responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ط هجر نویسنده : الطبري، أبو جعفر    جلد : 8  صفحه : 125
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ , قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ , قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ , عَنْ عَاصِمٍ , عَنِ الشَّعْبِيِّ , عَنْ عَدِيٍّ , قَوْلُهُ: {§فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 4] قَالَ: " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّ أَرْضِي أَرْضُ صَيْدٍ؟ قَالَ: «إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَسَمَّيْتَ فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكَ عَلَيْكَ كَلْبُكَ , وَإِنْ قَتَلَ , فَإِنْ أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَّهُ إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ» وَقَدْ بَيَّنَّا أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَبْلُ , فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ وَتَكْرَارِهِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَمَا وَجْهُ دُخُولِ مِنْ فِي قَوْلِهِ: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 4] وَقَدْ أَحَلَّ اللَّهُ لَنَا صَيْدَ جَوَارِحِنَا الْحَلَالِ , وَمَنْ إِنَّمَا تَدْخُلُ فِي الْكَلَامِ مُبَعِّضَةً لِمَا دَخَلَتْ فِيهِ؟ قِيلَ: قَدِ اخْتَلَفَ فِي مَعْنَى دُخُولِهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ , فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ حِينَ دَخَلَتْ مِنْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِغَيْرِ مَعْنًى , كَمَا تُدْخِلُهُ الْعَرَبُ فِي قَوْلِهُمْ: كَانَ مِنْ مَطَرٍ , وَكَانَ مِنْ حَدِيثٍ. قَالَ: وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ} [البقرة: 271] وَقَوْلُهُ: {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا -[126]- مِنْ بَرَدٍ} [النور: 43] قَالَ: " وَهُوَ فِيمَا فُسِّرَ: وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ جِبَالًا فِيهَا بَرَدٌ. قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ} [النور: 43] أَيْ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ بَرَدٍ , بِجَعْلِ الْجِبَالِ مِنْ بَرَدٍ فِي السَّمَاءِ , وَبِجَعْلِ الْإِنْزَالِ مِنْهَا. وَكَانَ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يُنْكِرُ ذَلِكَ وَيَقُولُ: لَمْ تَدْخُلْ مِنْ إِلَّا لِمَعْنًى مَفْهُومٍ لَا يَجُوزُ الْكَلَامُ وَلَا يَصْلُحُ إِلَّا بِهِ , وَذَلِكَ أَنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى التَّبْعِيضِ. وَكَانَ يَقُولُ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ: قَدْ كَانَ مِنْ مَطَرٍ , وَكَانَ مِنْ حَدِيثٍ: هَلْ كَانَ مِنْ مَطَرٍ مَطَرَ عِنْدَكُمْ , وَهَلْ مِنْ حَدِيثٍ حُدِّثَ عِنْدَكُمْ. ويَقُولُ: مَعْنَى {وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتُكُمْ} [البقرة: 271] أَيْ وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتُكُمْ مَا يَشَاءُ وَيُرِيدُ , وَفِي قَوْلِهِ: {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ} [النور: 43] فَيُجِيزُ حَذْفَ مِنْ مَنْ {مِنْ بَرَدٍ} [النور: 43] وَلَا يُجِيزُ حَذْفَهَا مِنَ الْجِبَالِ , وَيَتَأَوَّلُ مَعْنَى ذَلِكَ: وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ أَمْثَالَ جِبَالِ بَرَدٍ , ثُمَّ أُدْخِلَتْ مِنْ فِي الْبَرَدِ , لِأَنَّ الْبَرَدَ مُفَسَّرٌ عِنْدَهُ عَنِ الْأَمْثَالِ: أَعْنِي: أَمْثَالَ الْجِبَالِ , وَقَدْ أُقِيمَتِ الْجِبَالُ مَقَامَ الْأَمْثَالِ وَالْجِبَالِ وَهِيَ جِبَالُ بَرَدٍ , فَلَا يُجِيزُ حَذْفَ مِنْ مِنَ الْجِبَالِ , لِأَنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الَّذِيَ فِي السَّمَاءِ الَّذِي أُنْزِلَ مِنْهُ الْبَرْدُ أَمْثَالُ جِبَالِ بَرَدٍ , وَأَجَازَ حَذْفَ مِنْ مِنَ الْبَرَدِ , لِأَنَّ الْبَرَدَ مُفَسَّرٌ عَنِ الْأَمْثَالِ , كَمَا تَقُولُ: عِنْدِي رَطْلَانِ زَيْتًا , وَعِنْدِي رَطْلَانِ مِنْ زَيْتٍ , -[127]- وَلَيْسَ عِنْدَكَ الرَّطْلُ وَإِنَّمَا عِنْدَكَ الْمِقْدَارُ , فَمِنْ تَدْخُلُ فِي الْمُفَسَّرُ وَتَخْرُجُ مِنْهُ. وَكَذَلِكَ عِنْدَ قَائِلِ هَذَا الْقَوْلِ: مِنَ السَّمَاءِ , مِنْ أَمْثَالِ جِبَالٍ , وَلَيْسَ بِجِبَالٍ. وَقَالَ: وَإِنْ كَانَ أَنْزَلَ مِنْ جِبَالٍ فِي السَّمَاءِ مِنْ بَرَدٍ جِبَالًا , ثُمَّ حَذَفَ الْجِبَالَ الثَّانِيَةَ وَالْجِبَالَ الْأَوَّلَ فِي السَّمَاءِ جَازَ , تَقُولُ: أَكَلْتُ مِنَ الطَّعَامِ , تُرِيدُ: أَكَلْتُ مِنَ الطَّعَامِ طَعَامًا , ثُمَّ تَحْذِفُ الطَّعَامَ وَلَا تُسْقِطُ مِنْ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ , أَنَّ مَنْ لَا تَدْخُلُ فِي الْكَلَامِ إِلَّا لِمَعْنًى مَفْهُومٍ , وَقَدْ يَجُوزُ حَذْفُهَا فِي بَعْضِ الْكَلَامِ وَبِالْكَلَامِ إِلَيْهَا حَاجَةٌ لِدَلَالَةِ مَا يَظْهَرُ مِنَ الْكَلَامِ عَلَيْهَا , فَأَمَّا أَنْ تَكُونَ فِي الْكَلَامِ لِغَيْرِ مَعْنًى أَفَادَتْهُ بُدُخُولِهَا , فَذَلِكَ قَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ فِيمَا صَحَّ مِنَ الْكَلَامِ. وَمَعْنَى دُخُولِهَا فِي قَوْلِهِ: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 4] لِلتَّبْعِيضِ إِذْ كَانَتِ الْجَوَارِحُ تُمْسِكُ عَلَى أَصْحَابِهَا مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ لُحُومَهُ وَحَرَّمَ عَلَيْهِمْ فَرْثَهُ وَدَمَهُ , فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 4] جَوَارِحُكُمُ الطَّيِّبَاتِ الَّتِي أَحْلَلْتُ لَكُمْ مِنْ لُحُومِهَا دُونَ مَا حَرَّمْتُ عَلَيْكُمْ مِنْ خَبَائِثِهِ مِنَ الْفَرْثِ وَالدَّمِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ أُطَيِّبْهُ لَكُمْ , فَذَلِكَ مَعْنَى دُخُولِ مِنْ فِي ذَلِكَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ} [البقرة: 271] فَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ دُخُولِهَا فِيهِ فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ. وَأَمَّا دُخُولُهَا فِي قَوْلِهِ: {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ} [النور: 43] فَسَنُبَيِّنُهُ إِذَا -[128]- أَتَيْنَا عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى:

نام کتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ط هجر نویسنده : الطبري، أبو جعفر    جلد : 8  صفحه : 125
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست