responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 1  صفحه : 145
بِالْحَقِّ، وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ لَا يَكُونُ إِلَهًا فِي الْأَزَلِ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُنْعِمُ بِجَمِيعِ النِّعَمِ أُصُولِهَا وَفُرُوعِهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ إِمَّا وَاجِبٌ وَإِمَّا مُمْكِنٌ، وَالْوَاجِبُ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى، وَمَا سِوَاهُ مُمْكِنٌ، وَالْمُمْكِنُ لَا يُوجَبُ إِلَّا بِالْمُرَجَّحِ، فَكُلُّ الْمُمْكِنَاتِ إِنَّمَا وُجِدَتْ بِإِيجَادِهِ وَتَكْوِينِهِ إِمَّا ابْتِدَاءً وَإِمَّا بِوَاسِطَةٍ، فَجَمِيعُ مَا حَصَلَ لِلْعَبْدِ مِنْ أَقْسَامِ النِّعَمِ لَمْ يَحْصُلْ إِلَّا مِنَ اللَّهِ، فَثَبَتَ أَنَّ غَايَةَ الْإِنْعَامِ صَادِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَالْعِبَادَةُ غَايَةُ التَّعْظِيمِ فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: إِنَّ غَايَةَ التَّعْظِيمِ لَا يَلِيقُ إِلَّا لِمَنْ صَدَرَتْ عَنْهُ غَايَةُ الْإِنْعَامِ فَثَبَتَ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِلْعُبُودِيَّةِ لَيْسَ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى.
الْفَرْعُ الثَّانِي: أَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يعبد الله لطلب الثواب وهو جهل وسحف، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّ مَنْ عَبَدَ اللَّهَ لِيَتَوَصَّلَ بِعِبَادَتِهِ إِلَى شَيْءٍ آخَرَ كَانَ الْمَعْبُودُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ ذَلِكَ الشَّيْءُ، فَمَنْ عَبَدَ اللَّهَ لِطَلَبِ الثَّوَابِ كَانَ مَعْبُودُهُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الثَّوَابُ، وَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى وَسِيلَةً إِلَى الْوُصُولِ إِلَى ذَلِكَ الْمَعْبُودِ، وَهَذَا جَهْلٌ عَظِيمٌ.
الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أُصَلِّي لِطَلَبِ الثَّوَابِ أَوْ لِلْخَوْفِ مِنَ الْعِقَابِ، لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ. الثَّالِثُ: أَنَّ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لِغَرَضٍ آخَرَ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ وَجَدَ ذَلِكَ الْغَرَضَ بِطَرِيقٍ آخَرَ لَتَرَكَ الْوَاسِطَةَ، فَمَنْ عَبَدَ اللَّهَ لِلْأَجْرِ وَالثَّوَابِ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ وَجَدَ الْأَجْرَ وَالثَّوَابَ بِطَرِيقٍ آخَرَ لَمْ يَعْبُدِ اللَّهَ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُحِبًّا لِلَّهِ وَلَمْ يَكُنْ رَاغِبًا فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ جَهْلٌ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ لِغَرَضٍ أَعْلَى مِنَ الْأَوَّلِ، وَهُوَ أَنْ يَتَشَرَّفَ بِخِدْمَةِ الله، لأنه إذا شرع في فِي الصَّلَاةِ حَصَلَتِ النِّيَّةُ فِي الْقَلْبِ، وَتِلْكَ النِّيَّةُ عِبَارَةٌ عَنِ الْعِلْمِ بِعِزَّةِ الرُّبُوبِيَّةِ وَذِلَّةِ الْعُبُودِيَّةِ، وَحَصَلَ الذِّكْرُ فِي اللِّسَانِ، وَحَصَلَتِ الْخِدْمَةُ فِي الْجَوَارِحِ وَالْأَعْضَاءِ فَيَتَشَرَّفُ كُلُّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْعَبْدِ بِخِدْمَةِ اللَّهِ، فَمَقْصُودُ الْعَبْدِ حُصُولُ هَذَا الشَّرَفِ.
الْفَرْعُ الثَّالِثُ: مِنَ النَّاسِ مَنْ طَعَنَ فِي قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: الْإِلَهُ هُوَ الْمَعْبُودُ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْأَوْثَانَ عُبِدَتْ مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ آلِهَةً. الثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى إِلَهُ الْجَمَادَاتِ وَالْبَهَائِمِ، مَعَ أَنَّ صُدُورَ الْعِبَادَةِ مِنْهَا مُحَالٌ. الثَّالِثُ:
أَنَّهُ تَعَالَى إِلَهُ الْمَجَانِينِ وَالْأَطْفَالِ، مَعَ أَنَّهُ لَا تَصْدُرُ/ الْعِبَادَةُ عَنْهَا. الرَّابِعُ: أَنَّ الْمَعْبُودَ لَيْسَ لَهُ بِكَوْنِهِ مَعْبُودًا صِفَةٌ، لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِكَوْنِهِ مَعْبُودًا إِلَّا أَنَّهُ مَذْكُورٌ بِذِكْرِ ذَلِكَ الْإِنْسَانِ، وَمَعْلُومٌ بِعِلْمِهِ، وَمُرَادٌ خِدْمَتُهُ بِإِرَادَتِهِ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَلَا تَكُونُ الْإِلَهِيَّةُ صِفَةً لِلَّهِ تَعَالَى. الْخَامِسُ: يَلْزَمُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ تَعَالَى مَا كَانَ إِلَهًا فِي الْأَزَلِ.
الْفَرْعُ الرَّابِعُ: مِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ: الْإِلَهُ لَيْسَ عِبَارَةً عَنِ الْمَعْبُودِ، بَلِ الْإِلَهُ هُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَنْ يَكُونَ مَعْبُودًا، وَهَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَكُونَ إِلَهًا لِلْجَمَادَاتِ وَالْبَهَائِمِ وَالْأَطْفَالِ وَالْمَجَانِينَ، وَأَنْ لَا يَكُونَ إِلَهًا فِي الْأَزَلِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ الْقَادِرُ عَلَى أَفْعَالٍ لَوْ فَعَلَهَا لَاسْتَحَقَّ الْعِبَادَةَ مِمَّنْ يَصِحُّ صُدُورُ الْعِبَادَةِ عَنْهُ، وَاعْلَمْ أَنَّا إِنْ فَسَّرْنَا الْإِلَهَ بِالتَّفْسِيرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لَمْ يَكُنْ إِلَهًا فِي الْأَزَلِ، وَلَوْ فَسَّرْنَاهُ بِالتَّفْسِيرِ الثَّالِثِ كَانَ إِلَهًا فِي الْأَزَلِ.
التَّفْسِيرُ الثَّانِي: الْإِلَهُ مُشْتَقٌّ مِنْ أَلَهْتُ إِلَى فُلَانٍ، أَيْ: سَكَنْتُ إِلَيْهِ، فَالْعُقُولُ لَا تَسْكُنُ إِلَّا إِلَى ذِكْرِهِ وَالْأَرْوَاحُ لَا تَعْرُجُ إِلَّا بِمَعْرِفَتِهِ، وَبَيَانُهُ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْكَمَالَ مَحْبُوبٌ لِذَاتِهِ، وَمَا سِوَى الْحَقِّ فَهُوَ نَاقِصٌ لِذَاتِهِ، لِأَنَّ الْمُمْكِنَ مِنْ حَيْثُ هُوَ هُوَ مَعْدُومٌ، وَالْعَدَمُ أَصْلُ النُّقْصَانِ وَالنَّاقِصُ بِذَاتِهِ لَا يَكْمُلُ إِلَّا بِتَكْمِيلِ الْكَامِلِ بِذَاتِهِ، فَإِذَا كَانَ الْكَامِلُ مَحْبُوبًا لِذَاتِهِ وَثَبَتَ أَنَّ الْحَقَّ كَامِلٌ لِذَاتِهِ وَجَبَ كَوْنُهُ مَحْبُوبًا لِذَاتِهِ. الثَّانِي: أَنَّ كُلَّ مَا سِوَاهُ فَهُوَ مُمْكِنٌ لِذَاتِهِ، وَالْمُمْكِنُ لِذَاتِهِ لَا يَقِفُ عِنْدَ نَفْسِهِ، بَلْ يَبْقَى مُتَعَلِّقًا بِغَيْرِهِ، لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ إِلَّا بِوُجُودِ غَيْرِهِ، فَعَلَى هَذَا كُلُّ مُمْكِنٍ فَإِنَّهُ لَا يَقِفُ عِنْدَ نَفْسِهِ بَلْ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْوَاجِبِ لِذَاتِهِ لَمْ يُوجَدْ، وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ في الوجود

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 1  صفحه : 145
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست