responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 19
الْوَطْءِ عِبَارَةٌ عَنْ تَجَاوُرِ الْأَجْسَامِ وَتَلَاصُقِهَا، وَالضَّمُّ الْحَاصِلُ فِي الْعَقْدِ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ أَصْوَاتٌ غَيْرُ بَاقِيَةٍ، فَمَعْنَى الضَّمِّ وَالتَّلَاقِي وَالتَّجَاوُرِ فِيهَا مُحَالٌ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ ثَبَتَ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْوَطْءِ وَبَيْنَ الْعَقْدِ مَفْهُومٌ مُشْتَرَكٌ حَتَّى يُقَالَ: إِنَّ لَفْظَ النِّكَاحِ حَقِيقَةٌ فِيهِ، فَإِذَا بَطَلَ ذَلِكَ لَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: لَفْظُ النِّكَاحِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْوَطْءِ وَبَيْنَ الْعَقْدِ، وَيُقَالَ: إِنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي أَحَدِهِمَا مَجَازٌ فِي الْآخَرِ، وَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ الْكَلَامُ إِلَى الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، فَهَذَا هُوَ الْكَلَامُ الْمُلَخَّصُ فِي هَذَا.
الْوَجْهُ الثَّانِي: فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ أَنْ نَقُولَ: سَلَّمْنَا أَنَّ النِّكَاحَ بِمَعْنَى الْوَطْءِ، وَلَكِنْ لِمَ قُلْتُمْ:
إِنَّ قَوْلَهُ: مَا نَكَحَ آباؤُكُمْ الْمُرَادُ مِنْهُ الْمَنْكُوحَةُ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّ لَفْظَةَ «مَا» حَقِيقَةٌ فِي غير العقلاء، فلو كان المراد منه هاهنا الْمَنْكُوحَةَ لَزِمَ هَذَا الْمَجَازُ، وَإِنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ، بَلْ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ «مَا» مع بَعْدَهَا فِي تَقْدِيرِ الْمَصْدَرِ، فَتَقْدِيرُ الْآيَةِ: وَلَا تَنْكِحُوا نِكَاحَ آبَائِكُمْ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمُرَادُ مِنْهُ النَّهْيَ عَنْ أَنْ تَنْكِحُوا نِكَاحًا مِثْلَ نِكَاحِ آبَائِكُمْ، فَإِنَّ أَنَكِحَتَهُمْ كَانَتْ بِغَيْرِ وَلِيٍّ ولا شهود، وكانت موقتة، وَكَانَتْ عَلَى سَبِيلِ الْقَهْرِ وَالْإِلْجَاءِ، فاللَّه تَعَالَى نَهَاهُمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الْأَنْكِحَةِ، وَهَذَا الْوَجْهُ مَنْقُولٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ: سَلَّمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ: مَا نَكَحَ آباؤُكُمْ الْمَنْكُوحَةُ، وَالتَّقْدِيرُ: وَلَا تَنْكِحُوا مَنْ نَكَحَ آبَاؤُكُمْ وَلَكِنَّ قَوْلَهُ: مَنْ نَكَحَ آبَاؤُكُمْ لَيْسَ صَرِيحًا فِي الْعُمُومِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَصِحُّ إِدْخَالُ لَفْظَيِ الْكُلِّ وَالْبَعْضِ عَلَيْهِ، فَيُقَالُ: وَلَا تَنْكِحُوا كُلَّ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ وَلَا تَنْكِحُوا بَعْضَ مَنْ نَكَحَ آبَاؤُكُمْ، وَلَوْ كَانَ هَذَا صَرِيحًا فِي الْعُمُومِ لَكَانَ إِدْخَالُ لَفْظِ/ الْكُلِّ عَلَيْهِ تَكْرِيرًا، وَإِدْخَالُ لَفْظِ الْبَعْضِ عَلَيْهِ نَقْصًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَثَبَتَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آباؤُكُمْ لَا يُفِيدُ الْعُمُومَ، وَإِذَا لَمْ يُفِدِ الْعُمُومَ لَمْ يَتَنَاوَلْ مَحَلَّ النِّزَاعِ.
لَا يُقَالُ: لَوْ لَمْ يُفِدِ الْعُمُومَ لَمْ يَكُنْ صَرْفُهُ إِلَى بَعْضِ الْأَقْسَامِ أَوْلَى مِنْ صَرْفِهِ إِلَى الْبَاقِي، فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ مُجْمَلًا غَيْرَ مُفِيدٍ، وَالْأَصْلُ أَنْ لَا يَكُونَ كَذَلِكَ.
لِأَنَّا نَقُولُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ بِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يُفِيدَ الْعُمُومَ لَمْ يَكُنْ صَرْفُهُ إِلَى الْبَعْضِ أَوْلَى مِنْ صَرْفِهِ إِلَى غَيْرِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُفَسِّرِينَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ سَبَبَ نُزُولِهِ إِنَّمَا هُوَ التَّزَوُّجُ بِزَوْجَاتِ الْآبَاءِ، فَكَانَ صَرْفُهُ إِلَى هَذَا الْقِسْمِ أَوْلَى، وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ لَا يَلْزَمُ كَوْنُ الْآيَةِ مُجْمَلَةً، وَلَا يَلْزَمُ كَوْنُهَا مُتَنَاوِلَةً لِمَحَلِّ النِّزَاعِ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: سَلَّمْنَا أَنَّ هَذَا النَّهْيَ يَتَنَاوَلُ مَحَلَّ النِّزَاعِ، لَكِنْ لِمَ قُلْتُمْ: إِنَّهُ يُفِيدُ التَّحْرِيمَ؟ أَلَيْسَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَقْسَامِ النَّهْيِ لَا يُفِيدُ التَّحْرِيمَ، بَلْ يُفِيدُ التَّنْزِيهَ، فَلِمَ قُلْتُمْ: إِنَّهُ لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ؟ أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنْ يُقَالَ:
هَذَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، وَلَكِنْ يَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ إِذَا دَلَّ الدَّلِيلُ، وَسَنَذْكُرُ دَلَائِلَ صِحَّةِ هَذَا النِّكَاحِ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ مَا ذَكَرْتُمْ هَبْ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ هذا النكاح، إلا أن هاهنا مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا النِّكَاحِ وَهُوَ مِنْ وُجُوهٍ:
الْحُجَّةُ الْأُولَى: هَذَا النِّكَاحُ مُنْعَقِدٌ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا، بَيَانُ أَنَّهُ مُنْعَقِدٌ أَنَّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّه

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 19
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست