responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ط هجر نویسنده : الطبري، أبو جعفر    جلد : 8  صفحه : 478
حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ , قَالَ: ثنا شِبْلٌ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: {§فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} [المائدة: 45] يَقُولُ: «لِلْقَاتِلِ , وَأَجْرٌ لِلْعَافِي»

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ , قَالَ: ثنا عِمْرَانُ بْنُ ظَبْيَانَ , عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: هُتِمَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ مُعَاوِيَةَ , فَأُعْطِيَ دِيَةً فَلَمْ يَقْبَلْ , ثُمَّ أُعْطِيَ دِيَتَيْنِ فَلَمْ يَقْبَلْ , ثُمَّ أُعْطِيَ ثَلَاثًا فَلَمْ يَقْبَلْ. فحَدَّثَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: «§فَمَنْ تَصَدَّقَ بِدَمٍ فَمَا دُونَهُ , كَانَ كَفَّارَةً لَهُ مِنْ يَوْمِ تَصَدَّقَ إِلَى يَوْمِ وُلِدَ» قَالَ: فَتَصَدَّقَ الرَّجُلُ "

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ , قَالَ: ثني أَبِي , قَالَ: ثني عَمِّي , قَالَ: ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَوْلُهُ: {§وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ} [المائدة: 45] لَهُ يَقُولُ: «مَنْ جُرِحَ فَتَصَدَّقَ بِالَّذِي جُرِحَ بِهِ عَلَى الْجَارِحِ , فَلَيْسَ عَلَى الْجَارِحِ سَبِيلٌ وَلَا قَوَدٌ وَلَا عَقْلٌ وَلَا جُرْحٌ عَلَيْهِ؛ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ الَّذِي -[479]- جُرِحَ , فَكَانَ كَفَّارَةً لَهُ مِنْ ظُلْمِهِ الَّذِي ظَلَمَ» وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عُنِيَ بِهِ: فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ الْمَجْرُوحُ , فَلَأَنْ تَكُونَ الْهَاءُ فِي قَوْلِهِ لَهُ عَائِدَةً عَلَى مَنْ أَوْلَى مِنْ أَنْ تَكُونَ مِنْ ذِكْرِ مَنْ لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْرٌ إِلَّا بِالْمَعْنَى دُونَ التَّصْرِيحِ وَأَحْرَى , إِذِ الصَّدَقَةُ هِيَ الْمُكَفِّرَةُ ذَنْبَ صَاحِبِهَا دُونَ الْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ فِي سَائِرِ الصَّدَقَاتِ غَيْرَ هَذِهِ , فَالْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ سَبِيلُ هَذِهِ سَبِيلَ غَيْرِهَا مِنَ الصَّدَقَاتِ. فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ الْقِصَاصَ إِذْ كَانَ يُكَفِّرُ ذَنْبَ صَاحِبِهِ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ الَّذِي أَتَاهُ فِي قَتْلِ مَنْ قَتَلَهُ ظُلْمًا , لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَخَذَ الْبَيْعَةَ عَلَى أَصْحَابِهِ: «أَنْ لَا تَقْتُلُوا وَلَا تَزْنُوا وَلَا تَسْرِقُوا» ثُمَّ قَالَ: «فَمَنْ فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَأُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّهُ , فَهُوَ كَفَّارَتُهُ» فَالْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ عَفْوُ الْعَافِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ عَنْهُ , نَظِيرُهُ فِي أَنَّ ذَلِكَ لَهُ كَفَّارَةٌ , فَإِنَّ ذَلِكَ لَوْ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ , لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ عَفْوُ الْمَقْذُوفِ عَنْ قَاذِفِهِ بِالزِّنَا وَتَرْكُهُ أَخْذَهُ بِالْوَاجِبِ لَهُ مِنَ الْحَدِّ , وَقَدْ قَذَفَهُ قَاذِفُهُ وَهُوَ عَفِيفٌ مُسْلِمٌ مِحْصَنٌ , كَفَّارَةً لِلْقَاذِفِ مِنْ ذَنْبِهِ الَّذِي رَكِبَهُ وَمَعْصِيَتِهِ الَّتِي أَتَاهَا , وَذَلِكَ مَا لَا نَعْلَمُ قَائِلًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُهُ. فَإِذْ كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ تَرْكُ الْمَقْذُوفِ الَّذِي وَصَفْنَا أَمْرَهُ أَخْذَ قَاذِفِهِ بِالْوَاجِبِ لَهُ مِنَ الْحَدِّ كَفَّارَةً لِلْقَاذِفِ مِنْ ذَنْبِهِ الَّذِي رَكِبَهُ , كَانَ كَذَلِكَ غَيْرَ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ تَرْكُ الْمَجْرُوحِ أَخْذَ الْجَارِحِ بِحَقِّهِ مِنَ الْقِصَاصِ كَفَّارَةً لِلْجَارِحِ -[480]- مِنْ ذَنْبِهِ الَّذِي رَكِبَهُ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَوَ لَيْسَ لِلْمَجْرُوحِ عِنْدَكَ أَخْذُ جَارِحِهِ بِدِيَةِ جُرْحِهِ مَكَانَ الْقِصَاصِ؟ قِيلَ لَهُ: بَلَى. فَإِنْ قَالَ: أَفَرَأَيْتَ لَوِ اخْتَارَ الدِّيَةَ ثُمَّ عَفَا عَنْهَا , أَكَانَتْ لَهُ قِبَلَهُ فِي الْآخِرَةِ تَبَعَةً؟ قِيلَ لَهُ: هَذَا كَلَامٌ عِنْدَنَا مُحَالٌ , وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ عِنْدَنَا مُخْتَارَ الدِّيَةِ إِلَّا وَهُوَ لَهَا آخِذٌ. فَأَمَّا الْعَفْوُ فَإِنَّمَا هُوَ عَفْوٌ عَنِ الدَّمِ. وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ هَذَا بِمَا أَغْنَى عَنْ تَكْرِيرِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادًا بِذَلِكَ هِبَتُهَا لِمَنْ أُخِذَتْ مِنْهُ بَعْدَ الْأَخْذِ , مَعَ أَنَّ عَفْوَهُ عَنِ الدِّيَةِ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ إِيَّاهَا لَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ فِي صِحَّةِ ذَلِكَ مَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْفُوُّ لَهُ عَنْهَا بَرِيئًا مِنْ عُقُوبَةِ ذَنْبِهِ عِنْدَ اللَّهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَوْعَدَ قَاتِلَ الْمُؤْمِنِ بِمَا أَوْعَدَهُ بِهِ , إِنْ لَمْ يَتُبْ مِنْ ذَنْبِهِ , وَالدِّيَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْهُ , أَحَبَّ أَمْ سَخِطَ , وَالتَّوْبَةُ مِنَ التَّائِبِ إِنَّمَا تَكُونُ تَوْبَةً إِذَا اخْتَارَهَا وَأَرَادَهَا وَآثَرَهَا عَلَى الْإِصْرَارِ. فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ , فَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لَهُ كَفَّارَةً كَمَا جَازَ الْقِصَاصُ كَفَّارَةً؛ فَإِنَّا إِنَّمَا جَعَلْنَا الْقِصَاصَ لَهُ كَفَّارَةً مَعَ نَدَمِهِ وَبَذْلِهِ نَفْسَهُ لِأَخْذِ الْحَقِّ مِنْهَا تَنَصُّلًا مِنْ ذَنْبِهِ , بِخَبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَمَّا الدِّيَةُ إِذَا اخْتَارَهَا الْمَجْرُوحُ ثُمَّ عَفَا عَنْهَا فَلَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ بِحَدِّ ذَنْبِهِ , فَيَكُونُ مِمَّنْ دَخَلَ فِي حُكْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْلِهِ: «-[481]- فَمَنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَهُوَ كَفَّارَتُهُ» ثُمَّ مِمَّا يُؤَكِّدُ صِحَّةَ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ , الْأَخْبَارُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: «فَمَنْ تَصَدَّقَ بِدَمٍ» وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي قَدْ ذَكَرْنَاهَا قَبْلُ. وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقَائِلُونَ أَنَّهُ عَنَى بِذَلِكَ الْجَارِحَ , أَرَادُوا الْمَعْنَى الَّذِي ذُكِرَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ , الَّذِي:

نام کتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ط هجر نویسنده : الطبري، أبو جعفر    جلد : 8  صفحه : 478
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست