responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 18
لِأَنَّا نَقُولُ: أَنْتُمْ تُسَاعِدُونَ عَلَى أَنَّ لَفْظَ النِّكَاحِ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْعَقْدِ، فَلَوْ قُلْنَا: إِنَّ النِّكَاحَ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ لَزِمَ دُخُولُ التَّخْصِيصِ فِي الْآيَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، وَلَزِمَ الْقَوْلُ بِالْمَجَازِ فِي الْآيَاتِ الَّتِي ذُكِرَ النِّكَاحُ فِيهَا بِمَعْنَى الْعَقْدِ، أَمَّا لَوْ قُلْنَا: إِنَّ النِّكَاحَ فِيهَا بِمَعْنَى الْوَطْءِ فَلَا يَلْزَمُنَا التَّخْصِيصُ، فَقَوْلُكُمْ يُوجِبُ الْمَجَازَ وَالتَّخْصِيصَ مَعًا، وَقَوْلُنَا يُوجِبُ الْمَجَازَ فَقَطْ، فَكَانَ قَوْلُنَا أَوْلَى.
الْوَجْهُ الثَّانِي: مِنَ الْوُجُوهِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ لَيْسَ حَقِيقَةً فِي الْوَطْءِ
قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «وُلِدْتُ مِنْ نِكَاحٍ وَلَمْ أُولَدْ مِنْ سِفَاحٍ»
أَثْبَتَ نَفْسَهُ مَوْلُودًا مِنَ النِّكَاحِ وَغَيْرَ مَوْلُودٍ مِنَ السِّفَاحِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ السِّفَاحُ نِكَاحًا، وَالسِّفَاحُ وَطْءٌ، فَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ الْوَطْءُ نِكَاحًا.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ مَنْ حَلَفَ فِي أَوْلَادِ الزِّنَا: أَنَّهُمْ لَيْسُوا أَوْلَادَ النِّكَاحِ لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ كَانَ الْوَطْءُ نِكَاحًا لَوَجَبَ أَنْ يَحْنَثَ، وَهَذَا دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّ الْوَطْءَ لَيْسَ مُسَمًّى بِالنِّكَاحِ عَلَى سَبِيلِ الْحَقِيقَةِ. الثَّانِي: سَلَّمْنَا أَنَّ الْوَطْءَ مُسَمًّى بِالنِّكَاحِ، لَكِنَّ الْعَقْدَ أَيْضًا مُسَمًّى بِهِ، فَلِمَ كَانَ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى مَا ذَكَرْتُمْ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا؟
أَمَّا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ فَهُوَ فِي غَايَةِ الرَّكَاكَةِ، وبيانه من وجهين: الأول: أو الوطء مسبب العقد، فكما يحسن إطلاق اسم الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ مَجَازًا فَكَذَلِكَ يَحْسُنُ إِطْلَاقُ اسْمِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ مَجَازًا. فَكَمَا يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: النِّكَاحُ اسْمٌ لِلْوَطْءِ ثُمَّ أُطْلِقَ هَذَا الِاسْمُ عَلَى الْعَقْدِ لِكَوْنِهِ سَبَبًا لِلْوَطْءِ، فَكَذَلِكَ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: النِّكَاحُ اسْمٌ لِلْعَقْدِ، ثُمَّ أُطْلِقَ هَذَا الِاسْمُ عَلَى الْوَطْءِ لِكَوْنِ الْوَطْءِ مُسَبَّبًا لَهُ، فَلِمَ كَانَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ؟ بَلِ الِاحْتِمَالُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَوْلَى، لِأَنَّ اسْتِلْزَامَ السَّبَبِ لِلْمُسَبَّبِ أَتَمُّ مِنِ اسْتِلْزَامِ الْمُسَبَّبِ لِلسَّبَبِ الْمُعَيَّنِ، فَإِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ لِحُصُولِ الْحَقِيقَةِ الْوَاحِدَةِ أَسْبَابٌ كَثِيرَةٌ، كَالْمِلْكِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْإِرْثِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُلَازَمَةَ شَرْطٌ لِجَوَازِ الْمَجَازِ، فَثَبَتَ أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ اسْمَ النِّكَاحِ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ أَوْلَى مِنْ عَكْسِهِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ النِّكَاحَ لَوْ كَانَ حَقِيقَةً فِي الْوَطْءِ مَجَازًا فِي الْعَقْدِ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ الْوَاحِدِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ مَعًا، فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ أَنْ لَا تَكُونَ الْآيَةُ دَالَّةً/ عَلَى حُكْمِ الْعَقْدِ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ قَدِ الْتَزَمَهُ الْكَرْخِيُّ لَكِنَّهُ مَدْفُوعٌ بِالدَّلِيلِ الْقَاطِعِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُفَسِّرِينَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَزَوَّجُونَ بِأَزْوَاجِ آبَائِهِمْ، وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ الْآيَةِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ دَاخِلًا تَحْتَ الْآيَةِ، بَلِ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ غَيْرَهُ هَلْ يَدْخُلُ تحت الآية أم لا؟ وأما كون سبب النُّزُولِ دَاخِلًا فِيهَا فَذَاكَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْأُمَّةِ، فَإِذَا ثَبَتَ بِإِجْمَاعِ الْمُفَسِّرِينَ، أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ الْعَقْدُ لَا الْوَطْءُ، وَثَبَتَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ سَبَبَ النُّزُولِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مُرَادًا، ثَبَتَ بِالْإِجْمَاعِ أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْعَقْدِ مُرَادٌ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ، فَكَانَ قَوْلُ الْكَرْخِيِّ وَاقِعًا عَلَى مُضَادَّةِ هَذَا الدَّلِيلِ الْقَاطِعِ، فَكَانَ فَاسِدًا مَرْدُودًا قَطْعًا.
أَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي: مِمَّا ذَكَرُوهُ وَهُوَ أَنَّا نَحْمِلُ لَفْظَ النِّكَاحِ عَلَى مَفْهُومَيْهِ، فَنَقُولُ: هَذَا أَيْضًا بَاطِلٌ، وَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ بُطْلَانِهِ فِي أُصُولِ الفقه.
وأما الْوَجْهُ الثَّالِثُ: فَهُوَ أَحْسَنُ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَهُوَ أَيْضًا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الضَّمَّ الحاصل في

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 18
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست