responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 1  صفحه : 146
الْخَارِجِيِّ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ فِي الْوُجُودِ الْعَقْلِيِّ، فَالْعُقُولُ مُتَرَقِّبَةٌ إِلَى عَتَبَةِ رَحْمَتِهِ وَالْخَوَاطِرُ مُتَمَسِّكَةٌ بِذَيْلِ فَضْلِهِ وَكَرَمِهِ، وَهَذَانَ الْوَجْهَانِ عَلَيْهِمَا التَّعْوِيلُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرَّعْدِ: 28] .
التَّفْسِيرُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْوَلَهِ، وَهُوَ ذَهَابُ الْعَقْلِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْخَلْقَ قِسْمَانِ: وَاصِلُونَ إِلَى سَاحِلِ بَحْرِ مَعْرِفَتِهِ، وَمَحْرُومُونَ، فَالْمَحْرُومُونَ قَدْ بَقُوا فِي ظُلُمَاتِ الْحَيْرَةِ وَتِيهِ الْجَهَالَةِ فَكَأَنَّهُمْ فَقَدُوا عُقُولَهُمْ وَأَرْوَاحَهُمْ، وَأَمَّا الْوَاجِدُونَ فَقَدْ وَصَلُوا إِلَى عَرْصَةِ النُّورِ وَفُسْحَةِ الْكِبْرِيَاءِ وَالْجَلَالِ، فَتَاهُوا فِي مَيَادِينِ الصَّمَدِيَّةِ، وَبَادُوا فِي عَرْصَةِ الْفَرْدَانِيَّةِ، فَثَبَتَ أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ وَالِهُونَ فِي مَعْرِفَتِهِ، فَلَا جَرَمَ كَانَ الْإِلَهُ الْحَقُّ لِلْخَلْقِ هُوَ هُوَ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الْأَرْوَاحَ الْبَشَرِيَّةَ تَسَابَقَتْ فِي مَيَادِينِ التَّوْحِيدِ وَالتَّمْجِيدِ فَبَعْضُهَا تَخَلَّفَتْ وَبَعْضُهَا سَبَقَتْ فَالَّتِي تَخَلَّفَتْ بَقِيَتْ فِي ظُلُمَاتِ الْغُبَارِ وَالَّتِي سَبَقَتْ وَصَلَتْ إِلَى عَالَمِ الْأَنْوَارِ، فَالْأَوَّلُونَ بَادُوا فِي أَوْدِيَةِ الظُّلُمَاتِ، وَالْآخَرُونَ طَاشُوا فِي أَنْوَارِ عَالَمِ الْكَرَامَاتِ.
التَّفْسِيرُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ لَاهَ إِذَا ارْتَفَعَ، وَالْحَقُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الْمُرْتَفِعُ عَنْ مُشَابَهَةِ الْمُمْكِنَاتِ وَمُنَاسِبَةِ الْمُحْدَثَاتِ، لِأَنَّ الْوَاجِبَ لِذَاتِهِ لَيْسَ إِلَّا هُوَ، وَالْكَامِلَ لِذَاتِهِ لَيْسَ إِلَّا هُوَ، وَالْأَحَدُ الْحَقُّ فِي هُوِيَّتِهِ لَيْسَ إِلَّا هُوَ، وَالْمُوجِدُ لِكُلِّ مَا سِوَاهُ لَيْسَ إِلَّا هُوَ، وَأَيْضًا فَهُوَ تَعَالَى مُرْتَفِعٌ عَنْ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ ارْتِفَاعَهُ بِحَسَبِ الْمَكَانِ، لِأَنَّ كُلَّ ارْتِفَاعٍ حَصَلَ بِسَبَبِ الْمَكَانِ فَهُوَ لِلْمَكَانِ بِالذَّاتِ وَلِلْمُتَمَكِّنِ بِالْعَرْضِ، لِأَجْلِ حُصُولِهِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَمَا بِالذَّاتِ أَشْرَفُ مِمَّا بِالْغَيْرِ، فَلَوْ كَانَ هَذَا الِارْتِفَاعُ بِسَبَبِ الْمَكَانِ لَكَانَ ذَلِكَ الْمَكَانُ أَعْلَى وَأَشْرَفَ مِنْ ذَاتِ الرَّحْمَنِ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا عَلِمْنَا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَى مِنْ أَنْ يَكُونَ عُلُوُّهُ بِسَبَبِ الْمَكَانِ، وَأَشْرَفُ مِنْ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى شَيْءٍ مِمَّا حَصَلَ فِي عَالَمِ الْإِمْكَانِ.
التَّفْسِيرُ الْخَامِسُ: مِنْ أَلِهَ فِي الشَّيْءِ إِذَا تَحَيَّرَ فِيهِ وَلَمْ يَهْتَدِ إِلَيْهِ، فَالْعَبْدُ إِذَا تَفَكَّرَ فِيهِ تَحَيَّرَ، لِأَنَّ كُلَّ مَا يَتَخَيَّلُهُ الْإِنْسَانُ وَيَتَصَوَّرُهُ فَهُوَ بِخِلَافِهِ، فَإِنْ أَنْكَرَ الْعَقْلُ وُجُودَهُ كَذَّبَتْهُ نَفْسُهُ، لِأَنَّ كُلَّ مَا سِوَاهُ فَهُوَ مُحْتَاجٌ، وَحُصُولُ الْمُحْتَاجِ بِدُونِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ مُحَالٌ، وَإِنْ أَشَارَ إِلَى شَيْءٍ يَضْبُطُهُ الْحِسُّ وَالْخَيَالُ وَقَالَ إِنَّهُ هُوَ كَذَّبَتْهُ نَفْسُهُ أَيْضًا، لِأَنَّ كُلَّ مَا يَضْبُطُهُ الْحِسُّ وَالْخَيَالُ فَأَمَارَاتُ الْحُدُوثِ ظَاهِرَةٌ فِيهِ، فَلَمْ يَبْقَ فِي يَدِ الْعَقْلِ إِلَّا أَنْ يُقِرَّ بِالْوُجُودِ وَالْكَمَالِ مَعَ الِاعْتِرَافِ بِالْعَجْزِ عَنِ الإدراك، فههنا الْعَجْزُ عَنْ دَرْكِ الْإِدْرَاكِ إِدْرَاكٌ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مَوْقِفٌ عَجِيبٌ تَتَحَيَّرُ الْعُقُولُ فِيهِ وَتَضْطَرِبُ الْأَلْبَابُ فِي حَوَاشِيهِ.
التَّفْسِيرُ السَّادِسُ: مِنْ لَاهَ يَلُوهُ إِذَا احْتَجَبَ، وَمَعْنَى كَوْنِهِ مُحْتَجِبًا مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ بِكُنْهِ صَمَدِيَّتِهِ مُحْتَجِبٌ عَنِ الْعُقُولِ. الثَّانِي: أَنْ لَوْ قَدَّرْنَا أَنَّ الشَّمْسَ كَانَتْ وَاقِفَةً فِي وَسَطِ الْفَلَكِ غَيْرَ مُتَحَرِّكَةٍ كَانَتِ الْأَنْوَارُ بَاقِيَةً عَلَى الْجُدْرَانِ غَيْرَ زَائِلَةٍ عَنْهَا، فَحِينَئِذٍ كَانَ يَخْطُرُ بِالْبَالِ أَنَّ هَذِهِ الْأَنْوَارَ الْوَاقِعَةَ عَلَى هَذِهِ الْجُدْرَانِ ذَاتِيَّةٌ لَهَا، إِلَّا لَمَّا شَاهَدْنَا أَنَّ الشَّمْسَ تَغِيبُ وَعِنْدَ غَيْبَتِهَا تَزُولُ هَذِهِ الْأَنْوَارُ عَنْ هَذِهِ الْجُدْرَانِ فَبِهَذَا الطَّرِيقِ عَلِمْنَا أَنَّ هَذِهِ الْأَنْوَارَ فَائِضَةٌ عَنْ قُرْصِ الشَّمْسِ، فَكَذَا هَاهُنَا الْوُجُودُ الْوَاصِلُ إِلَى جَمِيعِ عَالَمِ الْمَخْلُوقَاتِ مِنْ جَنَابِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى كَالنُّورِ الْوَاصِلِ مِنْ قُرْصِ الشَّمْسِ، فَلَوْ قَدَّرْنَا أَنَّهُ كَانَ يَصِحُّ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى الطُّلُوعُ وَالْغُرُوبُ وَالْغَيْبَةُ وَالْحُضُورُ لَكَانَ عِنْدَ غُرُوبِهِ يَزُولُ ضَوْءُ الْوُجُودِ عَنِ الْمُمْكِنَاتِ، فَحِينَئِذٍ كَانَ يَظْهَرُ أَنَّ نُورَ الْوُجُودِ مِنْهُ، لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ الْغُرُوبُ وَالطُّلُوعُ عَلَيْهِ مُحَالًا لَا جَرَمَ خَطَرَ بِبَالِ بَعْضِ النَّاقِصِينَ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مَوْجُودَةٌ بِذَوَاتِهَا وَلِذَوَاتِهَا،

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 1  صفحه : 146
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست