعَدُوِّ فَلِهَذَا الْمَعْنَى ذَكَرَهُ اللَّه تعالى فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَهَاهُنَا مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ الْوَاحِدِيُّ: يُقَالُ قَصَرَ فُلَانٌ صَلَاتَهُ وَأَقْصَرَهَا وَقَصَّرَهَا، كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ/ وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَقْصُرُوا مِنْ أَقْصَرَ، وَقَرَأَ الزُّهْرِيُّ: مِنْ قَصَرَ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى اللُّغَاتِ الثَّلَاثِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: اعْلَمْ أَنَّ لَفْظَ الْقَصْرِ مُشْعِرٌ بِالتَّخْفِيفِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الْقَصْرُ فِي كَمِّيَّةِ الرَّكَعَاتِ وَعَدَدِهَا أَوْ فِي كَيْفِيَّةِ أَدَائِهَا، فَلَا جَرَمَ حَصَلَ فِي الْآيَةِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الْقَصْرُ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ، ثُمَّ الْقَائِلُونَ بِهَذَا الْقَوْلِ اخْتَلَفُوا أَيْضًا عَلَى قَوْلَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ صَلَاةُ الْمُسَافِرِ، وَهُوَ أَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ تَكُونُ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، فَإِنَّهَا تَصِيرُ فِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، فَعَلَى هَذَا الْقَصْرِ إِنَّمَا يَدْخُلُ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ، أَمَّا الْمَغْرِبُ وَالصُّبْحُ، فَلَا يَدْخُلُ فِيهِمَا الْقَصْرُ. الثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 199
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست