مدرسه فقاهت
کتابخانه مدرسه فقاهت
کتابخانه تصویری (اصلی)
کتابخانه اهل سنت
کتابخانه تصویری (اهل سنت)
ویکی فقه
ویکی پرسش
العربیة
راهنمای کتابخانه
جستجوی پیشرفته
همه کتابخانه ها
صفحهاصلی
علوم القرآن
الفقه
علوم الحديث
الآدب
العقيدة
التاریخ و السیرة
الرقاق والآداب والأذكار
الدعوة وأحوال المسلمين
الجوامع والمجلات ونحوها
الأشخاص
علوم أخرى
فهارس الكتب والأدلة
مرقم آلیا
همهگروهها
نویسندگان
علوم القرآن
التجويد والقراءات
التفاسير
همهگروهها
نویسندگان
مدرسه فقاهت
کتابخانه مدرسه فقاهت
کتابخانه تصویری (اصلی)
کتابخانه اهل سنت
کتابخانه تصویری (اهل سنت)
ویکی فقه
ویکی پرسش
فرمت PDF
شناسنامه
فهرست
««صفحهاول
«صفحهقبلی
جلد :
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
««اول
«قبلی
جلد :
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
نام کتاب :
تفسير الطبري = جامع البيان - ط هجر
نویسنده :
الطبري، أبو جعفر
جلد :
5
صفحه :
726
القول في تأويل قوله تعالى: الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم يعني بذلك تعالى ذكره: الشيطان يعدكم أيها الناس بالصدقة وأدائكم الزكاة الواجبة عليكم في أموالكم أن تفتقروا، ويأمركم بالفحشاء يعني: ويأمركم
5
القول في تأويل قوله تعالى: والله واسع عليم يعني تعالى ذكره: والله واسع الفضل الذي يعدكم أن يعطيكموه من فضله وسعة خزائنه، عليم بنفقاتكم وصدقاتكم التي تنفقون وتصدقون بها، يحصيها لكم حتى يجازيكم بها عند مقدمكم عليه في آخرتكم
8
القول في تأويل قوله تعالى: يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الألباب يعني بذلك جل ثناؤه: يؤتي الله الإصابة في القول والفعل من يشاء من عباده، ومن يؤت الإصابة في ذلك منهم، فقد أوتي خيرا كثيرا. واختلف أهل التأويل
8
القول في تأويل قوله تعالى: وما يذكر إلا أولو الألباب يعني بذلك جل ثناؤه: وما يتعظ بما وعظ به ربه في هذه الآيات التي وعظ فيها المنفقين أموالهم بما وعظ به غيرهم فيها، وفي غيرها من آي كتابه، فيذكر وعده ووعيده فيها، فينزجر عما زجره عنه ربه، ويطيعه فيما
12
القول في تأويل قوله تعالى: وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه وما للظالمين من أنصار يعني بذلك جل ثناؤه: وأي نفقة أنفقتم، يعني أي صدقة تصدقتم، أو أي نذر نذرتم؛ يعني بالنذر: ما أوجبه المرء على نفسه تبررا في طاعة الله، وتقربا به إليه،
13
القول في تأويل قوله تعالى: إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير يعني بقوله جل ثناؤه إن تبدوا الصدقات إن تعلنوا الصدقات فتعطوها من تصدقتم بها عليه، فنعما هي يقول: فنعم الشيء هي وإن
14
القول في تأويل قوله تعالى: ويكفر عنكم من سيئاتكم اختلف القراء في قراءة ذلك. فروي عن ابن عباس أنه كان يقرؤه: (وتكفر عنكم) بالتاء، ومن قرأه كذلك، فإنه يعني به: وتكفر الصدقات عنكم من سيئاتكم، وقرأ آخرون: ويكفر عنكم بالياء بمعنى: ويكفر الله عنكم
17
القول في تأويل قوله تعالى: والله بما تعملون خبير يعني بذلك جل ثناؤه: والله بما تعملون في صدقاتكم من إخفائها وإعلان وإسرار بها وإجهار، وفي غير ذلك من أعمالكم خبير يعني بذلك: ذو خبرة وعلم، لا يخفى عليه شيء من ذلك، فهو بجميعه محيط، ولكله محص على أهله
18
القول في تأويل قوله تعالى: ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون يعني تعالى ذكره بذلك: ليس عليك يا محمد هدى المشركين إلى الإسلام، فتمنعهم صدقة التطوع
19
القول في تأويل قوله تعالى: للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم أما قوله: للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله فبيان من الله عز
22
القول في تأويل قوله تعالى: الذين أحصروا في سبيل الله يعني تعالى ذكره بذلك: الذين جعلهم جهادهم عدوهم يحصرون أنفسهم فيحبسونها عن التصرف فلا يستطيعون تصرفا، وقد دللنا فيما مضى قبل على أن معنى الإحصار تصيير الرجل المحصر بمرضه أو فاقته أو جهاده عدوه، وغير
24
القول في تأويل قوله تعالى: لا يستطيعون ضربا في الأرض يعني بذلك جل ثناؤه: لا يستطيعون تقلبا في الأرض، وسفرا في البلاد، ابتغاء المعاش وطلب المكاسب، فيستغنوا عن الصدقات رهبة العدو، وخوفا على أنفسهم منهم
25
القول في تأويل قوله تعالى: يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف يعني بذلك: يحسبهم الجاهل بأمرهم وحالهم أغنياء من تعففهم عن المسألة وتركهم التعرض لما في أيدي الناس صبرا منهم على البأساء والضراء
26
القول في تأويل قوله تعالى: تعرفهم بسيماهم يعني بذلك جل ثناؤه: تعرفهم يا محمد بسيماهم، يعني بعلامتهم وآثارهم من قول الله عز وجل: سيماهم في وجوههم من أثر السجود هذه لغة قريش، ومن العرب من يقول: " بسيمائهم " فيمدها، وأما ثقيف وبعض أسد، فإنهم يقولون
27
القول في تأويل قوله تعالى: لا يسألون الناس إلحافا يقال: قد ألحف السائل في مسألته إذا ألح فهو يلحف فيها إلحافا. فإن قال قائل: أفكان هؤلاء القوم يسألون الناس غير إلحاف؟ قيل: غير جائز أن يكون كانوا يسألون الناس شيئا على وجه الصدقة إلحافا أو غير إلحاف
29
القول في تأويل قوله تعالى: الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون
33
القول في تأويل قوله تعالى: الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها
37
القول في تأويل قوله تعالى: ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا يعني بذلك جل ثناؤه: ذلك الذي وصفهم به من قيامهم يوم القيامة من قبورهم كقيام الذي يتخبطه الشيطان من المس من الجنون، فقال تعالى ذكره هذا الذي ذكرنا أنه يصيبهم يوم القيامة من قبح حالهم ووحشة
42
القول في تأويل قوله تعالى: وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يعني جل ثناؤه: وأحل الله الأرباح في التجارة والشراء والبيع، وحرم الربا يعني الزيادة التي يزاد رب
43
القول في تأويل قوله تعالى: يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم يعني عز وجل بقوله: يمحق الله الربا ينقص الله الربا فيذهبه
45
القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون وهذا خبر من الله عز وجل بأن الذين آمنوا، يعني الذين صدقوا بالله وبرسوله، وبما جاء به من عند ربهم من تحريم الربا وأكله
48
القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين يعني جل ثناؤه بذلك: يا أيها الذين آمنوا صدقوا بالله وبرسوله، اتقوا الله، يقول: خافوا الله على أنفسكم فاتقوه بطاعته فيما أمركم به، والانتهاء عما نهاكم عنه
49
القول في تأويل قوله تعالى: فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون يعني جل ثناؤه بقوله: فإن لم تفعلوا فإن لم تذروا ما بقي من الربا. واختلف القراء في قراءة قوله: فأذنوا بحرب من الله ورسوله فقرأته عامة
51
القول في تأويل قوله تعالى: وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم يعني جل ثناؤه بذلك: إن تبتم فتركتم أكل الربا، وأنبتم إلى الله عز وجل، فلكم رءوس أموالكم من الديون التي لكم على الناس دون الزيادة التي أحدثتموها على ذلك ربا منكم
53
القول في تأويل قوله: لا تظلمون ولا تظلمون يعني بقوله: لا تظلمون بأخذكم رءوس أموالكم التي كانت لكم قبل الإرباء على غرمائكم منهم دون أرباحها التي زدتموها ربا على من أخذتم ذلك منه من غرمائكم، فتأخذوا منهم ما ليس لكم أخذه، أو لم يكن لكم قبل ولا تظلمون
55
القول في تأويل قوله تعالى: وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون يعني جل ثناؤه بذلك: وإن كان ممن تقبضون منه من غرمائكم رءوس أموالكم ذو عسرة، يعني معسرا برءوس أموالكم التي كانت لكم عليهم قبل الإرباء، فأنظروهم إلى ميسرتهم،
56
القول في تأويل قوله تعالى: وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون يعني جل وعز بذلك: وأن تتصدقوا برءوس أموالكم على هذا المعسر خير لكم أيها القوم من أن تنظروه إلى ميسرته لتقبضوا رءوس أموالكم منه إذا أيسر، إن كنتم تعلمون موضع الفضل في الصدقة، وما أوجب الله
63
القول في تأويل قوله تعالى: واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون وقيل: هذه الآية أيضا آخر آية نزلت من القرآن
67
القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا
69
القول في تأويل قوله تعالى: فاكتبوه يعني جل ثناؤه بقوله: فاكتبوه فاكتبوا الدين الذي تداينتموه إلى أجل مسمى من بيع كان ذلك أو قرض. واختلف أهل العلم في اكتتاب الكتاب بذلك على من هو عليه، هل هو واجب أو هو ندب؟ فقال بعضهم: هو حق واجب، وفرض لازم
72
القول في تأويل قوله تعالى: وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله يعني بذلك جل ثناؤه: وليكتب كتاب الدين إلى أجل مسمى بين الدائن والمدين كاتب بالعدل يعني بالحق والإنصاف في الكتاب الذي يكتبه بينهما، بما لا يحيف ذا الحق حقه، ولا
76
القول في تأويل قوله تعالى: فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا يعني بذلك: فليكتب الكاتب، وليملل الذي عليه الحق، وهو الغريم المدين، يقول: ليتول المدين إملال كتاب ما عليه من دين رب المال على الكاتب، وليتق الله ربه المملي
81
القول في تأويل قوله تعالى: فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل يعني بقوله جل ثناؤه: فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا فإن كان المدين الذي عليه المال سفيها، يعني جاهلا بالصواب في الذي عليه أن يمله على
82
القول في تأويل قوله تعالى: واستشهدوا شهيدين من رجالكم يعني بذلك جل ثناؤه: واستشهدوا على حقوقكم شاهدين، يقال: فلان شهيدي على هذا المال وشاهدي عليه، وأما قوله: من رجالكم فإنه يعني من أحراركم المسلمين دون عبيدكم، ودون أحراركم الكفار
86
القول في تأويل قوله تعالى: فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء يعني بذلك جل ثناؤه: فإن لم يكونا رجلين، فليكن رجل وامرأتان على الشهادة، ورفع الرجل والمرأتان بالرد على الكون، وإن شئت قلت: فإن لم يكونا رجلين فليشهد رجل وامرأتان على
86
القول في تأويل قوله تعالى: أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأ عامة أهل الحجاز والمدينة وبعض أهل العراق: أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى بفتح الألف من " أن " ونصب " تضل " و " تذكر "، بمعنى: فإن لم يكونا رجلين
87
القول في تأويل قوله تعالى: ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا اختلف أهل التأويل في الحال التي نهى الله الشهداء عن إباء الإجابة إذا دعوا بهذه الآية، فقال بعضهم: معناه: لا يأب الشهداء أن يجيبوا إذا دعوا ليشهدوا على الكتاب والحقوق
93
القول في تأويل قوله تعالى: ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله يعني بذلك جل ثناؤه: ولا تسأموا أيها الذين تداينون الناس إلى أجل أن تكتبوا صغير الحق، يعني قليله أو كبيره يعني أو كثيره إلى أجله إلى أجل الحق، فإن الكتاب أحصى للأجل والمال
102
القول في تأويل قوله تعالى: ذلكم أقسط عند الله يعني جل ثناؤه بقوله: ذلكم اكتتاب كتاب الدين إلى أجله، ويعني بقوله أقسط: أعدل عند الله، يقال منه: أقسط الحاكم فهو يقسط إقساطا وهو مقسط، إذا عدل في حكمه، وأصاب الحق فيه، فإذا جار قيل: قسط فهو يقسط
103
القول في تأويل قوله تعالى: وأقوم للشهادة يعني بذلك جل ثناؤه: وأصوب للشهادة، وأصله من قول القائل: أقمته من عوجه، إذا سويته فاستوى. وإنما كان الكتاب أعدل عند الله وأصوب لشهادة الشهود على ما فيه؛ لأنه يحوي الألفاظ التي أقر بها البائع والمشتري ورب
104
القول في تأويل قوله تعالى: وأدنى ألا ترتابوا يعني جل ثناؤه بقوله: وأدنى وأقرب، من الدنو: وهو القرب، ويعني بقوله: ألا ترتابوا من أن لا تشكوا في الشهادة
104
القول في تأويل قوله تعالى: إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها ثم استثنى جل ذكره مما نهاهم عنه أن يسأموه من اكتتاب كتب حقوقهم على غرمائهم بالحقوق التي لهم عليهم، ما وجب لهم قبلهم من حق عن مبايعة بالنقود الحاضرة يدا بيد،
105
القول في تأويل قوله تعالى: وأشهدوا إذا تبايعتم يعني بذلك جل ثناؤه: وأشهدوا على صغير ما تبايعتم وكبيره من حقوقكم، عاجل ذلك وآجله، ونقده ونسائه، فإن إرخاصي لكم في ترك اكتتاب الكتب بينكم فيما كان من حقوق تجري بينكم لبعضكم من قبل بعض عن تجارة حاضرة
109
القول في تأويل قوله تعالى: ولا يضار كاتب ولا شهيد اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: ذلك نهي من الله لكاتب الكتاب بين أهل الحقوق والشهيد أن يضار أهله، فيكتب هذا ما لم يملله المملي، ويشهد هذا بما لم يستشهده الشهيد
111
القول في تأويل قوله تعالى: وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم يعني بذلك جل ثناؤه: وإن تضاروا الكاتب أو الشاهد وما نهيتم عنه من ذلك، فإنه فسوق بكم، يعني: إثم بكم ومعصية. واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم بنحو الذي قلنا
118
القول في تأويل قوله تعالى: واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم يعني بقوله جل ثناؤه: واتقوا الله وخافوا الله أيها المتداينون في الكتاب والشهود أن تضاروهم، وفي غير ذلك من حدود الله أن تضيعوه، ويعني بقوله: ويعلمكم الله ويبين لكم الواجب لكم
120
القول في تأويل قوله تعالى: وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته القراء في الأمصار
120
القول في تأويل قوله تعالى: فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه يعني بذلك جل ثناؤه: فإن كان المدين أمينا عند رب المال والدين فلم يرتهن منه في سفره رهنا بدينه لأمانته عنده على ماله وثقته، فليتق الله المدين ربه، يقول: فليخف الله
124
القول في تأويل قوله تعالى: ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم وهذا خطاب من الله عز وجل للشهود الذين أمر المستدين ورب المال بإشهادهم، فقال لهم: ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا، ولا تكتموا أيها الشهود بعد ما شهدتم شهادتكم عند
126
القول في تأويل قوله تعالى: لله ما في السموات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير يعني جل ثناؤه بقوله: لله ما في السموات وما في الأرض لله ملك كل ما في السموات وما في الأرض من
127
القول في تأويل قوله تعالى: والله على كل شيء قدير يعني بذلك جل ثناؤه: والله عز وجل على العفو عما أخفته نفس هذا المؤمن من الهمة بالخطيئة وعلى عقاب هذا الكافر على ما أخفته نفسه من الشك في توحيد الله عز وجل، ونبوة أنبيائه، ومجازاة كل واحد منهما على كل ما
147
القول في تأويل قوله تعالى: آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير يعني بذلك جل ثناؤه: صدق الرسول، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقر بما
148
القول في تأويل قوله تعالى: لا نفرق بين أحد من رسله وأما قوله: لا نفرق بين أحد من رسله فإنه أخبر جل ثناؤه بذلك عن المؤمنين أنهم يقولون ذلك. ففي الكلام في قراءة من قرأ: لا نفرق بين أحد من رسله بالنون متروك قد استغنى بدلالة ما ذكر عنه، وذلك المتروك هو
150
القول في تأويل قوله تعالى: وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير يعني بذلك جل ثناؤه: وقال الكل من المؤمنين: سمعنا قول ربنا، وأمره إيانا بما أمرنا به، ونهيه عما نهانا عنه، وأطعنا يعني أطعنا ربنا فيما ألزمنا من فرائضه، واستعبدنا به من طاعته،
151
القول في تأويل قوله تعالى: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا
152
القول في تأويل قوله تعالى: لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت يعني بقوله جل ثناؤه لها: للنفس التي أخبر أنه لا يكلفها إلا وسعها، يقول: لكل نفس ما اجترحت وعملت من خير؛ وعليها: يعني وعلى كل نفس ما اكتسبت: ما عملت من شر
154
القول في تأويل قوله تعالى: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا وهذا تعليم من الله عز وجل عباده المؤمنين دعاءه كيف يدعونه، وما يقولون في دعائهم إياه، ومعناه: قولوا: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا شيئا فرضت علينا عمله فلم نعمله، أو أخطأنا في فعل شيء نهيتنا
155
القول تأويل قوله تعالى: ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا يعني بذلك جل ثناؤه: قولوا: ربنا لا تحمل علينا إصرا: يعني بالإصر العهد، كما قال جل ثناؤه: قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري وإنما عنى بقوله: ولا تحمل علينا إصرا ولا تحمل
158
القول في تأويل قوله تعالى: ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به يعني بذلك جل ثناؤه: وقولوا أيضا: ربنا لا تكلفنا من الأعمال ما لا نطيق القيام به لثقل حمله علينا. وكذلك كانت جماعة أهل التأويل يتأولونه
161
القول في تأويل قوله تعالى: واعف عنا واغفر لنا وفي هذا أيضا من قول الله عز وجل خبر عن المؤمنين من مسألتهم إياه ذلك الدلالة الواضحة أنهم سألوه تيسير فرائضه عليهم بقوله: ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به لأنهم عقبوا ذلك بقولهم: واعف عنا مسألة منهم ربهم أن
164
القول في تأويل قوله تعالى: وارحمنا يعني بذلك جل ثناؤه: تغمدنا منك برحمة تنجينا بها من عقابك، فإنه ليس بناج من عقابك أحد إلا برحمتك إياه دون عمله، وليست أعمالنا منجيتنا إن أنت لم ترحمنا، فوفقنا لما يرضيك عنا
164
القول في تأويل قوله تعالى: أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين يعني بقوله جل ثناؤه: أنت مولانا أنت ولينا بنصرك دون من عاداك وكفر بك، لأنا مؤمنون بك ومطيعوك فيما أمرتنا ونهيتنا، فأنت وفي من أطاعك، وعدو من كفر بك فعصاك، فانصرنا لأنا حزبك، على
165
سورة آل عمران
170
القول في تأويل قوله تعالى: آلم، الله لا إله إلا هو الحي القيوم قال أبو جعفر: قد أتينا على البيان عن معنى قوله: الم فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع، وكذلك البيان عن قوله: الله وأما معنى قوله: لا إله إلا هو، فإنه خبر من الله جل وعز، أخبر
170
القول في تأويل قوله تعالى: الحي القيوم اختلفت القراء في ذلك , فقرأته قراء الأمصار: الحي القيوم. وقرأ ذلك عمر بن الخطاب وابن مسعود فيما ذكر عنهما: (الحي القيام) . وذكر عن علقمة بن قيس أنه كان يقرأ: " الحي القيم "
175
القول في تأويل قوله تعالى: الحي اختلف أهل التأويل في معنى قوله: الحي، فقال بعضهم: معنى ذلك من الله تعالى ذكره: أنه وصف نفسه بالبقاء , ونفى الموت الذي يجوز على من سواه من خلقه عنها
176
القول في تأويل قوله تعالى: القيوم قد ذكرنا اختلاف القراءة في ذلك، والذي نختار منه , وما العلة التي من أجلها اخترنا ما اخترنا من ذلك. فأما تأويل جميع الوجوه التي ذكرنا أن القراء قرأت بها فمتقارب , ومعنى ذلك كله: القيم بحفظ كل شيء ورزقه وتدبيره وتصريفه
177
القول في تأويل قوله تعالى: نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام يقول جل ثناؤه: يا محمد إن ربك ورب عيسى ورب كل شيء، هو الرب الذي أنزل
180
القول في تأويل قوله تعالى: وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس يعني بذلك جل ثناؤه: وأنزل التوراة على موسى، والإنجيل على عيسى من قبل يقول: من قبل الكتاب الذي نزله عليك. ويعني بقوله: هدى للناس بيانا للناس من الله، فيما اختلفوا فيه من توحيد الله
181
القول في تأويل قوله تعالى: وأنزل الفرقان يعني جل ثناؤه بذلك: وأنزل الفصل بين الحق والباطل، فيما اختلفت فيه الأحزاب وأهل الملل في أمر عيسى وغيره. وقد بينا فيما مضى أن الفرقان إنما هو الفعلان من قولهم: فرق الله بين الحق والباطل يفصل بينهما بنصره بالحق
182
القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد، والله عزيز ذو انتقام يعني بذلك جل ثناؤه أن الذين جحدوا أعلام الله وأدلته على توحيده وألوهته وأن عيسى عبد له واتخذوا المسيح إلها وربا، أو ادعوه لله ولدا، لهم عذاب من الله شديد يوم
184
القول في تأويل قوله تعالى: إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء يعني بذلك جل ثناؤه أن الله لا يخفى عليه شيء وهو في الأرض، ولا شيء وهو في السماء، يقول: فكيف يخفى علي يا محمد، وأنا علام جميع الأشياء، ما يضاهى به هؤلاء الذين يجادلونك في
185
القول في تأويل قوله تعالى: هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم يعني بذلك جل ثناؤه: الله الذي يصوركم فيجعلكم صورا أشباحا في أرحام أمهاتكم كيف شاء وأحب، فيجعل هذا ذكرا وهذا أنثى، وهذا أسود وهذا أحمر، يعرف عباده بذلك أن جميع
186
القول في تأويل قوله تعالى: لا إله إلا هو العزيز الحكيم وهذا القول تنزيه من الله تعالى ذكره نفسه أن يكون له في ربوبيته ند أو مثل أو أن تجوز الألوهة لغيره، وتكذيب منه للذين قالوا في عيسى ما قالوا من وفد نجران الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم
187
القول في تأويل قوله تعالى: هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر
188
القول في تأويل قوله تعالى: هن أم الكتاب قد أتينا على البيان عن تأويل ذلك بالدلالة الشاهدة على صحة ما قلنا فيه، ونحن ذاكرو اختلاف أهل التأويل فيه، وذلك أنهم اختلفوا في تأويله، فقال بعضهم: معنى قوله: هن أم الكتاب هن اللائي فيهن الفرائض والحدود
201
القول في تأويل قوله تعالى: فأما الذين في قلوبهم زيغ يعني بذلك جل ثناؤه: فأما الذين في قلوبهم ميل عن الحق، وانحراف عنه، يقال منه: زاغ فلان عن الحق، فهو يزيغ عنه زيغا وزيغانا وزيوغة وزيوغا، وأزاغه الله: إذا أماله، فهو يزيغه، ومنه قوله جل ثناؤه:
202
القول في تأويل قوله تعالى: فيتبعون ما تشابه منه يعني بقوله جل ثناؤه: فيتبعون ما تشابه منه ما تشابهت ألفاظه وتصرفت معانيه بوجوه التأويلات، ليحققوا بادعائهم الأباطيل من التأويلات في ذلك ما هم عليه من الضلالة والزيغ عن محجة الحق تلبيسا منهم بذلك على من
204
القول في تأويل قوله تعالى: ابتغاء الفتنة اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك ابتغاء الشرك
212
القول في تأويل قوله تعالى: وابتغاء تأويله اختلف أهل التأويل في معنى التأويل الذي عنى الله جل ثناؤه بقوله: وابتغاء تأويله فقال بعضهم معنى ذلك: الأجل الذي أرادت اليهود أن تعرفه من انقضاء مدة أمر محمد صلى الله عليه وسلم وأمر أمته من قبل الحروف المقطعة من
215
القول في تأويل قوله تعالى: وما يعلم تأويله إلا الله يعني جل ثناؤه بذلك: وما يعلم وقت قيام الساعة وانقضاء مدة أكل محمد وأمته وما هو كائن إلا الله، دون من سواه من البشر الذين أملوا إدراك علم ذلك من قبل الحساب والتنجيم والكهانة، وأما الراسخون في العلم،
217
القول في تأويل قوله تعالى: والراسخون في العلم يقولون آمنا به يعني بالراسخين في العلم العلماء الذين قد أتقنوا علمهم ووعوه فحفظوه حفظا لا يدخلهم في معرفتهم وعلمهم بما علموه شك ولا لبس، وأصل ذلك من رسوخ الشيء في الشيء، وهو ثبوته وولوجه فيه، يقال منه:
223
القول في تأويل قوله تعالى: كل من عند ربنا يعني بقوله جل ثناؤه: كل من عند ربنا كل المحكم من الكتاب والمتشابه منه من عند ربنا، وهو تنزيله ووحيه إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم
225
القول في تأويل قوله تعالى: وما يذكر إلا أولو الألباب يعني بذلك جل ثناؤه: وما يتذكر ويتعظ وينزجر عن أن يقول في متشابه آي كتاب الله ما لا علم له به إلا أولو العقول والنهى
227
القول في تأويل قوله تعالى: ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب يعني بذلك جل ثناؤه: أن الراسخين في العلم يقولون: آمنا بما تشابه من آي كتاب الله، وأنه والمحكم من آيه من تنزيل ربنا ووحيه، ويقولون أيضا: ربنا لا تزغ
227
القول في تأويل قوله تعالى ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد يعني بذلك جل ثناؤه أنهم يقولون أيضا مع قولهم: آمنا بما تشابه من آي كتاب ربنا، كل المحكم والمتشابه الذي فيه من عند ربنا يا ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله
233
القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار يعني جل ثناؤه بقوله: إن الذين كفروا إن الذين جحدوا الحق الذي قد عرفوه من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم من يهود بني إسرائيل ومنافقيهم، ومنافقي
234
القول في تأويل قوله تعالى: كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب يعني بذلك جل ثناؤه أن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا عند حلول عقوبتنا بهم، كسنة آل فرعون وعادتهم، والذين من قبلهم
234
القول في تأويل قوله تعالى: قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد اختلفت القراء في ذلك فقرأه بعضهم: قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون بالتاء على وجه الخطاب للذين كفروا بأنهم سيغلبون واحتجوا لاختيارهم قراءة ذلك بالتاء بقوله: قد كان لكم آية في
238
القول في تأويل قوله تعالى: قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار يعني بذلك جل ثناؤه: قل يا محمد للذين كفروا من اليهود الذين بين ظهراني بلدك: قد
241
القول في تأويل قوله تعالى: يرونهم مثليهم رأي العين اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته قراء أهل المدينة: (ترونهم) بالتاء، بمعنى: قد كان لكم أيها اليهود آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله، والأخرى كافرة، ترون المشركين مثلي المسلمين رأي
244
القول في تأويل قوله تعالى: والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار يعني بقوله جل ثناؤه: والله يؤيد يقوي بنصره من يشاء، من قول القائل: قد أيدت فلانا بكذا: إذا قويته وأعنته، فأنا أؤيده تأييدا، و " فعلت " منه: إدته فأنا أئيده أيدا؛
252
القول في تأويل قوله تعالى: زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب يعني تعالى ذكره: زين للناس محبة ما يشتهون من النساء والبنين وسائر ما عد،
253
القول في تأويل قوله تعالى: والخيل المسومة اختلف أهل التأويل في معنى المسومة، فقال بعضهم: هي الراعية
261
القول في تأويل قوله تعالى: والأنعام والحرث فالأنعام جمع نعم: وهي الأزواج الثمانية التي ذكرها في كتابه من الضأن والمعز والبقر والإبل، وأما الحرث: فهو الزرع وتأويل الكلام: زين للناس حب الشهوات من النساء ومن البنين، ومن كذا ومن كذا، ومن الأنعام والحرث
266
القول في تأويل قوله تعالى: ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب يعني بقوله جل ثناؤه: ذلك جميع ما ذكر في هذه الآية من النساء والبنين، والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة، والخيل المسومة، والأنعام والحرث، فكنى بقوله ذلك عن جميعهن، وهذا يدل على
267
القول في تأويل قوله تعالى: قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد يعني جل ثناؤه: قل يا محمد، للناس الذين زين لهم حب الشهوات من النساء والبنين، وسائر ما ذكر جل
268
القول في تأويل قوله تعالى: الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار ومعنى ذلك: قل هل أنبئكم بخير من ذلكم؟ للذين اتقوا يقولون ربنا إننا آمنا، فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار، وقد يحتمل " الذين يقولون " وجهين من الإعراب: الخفض
271
القول في تأويل قوله تعالى: الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار يعني بقوله: الصابرين الذين صبروا في البأساء والضراء وحين البأس، ويعني بالصادقين: الذين صدقوا الله في قولهم بتحقيقهم الإقرار به وبرسوله، وما جاء به من عنده بالعمل
272
القول في تأويل قوله تعالى: والمستغفرين بالأسحار اختلف أهل التأويل في القوم الذين هذه الصفة صفتهم، فقال بعضهم: هم المصلون بالأسحار
273
القول في تأويل قوله تعالى: شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم يعني بذلك جل ثناؤه: شهد الله أنه لا إله إلا هو، وشهدت الملائكة، وأولو العلم فالملائكة معطوف بهم على اسم الله، و " أنه " مفتوحة ب "
275
القول في تأويل قوله تعالى: إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب ومعنى الدين في هذا الموضع الطاعة والذلة من قول الشاعر: ويوم الحزن إذ حشدت معد وكان الناس إلا
280
القول في تأويل قوله تعالى: وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم يعني بذلك جل ثناؤه: وما اختلف الذين أوتوا الإنجيل وهو الكتاب الذي ذكره الله في هذه الآية في أمر عيسى، وافترائهم على الله فيما قالوه فيه من الأقوال التي كثر
282
القول في تأويل قوله تعالى: ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب يعني بذلك: ومن يجحد حجج الله وأعلامه التي نصبها ذكرى لمن عقل وأدلة لمن اعتبر وتذكر فإن الله محص عليه أعماله التي كان يعملها في الدنيا، فمجازيه بها في الآخرة، فإنه جل ثناؤه سريع
285
القول في تأويل قوله تعالى: فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن وقل للذين أوتوا الكتاب والأمين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد يعني بذلك جل ثناؤه: فإن حاجك يا محمد النفر من نصارى أهل نجران في أمر عيسى
285
القول في تأويل قوله تعالى: وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا يعني بذلك جل ثناؤه: وقل يا محمد للذين أوتوا الكتاب من اليهود والنصارى، والأميين الذين لا كتاب لهم من مشركي العرب: أأسلمتم؟ يقول: قل لهم: هل أفردتم التوحيد،
286
القول في تأويل قوله تعالى: وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد يعني جل ثناؤه بقوله: وإن تولوا وإن أدبروا معرضين عما تدعوهم إليه من الإسلام، وإخلاص التوحيد لله رب العالمين، فإنما أنت رسول مبلغ، وليس عليك غير إبلاغ الرسالة إلى من أرسلتك
288
القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين يعني بذلك جل ثناؤه إن الذين يكفرون بآيات الله أي يجحدون حجج
288
القول في تأويل قوله تعالى: ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأه عامة أهل المدينة والحجاز والبصرة والكوفة وسائر قراء الأمصار: ويقتلون الذين يأمرون بالقسط بمعنى القتل، وقرأه بعض المتأخرين من قراء الكوفة: (ويقاتلون)
289
القول في تأويل قوله تعالى: فبشرهم بعذاب أليم أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين يعني بقوله جل ثناؤه: فبشرهم بعذاب أليم فأخبرهم يا محمد، وأعلمهم أن لهم عند الله عذابا مؤلما لهم، وهو الموجع. وأما قوله: أولئك الذين حبطت
292
القول في تأويل قوله تعالى: ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون يعني بذلك جل ثناؤه: ألم تر يا محمد إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يقول: الذين أعطوا حظا من الكتاب، يدعون إلى كتاب الله.
292
القول في تأويل قوله تعالى: ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون يعني جل ثناؤه بقوله: بأنهم قالوا بأن هؤلاء الذين دعوا إلى كتاب الله ليحكم بينهم بالحق فيما نازعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما أبوا
296
القول في تأويل قوله تعالى: فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون يعني بقوله جل ثناؤه: فكيف إذا جمعناهم فأي حال يكون حال هؤلاء القوم الذين قالوا هذا القول، وفعلوا ما فعلوا من إعراضهم عن كتاب الله واغترارهم بربهم،
298
القول في تأويل قوله تعالى: قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير أما تأويل قوله قل اللهم فإنه قل يا محمد: يا الله. واختلف أهل العربية في نصب ميم اللهم وهو منادى، وحكم
299
القول في تأويل قوله تعالى: مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء يعني بذلك: يا مالك الملك، يا من له ملك الدنيا والآخرة خالصا دون غيره
302
القول في تأويل قوله تعالى: وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير يعني جل ثناؤه: وتعز من تشاء بإعطائه الملك والسلطان وبسط القدرة له، وتذل من تشاء بسلبك ملكه وتسليط عدو عليه بيدك الخير أي كل ذلك بيدك وإليك، لا يقدر على ذلك أحد؛ لأنك
304
القول في تأويل قوله تعالى: تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب يعني بقوله جل ثناؤه: تولج تدخل، يقال منه: قد ولج فلان منزله: إذا دخله، فهو يلجه ولجا وولوجا ولجة، وأولجته أنا:
304
القول في تأويل قوله تعالى: وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: تأويل ذلك: أنه يخرج الشيء الحي من النطفة الميتة، ويخرج النطفة الميتة من الشيء الحي
307
القول في تأويل قوله تعالى: وترزق من تشاء بغير حساب يعني بذلك جل ثناؤه أنه يعطي من يشاء من خلقه، فيجود عليه بغير محاسبة منه لمن أعطاه؛ لأنه لا يخاف دخول انتقاص في خزائنه، ولا الفناء على ما بيده
313
القول في تأويل قوله تعالى: لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير وهذا نهي من الله عز وجل المؤمنين أن يتخذوا الكفار أعوانا وأنصارا وظهورا، ولذلك كسر "
315
القول في تأويل قوله تعالى: ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير يعني تعالى ذكره بذلك: ويخوفكم الله من نفسه أن تركبوا معاصيه أو توالوا أعداءه، فإن لله مرجعكم ومصيركم بعد مماتكم، ويوم حشركم لموقف الحساب، يعني بذلك: متى صرتم إليه، وقد خالفتم ما أمركم
320
القول في تأويل قوله تعالى: قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السموات وما في الأرض والله على كل شيء قدير يعني بذلك جل ثناؤه: قل يا محمد للذين أمرتهم أن لا يتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين: إن تخفوا ما في صدوركم من موالاة
320
القول في تأويل قوله تعالى: يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد يعني بذلك جل ثناؤه: ويحذركم الله نفسه، في يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا موفرا، وما عملت من سوء
322
القول في تأويل قوله تعالى: ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد يقول جل ثناؤه: ويحذركم الله نفسه أن تسخطوها عليكم بركوبكم ما يسخطه عليكم، فتوافونه يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا، وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا، وهو عليكم ساخط
323
القول في تأويل قوله تعالى: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم اختلف أهل التأويل في السبب الذي أنزلت هذه الآية فيه، فقال بعضهم: أنزلت في قوم قالوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم: إنا نحب ربنا، فأمر الله جل
324
القول في تأويل قوله تعالى: قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين يعني بذلك جل ثناؤه: قل يا محمد لهؤلاء الوفد من نصارى نجران: أطيعوا الله والرسول محمدا، فإنكم قد علمتم يقينا أنه رسولي إلى خلقي ابتعثته بالحق تجدونه مكتوبا عندكم في
327
القول في تأويل قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين يعني بذلك جل ثناؤه: إن الله اجتبى آدم ونوحا، واختارهما لدينهما، وآل إبراهيم وآل عمران لدينهم الذي كانوا عليه؛ لأنهم كانوا أهل الإسلام. فأخبر الله عز وجل أنه اختار
328
القول في تأويل قوله تعالى: ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم يعني بذلك أن الله اصطفى آل إبراهيم وآل عمران ذرية بعضها من بعض فالذرية منصوبة على القطع من آل إبراهيم وآل عمران؛ لأن " الذرية " نكرة، و " آل عمران " معرفة، ولو قيل نصبت على تكرير الاصطفاء
329
القول في تأويل قوله تعالى: إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم يعني بقوله جل ثناؤه: إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني " ف " إذ " من صلة " سميع " وأما امرأة عمران فهي أم مريم
330
القول في تأويل قوله تعالى: فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم يعني جل ثناؤه بقوله: فلما وضعتها فلما وضعت حنة النذيرة، ولذلك أنث ولو كانت الهاء عائدة على
336
القول في تأويل قوله تعالى: وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم تعني بقولها: وإني أعيذها بك وذريتها وإني أجعل معاذها ومعاذ ذريتها من الشيطان الرجيم بك. وأصل المعاذ الموئل والملجأ والمعقل، فاستجاب الله لها فأعاذها الله وذريتها من الشيطان الرجيم،
339
القول في تأويل قوله تعالى: فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب يعني بذلك جل ثناؤه: تقبل مريم من أمها حنة بتحريرها
344
القول في تأويل قوله تعالى: وكفلها زكريا اختلفت القراء في قراءة قوله: وكفلها فقرأته عامة قراء أهل الحجاز والمدينة والبصرة: (وكفلها) مخففة الفاء بمعنى: ضمها زكريا إليه، اعتبارا بقول الله عز وجل: يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وقرأ ذلك عامة قراء
345
القول في تأويل قوله تعالى: كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا يعني بذلك جل ثناؤه أن زكريا كان كلما دخل عليها المحراب بعد إدخاله إياها المحراب وجد عندها رزقا من الله لغذائها، فقيل: إن ذلك الرزق الذي كان يجده زكريا عندها فاكهة الشتاء في الصيف،
353
القول في تأويل قوله تعالى: قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب يعني بذلك جل ثناؤه: قال زكريا يا مريم: أنى لك هذا؟ من أي وجه لك هذا الذي أرى عندك من الرزق، قالت مريم مجيبة له: هو من عند الله، تعني أن الله هو
358
القول في تأويل قوله تعالى: هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء أما قوله: هنالك دعا زكريا ربه فمعناه: عند ذلك، أي عند رؤية زكريا ما رأى عند مريم من رزق الله الذي رزقها، وفضله الذي آتاها من غير تسبب أحد من الآدميين في
360
القول في تأويل قوله تعالى: فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء أهل المدينة وبعض أهل الكوفة والبصرة: فنادته الملائكة على التأنيث
363
القول في تأويل قوله تعالى: وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى وتأويل قوله وهو قائم فنادته الملائكة في حال قيامه مصليا، فقوله: وهو قائم خبر عن وقت نداء الملائكة زكريا؛ وقوله: يصلي في موضع نصب على الحال من القيام، وهو رفع بالياء، وأما
366
القول في تأويل قوله تعالى: مصدقا بكلمة من الله يعني بقوله جل ثناؤه: أن الله يبشرك يا زكريا بيحيى ابنا لك مصدقا بكلمة من الله يعني بعيسى ابن مريم، ونصب قوله " مصدقا " على القطع من يحيى؛ لأن " مصدقا " نعت له وهو نكرة، و " يحيى " غير نكرة. وبنحو ما
370
القول في تأويل قوله تعالى: وسيدا يعني بقوله جل ثناؤه: وسيدا وشريفا في العلم والعبادة، ونصب " السيد " عطفا على قوله " مصدقا ". وتأويل الكلام: أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بهذا وسيدا، والسيد: الفيعل، من قول القائل: ساد يسود
374
القول في تأويل قوله تعالى: وحصورا ونبيا من الصالحين يعني بذلك: ممتنعا من جماع النساء من قول القائل: حصرت من كذا أحصر: إذا امتنع منه؛ ومنه قولهم: حصر فلان في قراءته: إذا امتنع من القراءة فلم يقدر عليها، وكذلك حصر العدو: حبسهم الناس ومنعهم إياهم
376
القول في تأويل قوله تعالى: قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر قال كذلك يفعل الله ما يشاء يعني أن زكريا قال إذ نادته الملائكة: أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر يعني
381
القول في تأويل قوله تعالى: قال كذلك الله يفعل ما يشاء يعني جل ثناؤه بقوله: كذلك الله أي هو ما وصف به نفسه أنه هين عليه أن يخلق ولدا من الكبير الذي قد يئس من الولد، ومن العاقر التي لا يرجى من مثلها الولادة، كما خلقك يا زكريا من قبل خلق الولد منك ولم
383
القول في تأويل قوله تعالى: قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار يعني بذلك جل ثناؤه خبرا عن زكريا، قال زكريا، يا رب إن كان هذا النداء الذي نوديته، والصوت الذي سمعته صوت ملائكتك، وبشارة
384
القول في تأويل قوله تعالى: قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا فعاقبه الله فيما ذكر لنا بمسألته الآية، بعد مشافهة الملائكة إياه بالبشارة، فجعل آيته على تحقيق ما سمع من البشارة من الملائكة بيحيى أنه من عند الله آية من نفسه، جمع تعالى ذكره بها
385
القول في تأويل قوله تعالى: واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار يعني بذلك: قال الله جل ثناؤه لزكريا: يا زكريا آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا بغير خرس، ولا عاهة، ولا مرض واذكر ربك كثيرا فإنك لا تمنع ذكره، ولا يحال بينك وبين تسبيحه وغير
390
القول في تأويل قوله تعالى: وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين يعني بذلك جل ثناؤه: والله سميع عليم إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا، وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك ومعنى قوله: اصطفاك
392
القول في تأويل قوله تعالى: يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين يعني جل ثناؤه بقوله خبرا عن قيل ملائكته لمريم: يا مريم اقنتي لربك أخلصي الطاعة لربك وحده وقد دللنا على معنى القنوت بشواهده فيما مضى قبل. واختلاف بين أهل التأويل فيه في هذا الموضع
397
القول في تأويل قوله تعالى: ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون يعني جل ثناؤه بقوله ذلك الأخبار التي أخبر بها عباده عن امرأة عمران وابنتها مريم وزكريا، وابنه يحيى، وسائر ما قص في الآيات
400
القول في تأويل قوله تعالى: وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم يعني جل ثناؤه بقوله: وما كنت لديهم وما كنت يا محمد عندهم، فتعلم ما نعلمكه من أخبارهم التي لم تشهدها، ولكنك إنما تعلم ذلك فتدرك معرفته بتعريفناكه. ومعنى قوله لديهم عندهم، ومعنى
403
القول في تأويل قوله تعالى: وما كنت لديهم إذ يختصمون يعني بذلك جل ثناؤه: وما كنت يا محمد عند قوم مريم، إذ يختصمون فيها أيهم أحق بها وأولى، وذلك من الله عز وجل وإن كان خطابا لنبيه صلى الله عليه وسلم، فتوبيخ منه عز وجل للمكذبين به من أهل الكتابين،
405
القول في تأويل قوله تعالى: إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين يعني بقوله جل ثناؤه: إذ قالت الملائكة وما كنت لديهم إذ يختصمون، وما كنت لديهم أيضا إذ قالت الملائكة يا مريم إن
406
القول في تأويل قوله تعالى: وجيها في الدنيا والآخرة يعني بقوله وجيها: ذا وجه ومنزلة عالية عند الله وشرف وكرامة، ومنه يقال للرجل الذي يشرف وتعظمه الملوك والناس: وجيه؛ يقال منه: ما كان فلان وجيها، ولقد وجه وجاهة، وإن له لوجها عند السلطان، وجاها
410
القول في تأويل قوله تعالى: ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين أما قوله: ويكلم الناس في المهد فإن معناه: أن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم، وجيها عند الله، ومكلما الناس في المهد، ف " يكلم " وإن كان مرفوعا، لأنه في صورة " يفعل "
411
القول في تأويل قوله تعالى: قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون يعني بذلك جل ثناؤه: قالت مريم إذ قالت لها الملائكة: إن الله يبشرك بكلمة منه: رب أنى يكون لي ولد: من أي وجه يكون لي ولد؟
415
القول في تأويل قوله تعالى: ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء الحجاز والمدينة وبعض قراء الكوفيين: ويعلمه بالياء ردا على قوله: كذلك الله يخلق ما يشاء , ويعلمه الكتاب فألحقوا الخبر في قوله: ويعلمه
415
القول في تأويل قوله تعالى: ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم
418
القول في تأويل قوله تعالى: أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله يعني بذلك جل ثناؤه: ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم، ثم بين عن الآية ما هي، فقال: أني أخلق لكم فتأويل الكلام: ورسولا إلى بني إسرائيل بأني
418
القول في تأويل قوله تعالى: وأبرئ الأكمه والأبرص يعني بقوله: وأبرئ وأشفي، يقال منه: أبرأ الله المريض: إذا شفاه منه، فهو يبرئه إبراء، وبرأ المريض فهو يبرأ برءا، وقد يقال أيضا: برئ المريض فهو يبرأ، لغتان معروفتان. واختلف أهل التأويل في معنى
420
القول في تأويل قوله تعالى: وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم وكان إحياء عيسى الموتى بدعاء الله، يدعو لهم، فيستجيب له
424
القول في تأويل قوله تعالى: إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين يعني بذلك جل ثناؤه: إن في خلقي من الطين الطير بإذن الله، وفي إبرائي الأكمه والأبرص، وإحيائي الموتى، وإنبائي إياكم بما تأكلون، وما تدخرون في بيوتكم، ابتداء من غير حساب وتنجيم، ولا كهانة
430
القول في تأويل قوله تعالى: ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون، إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم يعني بذلك جل ثناؤه: وبأني قد جئتكم بآية من ربكم، وجئتكم مصدقا لما بين يدي من
430
القول في تأويل قوله تعالى: وجئتكم بآية من ربكم يعني بذلك: وجئتكم بحجة وعبرة من ربكم تعلمون بها حقيقة ما أقول لكم
433
القول في تأويل قوله تعالى: فاتقوا الله وأطيعون إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم يعني بذلك: وجئتكم بآية من ربكم، تعلمون بها يقينا صدقي فيما أقول، فاتقوا الله يا معشر بني إسرائيل فيما أمركم به ونهاكم عنه في كتابه الذي أنزله على موسى فأوفوا
433
القول في تأويل قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون يعني بقوله جل ثناؤه: فلما أحس عيسى منهم الكفر فلما وجد عيسى منهم الكفر، والإحساس: هو الوجود، ومنه قول الله عز وجل:
435
القول في تأويل قوله تعالى: ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين وهذا خبر من الله عز وجل عن الحواريين أنهم قالوا: ربنا آمنا أي صدقنا بما أنزلت يعني: بما أنزلت على نبيك عيسى من كتابك واتبعنا الرسول يعني بذلك: صرنا أتباع عيسى على دينك
445
القول في تأويل قوله تعالى: ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين يعني بذلك جل ثناؤه: ومكر الذين كفروا من بني إسرائيل، وهم الذين ذكر الله أن عيسى أحس منهم الكفر، وكان مكرهم الذي وصفهم الله به مواطأة بعضهم بعضا على الفتك بعيسى وقتله، وذلك أن عيسى صلوات
446
القول في تأويل قوله تعالى: إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون يعني بذلك جل ثناؤه: ومكر الله بالقوم الذين حاولوا قتل عيسى مع
447
القول في تأويل قوله تعالى: وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة يعني بذلك جل ثناؤه: وجاعل الذين اتبعوك على منهاجك وملتك من الإسلام وفطرته فوق الذين جحدوا نبوتك، وخالفوا بسبيلهم جميع أهل الملل، فكذبوا بما جئت به، وصدوا عن الإقرار به،
453
القول في تأويل قوله تعالى: ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون يعني بذلك جل ثناؤه: ثم إلي ثم إلى الله أيها المختلفون في عيسى، مرجعكم يعني مصيركم يوم القيامة فأحكم بينكم يقول: فأقضي حينئذ بين جميعكم في أمر عيسى بالحق فيما كنتم فيه تختلفون
455
القول في تأويل قوله تعالى: فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين، وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم والله لا يحب الظالمين يعني بقوله جل ثناؤه: فأما الذين كفروا فأما الذين جحدوا نبوتك يا عيسى، وخالفوا
456
القول في تأويل قوله تعالى: ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم يعني بقوله جل ثناؤه: ذلك هذه الأنباء التي أنبأ بها نبيه عن عيسى وأمه مريم، وأمها حنة، وزكريا وابنه يحيى، وما قص من أمر الحواريين، واليهود من بني إسرائيل؛ نتلوها عليك يا محمد، يقول
458
0
القول في تأويل قوله تعالى: إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون يعني جل ثناؤه: إن شبه عيسى في خلقي إياه من غير فحل فأخبر به يا محمد الوفد من نصارى نجران عندي كشبه آدم الذي خلقته من تراب، ثم قلت له كن فكان، من غير فحل، ولا
459
القول في تأويل قوله تعالى: الحق من ربك فلا تكن من الممترين يعني بذلك جل ثناؤه: الذي أنبأتك به من خبر عيسى، وأن مثله كمثل آدم خلقه من تراب، ثم قال له ربه: كن، هو الحق من ربك، يقول: هو الخبر الذي هو من عند ربك؛ فلا تكن من الممترين يعني: فلا تكن
463
القول في تأويل قوله تعالى: فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين يعني بقوله جل ثناؤه: فمن حاجك فيه فمن جادلك يا محمد في المسيح عيسى ابن مريم، والهاء
465
القول في تأويل قوله تعالى: إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم، فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين يعني بذلك جل ثناؤه: إن هذا الذي أنبأتك به يا محمد من أمر عيسى، فقصصته عليك من أنبائه وأنه عبدي ورسولي، وكلمتي ألقيتها
467
القول في تأويل قوله تعالى: قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون يعني بذلك جل ثناؤه: قل يا محمد لأهل الكتاب وهم أهل التوراة
473
القول في تأويل قوله تعالى: يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: يا أهل الكتاب يا أهل التوراة والإنجيل لم تحاجون لم تجادلون في إبراهيم وتخاصمون فيه، يعني في إبراهيم
480
القول في تأويل قوله تعالى: ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلما تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون يعني بذلك جل ثناؤه: ها أنتم هؤلاء القوم الذين خاصمتم وجادلتم فيما لكم به علم من أمر دينكم الذي وجدتموه في كتبكم، وأتتكم به رسل
483
القول في تأويل قوله تعالى: ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين وهذا تكذيب من الله عز وجل دعوى الذين جادلوا في إبراهيم وملته من اليهود والنصارى، وادعوا أنه كان على ملتهم، وتبرئة لهم منه، وأنهم لدينه مخالفون،
485
القول في تأويل قوله تعالى: إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين يعني جل ثناؤه بقوله: إن أولى الناس بإبراهيم إن أحق الناس بإبراهيم ونصرته وولايته للذين اتبعوه يعني الذين سلكوا طريقه ومنهاجه، فوحدوا الله مخلصين
487
القول في تأويل قوله تعالى: ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون يعني بقوله جل ثناؤه: ودت: تمنت طائفة يعني جماعة من أهل الكتاب وهم أهل التوراة من اليهود، وأهل الإنجيل من النصارى لو يضلونكم يقول: لو يصدونكم أيها المؤمنون
489
القول في تأويل قوله تعالى: يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون يعني بذلك جل ثناؤه: يا أهل الكتاب من اليهود والنصارى، لم تكفرون يقول: لم تجحدون بآيات الله يعني: بما في كتاب الله، الذي أنزله إليكم، على ألسن أنبيائكم من آيه وأدلته، وأنتم
491
القول في تأويل قوله تعالى: يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون يعني بذلك جل ثناؤه: يا أهل التوراة والإنجيل لم تلبسون؟ يقول: لم تخلطون الحق بالباطل؟ وكان خلطهم الحق بالباطل: إظهارهم بألسنتهم من التصديق بمحمد صلى الله عليه
492
القول في تأويل قوله تعالى: وتكتمون الحق وأنتم تعلمون يعني بذلك جل ثناؤه: ولم تكتمون يا أهل الكتاب الحق؟ والحق الذي كتموه ما في كتبهم من نعت محمد صلى الله عليه وسلم ومبعثه ونبوته
494
القول في تأويل قوله تعالى: وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون اختلف أهل التأويل في صفة المعنى الذي أمرت به هذه الطائفة من أمرت به من الإيمان وجه النهار، والكفر آخره، فقال بعضهم: كان ذلك
495
القول في تأويل قوله تعالى: ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم يعني بذلك جل ثناؤه: ولا تصدقوا إلا من تبع دينكم فكان يهوديا، وهذا خبر من الله
500
القول في تأويل قوله تعالى: قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: قوله: قل إن الهدى هدى الله اعترض به في وسط الكلام خبرا من الله عن أن البيان بيانه والهدى هداه، قالوا: وسائر
501
القول في تأويل قوله تعالى: قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم يعني بذلك جل ثناؤه: قل يا محمد، لهؤلاء اليهود الذين وصفت قولهم لأوليائهم: إن الفضل بيد الله، إن التوفيق للإيمان، والهداية للإسلام بيد الله، وإليه دونكم ودون سائر خلقه،
506
القول في تأويل قوله تعالى: يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم يعني بقوله: يختص برحمته من يشاء يفتعل من قول القائل: خصصت فلانا بكذا، أخصه به. وأما رحمته في هذا الموضع: فالإسلام والقرآن مع النبوة
507
القول في تأويل قوله تعالى: ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون وهذا الخبر من الله عز وجل أن من أهل الكتاب،
508
القول في تأويل قوله تعالى: ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل يعني بذلك جل ثناؤه: أن من استحل الخيانة من اليهود وجحود حقوق العربي التي هي له عليه، فلم يؤد ما ائتمنه العربي عليه إليه إلا ما دام له متقاضيا مطالبا، من أجل أنه يقول: لا حرج علينا
510
القول في تأويل قوله تعالى: ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون يعني بذلك جل ثناؤه: إن القائلين منهم ليس علينا في أموال الأميين من العرب حرج أن نختانهم إياه، يقولون بقيلهم: إن الله أحل لنا ذلك، فلا حرج علينا في خيانتهم إياه، وترك قضائهم الكذب على الله
513
القول في تأويل قوله تعالى: بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين وهذا إخبار من الله عز وجل عما لمن أدى أمانته إلى من ائتمنه عليها اتقاء الله ومراقبته عنده، فقال جل ثناؤه: ليس الأمر كما يقول هؤلاء الكاذبون على الله من اليهود، من أنه ليس عليهم
514
القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم يعني بذلك جل ثناؤه: إن الذين يستبدلون بتركهم عهد الله الذي عهد إليهم، ووصيته التي
515
القول في تأويل قوله تعالى: وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون يعني بذلك جل ثناؤه: وإن من أهل الكتاب، وهم اليهود الذين كانوا حوالي مدينة
521
القول في تأويل قوله تعالى: ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب، وبما كنتم تدرسون يعني بذلك جل ثناؤه: وما ينبغي لأحد من البشر، والبشر: جمع بني آدم، لا
523
القول في تأويل قوله تعالى: ولكن كونوا ربانيين يعني جل ثناؤه بذلك: ولكن يقول لهم: كونوا ربانيين، فترك القول استغناء بدلالة الكلام عليه. وأما قوله: كونوا ربانيين فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله، فقال بعضهم: معناه: كونوا حكماء علماء
526
القول في تأويل قوله تعالى: بما كنتم تعلمون الكتاب، وبما كنتم تدرسون اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأه عامة قراء أهل الحجاز وبعض البصريين: (بما كنتم تعلمون) بفتح التاء وتخفيف اللام، يعني: بعلمكم الكتاب، ودراستكم إياه وقراءتكم، واعتلوا لاختيارهم
531
القول في تأويل قوله تعالى: ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون اختلفت القراء في قراءة قوله: ولا يأمركم، فقرأته عامة قراء الحجاز والمدينة: (ولا يأمركم) على وجه الابتداء من الله بالخبر عن النبي صلى الله
533
القول في تأويل قوله تعالى: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين يعني بذلك جل ثناؤه: واذكروا يا أهل الكتاب إذ
535
القول في تأويل قوله تعالى: قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا يعني بذلك جل ثناؤه: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين بما ذكر، فقال لهم تعالى ذكره: أأقررتم بالميثاق الذي واثقتموني عليه من أنكم مهما أتاكم رسول من عندي، مصدق لما معكم، لتؤمنن به
545
القول في تأويل قوله تعالى: قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين يعني بذلك جل ثناؤه، قال الله: فاشهدوا أيها النبيون بما أخذت به ميثاقكم من الإيمان بتصديق رسلي التي تأتيكم بتصديق ما معكم من الكتاب والحكمة، ونصرتهم على أنفسكم، وعلى أتباعكم من الأمم إذ
546
القول في تأويل قوله تعالى: فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون يعني بذلك جل ثناؤه: فمن أعرض عن الإيمان برسلي الذين أرسلتهم بتصديق ما كان مع أنبيائي من الكتب والحكمة، وعن نصرتهم، فأدبر ولم يؤمن بذلك ولم ينصر، ونكث عهده وميثاقه بعد ذلك، يعني بعد
546
القول في تأويل قوله تعالى: أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء الحجاز من مكة والمدينة وقراء الكوفة: (أفغير دين الله تبغون) , (وإليه ترجعون) ، على وجه الخطاب. وقرأ
548
القول في تأويل قوله تعالى: قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون يعني بذلك جل ثناؤه: أفغير دين الله تبغون يا معشر اليهود، وله أسلم من
553
القول في تأويل قوله تعالى: ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين يعني بذلك جل ثناؤه: ومن يطلب دينا غير دين الإسلام ليدين به، فلن يقبل الله منه وهو في الآخرة من الخاسرين، يقول: من الباخسين أنفسهم حظوظها من رحمة الله عز وجل
555
القول في تأويل قوله تعالى: كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون إلا الذين تابوا من بعد
557
القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: عنى الله عز وجل بقوله: إن الذين كفروا أي ببعض أنبيائه الذين بعثوا قبل محمد صلى الله عليه وسلم بعد
563
القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين يعني بذلك جل ثناؤه: إن الذين كفروا أي جحدوا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يصدقوا به، وبما جاء به من عند
570
القول في تأويل قوله تعالى: لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم يعني بذلك جل ثناؤه: لن تدركوا أيها المؤمنون البر، وهو البر من الله الذي يطلبونه منه بطاعتهم إياه وعبادتهم له، ويرجونه منه، وذلك تفضله عليهم بإدخاله
572
كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين يعني بذلك جل ثناؤه أنه لم يكن حرم على بني إسرائيل وهم ولد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن شيئا من الأطعمة من قبل أن تنزل
577
القول في تأويل قوله تعالى: فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون يعني جل ثناؤه بذلك: فمن كذب على الله منا ومنكم من بعد مجيئكم بالتوراة، وتلاوتكم إياها، وعدمكم ما ادعيتم من تحريم الله العروق ولحوم الإبل وألبانها فيها، فأولئك هم
587
القول في تأويل قوله تعالى: قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين يعني بذلك جل ثناؤه: قل يا محمد: صدق الله فيما أخبرنا به من قوله: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل وأن الله لم يحرم على إسرائيل ولا على ولده العروق ولا لحوم الإبل
588
القول في تأويل قوله تعالى: إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: تأويله: إن أول بيت وضع للناس يعبد الله فيه مباركا وهدى للعالمين، الذي ببكة، قالوا: وليس هو أول بيت وضع في الأرض، لأنه قد
589
القول في تأويل قوله تعالى: فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأه قراء الأمصار: فيه آيات بينات على جماع آية، بمعنى: فيه علامات
598
القول في تأويل قوله تعالى: ومن دخله كان آمنا واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: تأويله الخبر عن أن كل من جر في الجاهلية جريرة ثم عاد بالبيت لم يكن بها مأخوذا
601
القول في تأويل قوله تعالى: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا يعني بذلك جل ثناؤه: وفرض واجب لله على من استطاع من أهل التكليف السبيل إلى حج بيته الحرام الحج إليه، وقد بينا فيما مضى معنى الحج ودللنا على صحة ما قلنا من معناه بما أغنى عن إعادته
609
القول في تأويل قوله تعالى: ومن كفر فإن الله غني عن العالمين يعني بذلك جل ثناؤه: ومن جحد ما ألزمه الله من فرض حج بيته، فأنكره وكفر به، فإن الله غني عنه، وعن حجه وعمله، وعن سائر خلقه من الجن والإنس
618
القول في تأويل قوله تعالى: قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون يعني بذلك: يا معشر يهود بني إسرائيل وغيرهم من سائر من ينتحل الديانة بما أنزل الله عز وجل من كتبه، ممن كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم، وجحد نبوته؛ لم تجحدون بآيات
624
القول في تأويل قوله تعالى: قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا وأنتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون يعني بذلك جل ثناؤه: يا معشر يهود بني إسرائيل وغيرهم ممن ينتحل التصديق بكتب الله، لم تصدون عن سبيل الله يقول: لم تضلون عن طريق
625
القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين اختلف أهل التأويل فيمن عنى بذلك، فقال بعضهم: عنى بقوله: يا أيها الذين آمنوا الأوس والخزرج، وبالذين أوتوا الكتاب: شاس بن قيس اليهودي، على
631
القول في تأويل قوله تعالى: وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم يعني بذلك جل ثناؤه: وكيف تكفرون أيها المؤمنون بعد إيمانكم بالله وبرسوله، فترتدوا على أعقابكم وأنتم تتلى عليكم آيات الله يعني حجج الله
633
القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون يعني بذلك جل ثناؤه: يا معشر من صدق الله ورسوله اتقوا الله خافوا الله وراقبوه بطاعته، واجتناب معاصيه حق تقاته حق خوفه، وهو أن يطاع فلا يعصى، ويشكر فلا يكفر
636
القول في تأويل قوله تعالى: واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون يعني بذلك جل ثناؤه: وتعلقوا بأسباب
643
القول في تأويل قوله تعالى: ولا تفرقوا يعني جل ثناؤه بقوله: ولا تفرقوا ولا تتفرقوا عن دين الله وعهده الذي عهد إليكم في كتابه من الائتلاف والاجتماع على طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم والانتهاء إلى أمره
647
القول في تأويل قوله تعالى: واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا يعني بقوله جل ثناؤه: واذكروا نعمة الله عليكم واذكروا ما أنعم الله به عليكم من الألفة والاجتماع على الإسلام. واختلف أهل العربية في قوله: إذ كنتم
649
القول في تأويل قوله تعالى: وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها يعني بقوله جل ثناؤه وكنتم على شفا حفرة من النار وكنتم يا معشر المؤمنين من الأوس والخزرج على حرف حفرة من النار، وإنما ذلك مثل لكفرهم الذي كانوا عليه قبل أن يهديهم الله للإسلام، يقول
657
القول في تأويل قوله تعالى: كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون يعني جل ثناؤه بقوله: كذلك كما بين لكم ربكم في هذه الآيات أيها المؤمنون من الأوس والخزرج، من غل اليهود، الذي يضمرونه لكم، وغشهم لكم، وأمره إياكم بما أمركم به فيها، ونهيه لكم عما نهاكم
660
القول في تأويل قوله تعالى: ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون يعني بذلك جل ثناؤه: ولتكن منكم أيها المؤمنون، أمة يقول: جماعة يدعون الناس إلى الخير يعني إلى الإسلام وشرائعه التي شرعها الله لعباده،
660
القول في تأويل قوله تعالى: ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم يعني بذلك جل ثناؤه: ولا تكونوا يا معشر الذين آمنوا كالذين تفرقوا من أهل الكتاب واختلفوا في دين الله وأمره ونهيه، من بعد ما جاءهم البينات من حجج
662
القول في تأويل قوله تعالى: يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون يعني بذلك جل ثناؤه: أولئك لهم عذاب عظيم في يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، وأما
663
القول في تأويل قوله تعالى: تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وما الله يريد ظلما للعالمين يعني بقوله جل ثناؤه: تلك آيات الله هذه آيات الله وقد بينا كيف وضعت العرب " تلك " و " ذلك " مكان " هذا " و " هذه " في غير هذا الموضع فيما مضى قبل بما أغنى عن إعادته،
667
القول في تأويل قوله تعالى: ولله ما في السموات وما في الأرض وإلى الله ترجع الأمور يعني بذلك جل ثناؤه: أنه يعاقب الذين كفروا بعد إيمانهم بما ذكر أنه معاقبهم به من العذاب العظيم، وتسويد الوجوه، ويثيب أهل الإيمان به الذين ثبتوا على التصديق والوفاء
669
القول في تأويل قوله تعالى: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم، منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون اختلف أهل التأويل في قوله: كنتم خير أمة أخرجت للناس فقال بعضهم: هم الذين هاجروا مع
671
القول في تأويل قوله تعالى: ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم، منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون يعني بذلك تعالى ذكره: ولو صدق أهل التوراة والإنجيل من اليهود والنصارى بمحمد صلى الله عليه وسلم، وما جاءهم به من عند الله، لكان خيرا لهم عند الله في عاجل
677
القول في تأويل قوله تعالى: لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون يعني بذلك جل ثناؤه: لن يضركم يا أهل الإيمان بالله ورسوله، هؤلاء الفاسقون من أهل الكتاب بكفرهم، وتكذيبهم نبيكم محمدا صلى الله عليه وسلم شيئا إلا أذى، يعني بذلك
678
القول في تأويل قوله تعالى: وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون يعني بذلك جل ثناؤه: وإن يقاتلكم أهل الكتاب من اليهود والنصارى، يهزموا عنكم، فيولوكم أدبارهم انهزاما، فقوله: يولوكم الأدبار كناية عن انهزامهم؛ لأن المنهزم يحول ظهره إلى جهة الطالب
680
القول في تأويل قوله تعالى: ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وبآءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون يعني بقوله جل ثناؤه ضربت عليهم الذلة
681
القول في تأويل قوله تعالى: وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق يعني تعالى ذكره: وباءوا بغضب من الله وتحملوا غضب الله، فانصرفوا به مستحقيه، وقد بينا أصل ذلك بشواهده، ومعنى المسكنة، وأنها
687
القول في تأويل قوله تعالى: ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون يقول تعالى ذكره: فعلنا بهم ذلك بكفرهم وقتلهم الأنبياء ومعصيتهم ربهم، واعتدائهم أمر ربهم، وقد بينا معنى الاعتداء في غير موضع فيما مضى من كتابنا بما فيه الكفاية عن إعادته، فأعلم ربنا جل ثناؤه عباده
688
القول في تأويل قوله تعالى: ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون يعني بقوله جل ثناؤه: ليسوا سواء ليس فريقا أهل الكتاب، أهل الإيمان منهم والكفر سواء، يعني بذلك: أنهم غير متساوين، يقول: ليسوا متعادلين، ولكنهم
689
القول في تأويل قوله تعالى: يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون يعني بقوله: يتلون آيات الله يقرءون كتاب الله آناء الليل، ويعني بقوله: آيات الله ما أنزل في كتابه من العبر والمواعظ، يقول: يتلون ذلك آناء الليل، يقول: في ساعات الليل، فيتدبرونه
695
القول في تأويل قوله تعالى: يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين يعني بقوله جل وعز: يؤمنون بالله واليوم الآخر يصدقون بالله، وبالبعث بعد الممات، ويعلمون أن الله مجازيهم بأعمالهم؛ وليسوا
699
القول في تأويل قوله تعالى: وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين اختلف القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء الكوفة: وما يفعلوا من خير فلن يكفروه جميعا، ردا على صفة القوم الذين وصفهم جل ثناؤه بأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وقرأته
700
القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون وهذا وعيد من الله عز وجل للأمة الأخرى الفاسقة من أهل الكتاب، الذين أخبر عنهم بأنهم فاسقون وأنهم قد باءوا بغضب منه، ولمن كان من
702
القول في تأويل قوله تعالى: مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون يعني بذلك جل ثناؤه: شبه ما ينفق الذين كفروا: أي شبه ما يتصدق به الكافر من ماله، فيعطيه من يعطيه على
703
القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون يعني بذلك تعالى ذكره: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله، وأقروا بما
707
القول في تأويل قوله تعالى: قد بدت البغضاء من أفواههم يعني بذلك جل ثناؤه: قد بدت بغضاء هؤلاء الذين نهيتكم أيها المؤمنون أن تتخذوهم بطانة من دونكم لكم بأفواههم، يعني بألسنتهم، والذي بدا لهم منهم بألسنتهم إقامتهم على كفرهم، وعدواتهم من خالف ما هم عليه
712
القول في تأويل قوله تعالى: وما تخفي صدورهم أكبر يعني تعالى ذكره بذلك: والذي تخفي صدورهم، يعني صدور هؤلاء الذين نهاهم عن اتخاذهم بطانة فتخفيه عنكم أيها المؤمنون أكبر، يقول: أكبر مما قد بدا لكم بألسنتهم من أفواههم من البغضاء وأعظم
715
القول في تأويل قوله تعالى: قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون يعني بذلك جل ثناؤه: قد بينا لكم أيها المؤمنون الآيات، يعني بالآيات العبر، قد بينا لكم من أمر هؤلاء اليهود الذين نهيناكم أن تتخذوهم بطانة من دون المؤمنين ما تعتبرون وتتعظون به من أمرهم، إن
715
القول في تأويل قوله تعالى: ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور يعني بذلك جل ثناؤه: ها أنتم أيها المؤمنون الذين تحبونهم، يقول: تحبون
716
القول في تأويل قوله تعالى: وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ يعني بذلك تعالى ذكره أن هؤلاء الذين نهى الله المؤمنين أن يتخذوهما بطانة من دونهم، ووصفهم بصفتهم إذا لقوا المؤمنين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعطوهم
718
القول في تأويل قوله تعالى: قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور يعني بذلك جل ثناؤه: قل يا محمد لهؤلاء اليهود الذين وصفت لك صفتهم، وأخبرتك أنهم إذا لقوا أصحابك، قالوا آمنا، وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ: موتوا بغيظكم الذي بكم على
721
القول في تأويل قوله تعالى: إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط يعني بقوله تعالى ذكره: إن تمسسكم حسنة تسؤهم إن تنالوا أيها المؤمنون سرورا بظهوركم على عدوكم، وتتابع الناس في الدخول
721
نام کتاب :
تفسير الطبري = جامع البيان - ط هجر
نویسنده :
الطبري، أبو جعفر
جلد :
5
صفحه :
726
««صفحهاول
«صفحهقبلی
جلد :
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
««اول
«قبلی
جلد :
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
فرمت PDF
شناسنامه
فهرست
کتابخانه
مدرسه فقاهت
کتابخانهای رایگان برای مستند کردن مقالهها است
www.eShia.ir