مدرسه فقاهت
کتابخانه مدرسه فقاهت
کتابخانه تصویری (اصلی)
کتابخانه اهل سنت
کتابخانه تصویری (اهل سنت)
ویکی فقه
ویکی پرسش
العربیة
راهنمای کتابخانه
جستجوی پیشرفته
همه کتابخانه ها
صفحهاصلی
علوم القرآن
الفقه
علوم الحديث
الآدب
العقيدة
التاریخ و السیرة
الرقاق والآداب والأذكار
الدعوة وأحوال المسلمين
الجوامع والمجلات ونحوها
الأشخاص
علوم أخرى
فهارس الكتب والأدلة
مرقم آلیا
همهگروهها
نویسندگان
علوم القرآن
التجويد والقراءات
التفاسير
همهگروهها
نویسندگان
مدرسه فقاهت
کتابخانه مدرسه فقاهت
کتابخانه تصویری (اصلی)
کتابخانه اهل سنت
کتابخانه تصویری (اهل سنت)
ویکی فقه
ویکی پرسش
فرمت PDF
شناسنامه
فهرست
««صفحهاول
«صفحهقبلی
جلد :
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
««اول
«قبلی
جلد :
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
نام کتاب :
تفسير الطبري = جامع البيان - ط هجر
نویسنده :
الطبري، أبو جعفر
جلد :
12
صفحه :
650
القول في تأويل قوله تعالى: إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم يقول تعالى ذكره
5
القول في تأويل قوله تعالى: التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين يقول تعالى ذكره: إن الله اشترى من المؤمنين التائبين العابدين أنفسهم وأموالهم؛ ولكنه رفع، إذ كان
7
القول في تأويل قوله تعالى: ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم يقول تعالى
19
القول في تأويل قوله تعالى: إن إبراهيم لأواه حليم اختلف أهل التأويل في الأواه، فقال بعضهم: هو الدعاء. ذكر من قال ذلك
33
القول في تأويل قوله تعالى: وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون يقول تعالى ذكره: وما كان الله ليقضي عليكم في استغفاركم لموتاكم المشركين بالضلال بعد إذ رزقكم الهداية ووفقكم للإيمان به وبرسوله، حتى يتقدم إليكم بالنهي عنه فتتركون
46
القول في تأويل قوله تعالى: إن الله له ملك السموات والأرض يحيي ويميت وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير يقول تعالى ذكره: إن الله أيها الناس له سلطان السموات والأرض وملكهما، وكل من دونه من الملوك فعبيده ومماليكه، بيده حياتهم وموتهم، يحيي من يشاء منهم
48
القول في تأويل قوله تعالى: لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم يقول تعالى ذكره: لقد رزق الله الإنابة إلى أمره وطاعته نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم،
49
القول في تأويل قوله تعالى: وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم يقول تعالى ذكره: لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار وعلى
53
القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين يقول تعالى ذكره للمؤمنين معرفهم سبيل النجاة من عقابه والخلاص من أليم عذابه: يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله، اتقوا الله وراقبوه بأداء فرائضه وتجنب حدوده، وكونوا في الدنيا
67
القول في تأويل قوله تعالى: ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن
70
القول في تأويل قوله تعالى: ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون يقول تعالى ذكره: ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ، وسائر ما ذكر، ولا ينالون من عدو نيلا، ولا ينفقون نفقة صغيرة في سبيل الله، ولا يقطعون
75
القول في تأويل قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون يقول تعالى ذكره: ولم يكن المؤمنون لينفروا جميعا وقد بينا معنى الكافة بشواهده وأقوال أهل التأويل فيه،
75
القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله قاتلوا من وليكم من الكفار دون من بعد منهم، يقول لهم: ابدءوا
85
القول في تأويل قوله تعالى: وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون يقول تعالى ذكره: وإذا أنزل الله سورة من سور القرآن على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فمن هؤلاء المنافقين الذين ذكرهم الله في
88
القول في تأويل قوله تعالى: وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون يقول تعالى ذكره: وأما الذين في قلوبهم مرض، نفاق وشك في دين الله، فإن السورة التي أنزلت زادتهم رجسا إلى رجسهم؛ وذلك أنهم شكوا في أنها من عند الله، فلم
90
القول في تأويل قوله تعالى: أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون اختلفت القراء في قراءة قوله: أولا يرون فقرأته عامة قراء الأمصار: " أولا يرون " بالياء، بمعنى أولا يرى هؤلاء الذين في قلوبهم مرض النفاق. وقرأ ذلك حمزة
90
القول في تأويل قوله تعالى: وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون يقول تعالى ذكره: وإذا ما أنزلت سورة من القرآن فيها عيب هؤلاء المنافقين الذين وصف جل ثناؤه صفتهم في هذه السورة، وهم عند رسول
94
القول في تأويل قوله تعالى: لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم يقول تعالى ذكره للعرب: لقد جاءكم أيها القوم رسول الله إليكم من أنفسكم تعرفونه لا من غيركم، فتتهموه على أنفسكم في النصيحة لكم. عزيز عليه ما عنتم أي
96
القول في تأويل قوله تعالى: فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم يقول تعالى ذكره: فإن تولى يا محمد هؤلاء الذين جئتهم بالحق من عند ربك من قومك، فأدبروا عنك ولم يقبلوا ما أتيتهم به من النصيحة في الله وما دعوتهم إليه من
99
سورة يونس
103
الر تلك آيات الكتاب الحكيم قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في ذلك، فقال بعضهم: تأويله أنا الله أرى. ذكر من قال ذلك
103
القول في تأويل قوله تعالى: تلك آيات الكتاب الحكيم واختلف في تأويل ذلك، فقال بعضهم: تلك آيات التوراة. ذكر من قال ذلك
105
القول في تأويل قوله تعالى: أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين يقول تعالى ذكره: أكان عجبا للناس إيحاؤنا القرآن على رجل منهم بإنذارهم عقاب الله على معاصيه، كأنهم
106
القول في تأويل قوله تعالى: وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم يقول جل ثناؤه: أكان عجبا للناس أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس، وأن بشر الذين آمنوا بالله ورسوله أن لهم قدم صدق؛ عطف على " أنذر " واختلف أهل التأويل في معنى قوله: قدم صدق فقال
107
القول في تأويل قوله تعالى: قال الكافرون إن هذا لساحر مبين اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء أهل المدينة والبصرة: إن هذا لسحر مبين بمعنى: إن هذا الذي جئتنا به، يعنون القرآن " لسحر مبين " وقرأ ذلك مسروق وسعيد بن جبير وجماعة من قراء الكوفيين
112
القول في تأويل قوله تعالى: إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون يقول تعالى ذكره: إن ربكم الذي له عبادة كل شيء، ولا تنبغي العبادة إلا له، هو الذي
113
القول في تأويل قوله تعالى: إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدأ الخلق ثم يعيده ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون يقول تعالى ذكره: إلى ربكم الذي صفته ما وصف جل ثناؤه في الآية قبل هذه،
115
القول في تأويل قوله تعالى: هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون يقول تعالى ذكره: إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض هو الذي جعل الشمس ضياء بالنهار والقمر نورا
118
القول في تأويل قوله تعالى: إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السموات والأرض لآيات لقوم يتقون يقول تعالى ذكره منبها عباده على موضع الدلالة على ربوبيته وأنه خالق كل ما دونه. إن في اعتقاب الليل والنهار واعتقاب النهار الليل. إذا ذهب هذا جاء هذا
119
القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون يقول تعالى ذكره: إن الذين لا يخافون لقاءنا يوم القيامة، فهم لذلك مكذبون بالثواب والعقاب، متنافسون في
120
القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين يقول تعالى ذكره: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إن الذين
123
القول في تأويل قوله تعالى: ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون يقول تعالى ذكره: ولو يعجل الله للناس إجابة دعائهم في الشر وذلك فيما عليهم مضرة في نفس أو مال؛ استعجالهم بالخير يقول:
129
القول في تأويل قوله تعالى: وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون يقول تعالى ذكره: وإذا أصاب الإنسان الشدة والجهد دعانا لجنبه يقول: استغاث بنا في كشف ذلك عنه،
132
القول في تأويل قوله تعالى: ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين يقول تعالى ذكره: ولقد أهلكنا الأمم التي كذبت رسل الله من قبلكم أيها المشركون بربهم لما ظلموا يقول: لما أشركوا وخالفوا
133
القول في تأويل قوله تعالى: ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون يقول تعالى ذكره: ثم جعلناكم أيها الناس خلائف من بعد هؤلاء القرون الذين أهلكناهم لما ظلموا تخلفونهم في الأرض وتكونون فيها بعدهم لننظر كيف تعملون يقول: لينظر ربكم أين عملكم
134
القول في تأويل قوله تعالى: وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم يقول تعالى ذكره: وإذا قرئ على هؤلاء المشركين
136
القول في تأويل قوله تعالى: قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به يقول تعالى ذكره لنبيه معرفه الحجة على هؤلاء المشركين الذين قالوا له ائت بقرآن غير هذا أو بدله: قل لهم يا محمد لو شاء الله ما تلوته عليكم أي ما تلوت هذا القرآن عليكم أيها الناس بأن
137
القول في تأويل قوله تعالى: فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل لهؤلاء المشركين الذين نسبوك فيما جئتهم به من عند ربك إلى الكذب: أي خلق أشر بعدنا وأوضع لقيله في غير موضعه
141
القول في تأويل قوله تعالى: ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السموات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون يقول تعالى ذكره: ويعبد هؤلاء المشركون الذين وصفت لك يا محمد صفتهم من دون
142
القول في تأويل قوله تعالى: وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون يقول تعالى ذكره: وما كان الناس إلا أهل دين واحد وملة واحدة، فاختلفوا في دينهم، فافترقت بهم السبل في ذلك. ولولا كلمة سبقت من ربك يقول:
143
القول في تأويل قوله تعالى: ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين يقول تعالى ذكره: ويقول هؤلاء المشركون: هلا أنزل على محمد آية من ربه يقول: علم ودليل نعلم به أن محمدا محق فيما يقول. قال الله له: فقل يا
144
القول في تأويل قوله تعالى: وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا قل الله أسرع مكرا إن رسلنا يكتبون ما تمكرون يقول تعالى ذكره: وإذا رزقنا المشركين بالله فرجا بعد كرب ورخاء بعد شدة أصابتهم. وقيل: عنى به المطر بعد القحط، والضراء
144
القول في تأويل قوله تعالى: هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين يقول تعالى ذكره:
145
القول في تأويل قوله تعالى: فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون يقول تعالى ذكره: فلما أنجى الله هؤلاء الذين ظنوا في البحر أنهم أحيط بهم من الجهد الذي
148
القول في تأويل قوله تعالى: إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل
149
القول في تأويل قوله تعالى: والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم يقول تعالى ذكره لعباده: أيها الناس لا تطلبوا الدنيا وزينتها، فإن مصيرها إلى فناء وزوال كما مصير النبات الذي ضربه الله لها مثلا إلى هلاك وبوار، ولكن اطلبوا الآخرة
153
القول في تأويل قوله تعالى: للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون يقول تعالى ذكره: للذين أحسنوا عبادة الله في الدنيا من خلقه فأطاعوه فيما أمر ونهى الحسنى ثم اختلف أهل التأويل في معنى الحسنى والزيادة
155
القول في تأويل قوله تعالى: ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون " يعني جل ثناؤه بقوله: ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة لا يغشى وجوههم كآبة ولا كسوف حتى تصير من الحزن كأنما علاها قتر. والقتر: الغبار وهو جمع قترة، ومنه قول الشاعر:
165
القول في تأويل قوله تعالى: والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يقول تعالى ذكره: والذين عملوا السيئات في الدنيا، فعصوا الله فيها، وكفروا به
166
القول في تأويل قوله تعالى: كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يقول تعالى ذكره: كأنما ألبست وجوه هؤلاء الذين كسبوا السيئات قطعا من الليل، وهي جمع قطعة. وكان قتادة يقول في تأويل ذلك ما
168
القول في تأويل قوله تعالى: ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون يقول تعالى ذكره: ويوم نجمع الخلق لموقف الحساب جميعا، ثم نقول حينئذ للذين أشركوا بالله الآلهة والأنداد: مكانكم؛ أي
170
القول في تأويل قوله تعالى: فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل شركاء المشركين من الآلهة والأوثان لهم يوم القيامة، إذ قال المشركون بالله لها: إياكم كنا نعبد، كفى بالله شهيدا بيننا وبينكم؛ أي إنها تقول
172
القول في تأويل قوله تعالى: هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون اختلفت القراء في قراءة قوله: هنالك تبلو كل نفس بالباء، بمعنى: عند ذلك تختبر كل نفس بما قدمت من خير أو شر. وكان ممن يقرؤه ويتأوله كذلك مجاهد
173
القول في تأويل قوله تعالى: قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين بالله
175
القول في تأويل قوله تعالى: فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون يقول تعالى ذكره لخلقه: أيها الناس، فهذا الذي يفعل هذه الأفعال، فيرزقكم من السماء والأرض ويملك السمع والأبصار، ويخرج الحي من الميت والميت من الحي، ويدبر الأمر الله
177
القول في تأويل قوله تعالى: كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون يقول تعالى ذكره: كما قد صرف هؤلاء المشركون عن الحق إلى الضلال، كذلك حقت كلمة ربك يقول: وجب عليهم قضاؤه وحكمه في السابق من علمه، على الذين فسقوا فخرجوا من طاعة ربهم إلى
177
القول في تأويل قوله تعالى: قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده فأنى تؤفكون يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد هل من شركائكم يعني من الآلهة والأوثان من يبدأ الخلق ثم يعيده يقول: من ينشئ خلق شيء من
177
القول في تأويل قوله تعالى: قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق قل الله يهدي للحق أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين هل من شركائكم الذين تدعون
178
القول في تأويل قوله تعالى وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا إن الله عليم بما يفعلون يقول تعالى ذكره: وما يتبع أكثر هؤلاء المشركين إلا ظنا، يقول: إلا ما لا علم لهم بحقيقته وصحته، بل هم منه في شك وريبة. إن الظن لا يغني من الحق شيئا
181
القول في تأويل قوله تعالى: وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين يقول تعالى ذكره: ما ينبغي لهذا القرآن أن يفترى من دون الله، يقول: ما ينبغي له أن يتخرصه أحد من عند غير الله، وذلك
181
القول في تأويل قوله تعالى: أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين يقول تعالى ذكره: أم يقول هؤلاء المشركون: افترى محمد هذا القرآن من نفسه، فاختلقه وافتعله. قل يا محمد لهم: إن كان كما تقولون أني اختلقته
182
القول في تأويل قوله تعالى: بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين يقول تعالى ذكره: ما بهؤلاء المشركين يا محمد تكذيبك، ولكن بهم التكذيب بما لم يحيطوا بعلمه مما أنزل الله عليك في هذا القرآن من
184
القول في تأويل قوله تعالى: ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين يقول تعالى ذكره: ومن قومك يا محمد من قريش من سوف يؤمن به، يقول: من سوف يصدق بالقرآن، ويقر أنه من عند الله. ومنهم من لا يؤمن به أبدا، يقول: ومنهم من لا يصدق به،
184
القول في تأويل قوله تعالى: وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم: وإن كذبك يا محمد هؤلاء المشركون وردوا عليك ما جئتهم به من عند ربك، فقل لهم: أيها القوم لي ديني
185
القول في تأويل قوله تعالى: ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ومن هؤلاء المشركين من يستمعون إلى قولك. أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون يقول: أفأنت تخلق لهم السمع ولو كانوا لا
186
القول في تأويل قوله تعالى: ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون يقول تعالى ذكره: ومن هؤلاء المشركين، مشركي قومك، من ينظر إليك يا محمد ويرى أعلامك وحججك على نبوتك، ولكن الله قد سلبه التوفيق فلا يهتدي، ولا تقدر أن تهديه، كما لا
186
القول في تأويل قوله تعالى: إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون يقول تعالى ذكره: إن الله لا يفعل بخلقه ما لا يستحقون منه، لا يعاقبهم إلا بمعصيتهم إياه، ولا يعذبهم إلا بكفرهم به؛ ولكن الناس يقول: ولكن الناس هم الذين يظلمون أنفسهم
187
القول في تأويل قوله تعالى: ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين يقول تعالى ذكره: ويوم نحشر هؤلاء المشركين فنجمعهم في موقف الحساب، كأنهم كانوا قبل ذلك لم يلبثوا إلا ساعة من نهار
187
القول في تأويل قوله تعالى: وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون يقول تعالى ذكره: وإما نرينك يا محمد في حياتك بعض الذي نعد هؤلاء المشركين من قومك من العذاب، أو نتوفينك قبل أن نريك ذلك فيهم. فإلينا مرجعهم يقول:
188
القول في تأويل قوله تعالى: ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون يقول تعالى ذكره: ولكل أمة خلت قبلكم أيها الناس رسول أرسلته إليهم، كما أرسلت محمدا إليكم يدعون من أرسلتهم إليهم إلى دين الله وطاعته. فإذا جاء رسولهم يعني في الآخرة
188
القول في تأويل قوله تعالى: ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: ويقول هؤلاء المشركون من قومك يا محمد متى هذا الوعد الذي تعدنا أنه يأتينا من عند الله؟ وذلك قيام الساعة؛ إن كنتم صادقين أنت ومن تبعك فيما تعدوننا
189
القول في تأويل قوله تعالى: قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لمستعجليك وعيد الله، القائلين لك: متى يأتينا الوعد الذي تعدنا إن كنتم صادقين: لا أملك لنفسي
189
القول في تأويل قوله تعالى: قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لهؤلاء المشركين من قومك: أرأيتم إن أتاكم عذاب الله بياتا، يقول: ليلا أو نهارا، وجاءت الساعة، وقامت القيامة أتقدرون على دفع ذلك
190
القول في تأويل قوله تعالى: أثم إذا ما وقع آمنتم به آلآن وقد كنتم به تستعجلون يقول تعالى ذكره: أهنالك إذا وقع عذاب الله بكم أيها المشركون آمنتم به، يقول: صدقتم به في حال لا ينفعكم فيها التصديق، وقيل لكم حينئذ: آلآن تصدقون به، وقد كنتم قبل الآن به
190
القول في تأويل قوله تعالى: ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون يقول تعالى ذكره: ثم قيل للذين ظلموا أنفسهم بكفرهم بالله: ذوقوا عذاب الخلد تجرعوا عذاب الله الدائم لكم أبدا، الذي لا فناء له ولا زوال. هل تجزون إلا بما كنتم
191
القول في تأويل قوله تعالى: ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين يقول تعالى ذكره: ويستخبرك هؤلاء المشركون من قومك يا محمد فيقولون لك. أحق ما تقول وما تعدنا به من عذاب الله في الدار الآخرة جزاء على ما كنا نكسب من معاصي الله في الدنيا؟
191
القول في تأويل قوله تعالى: ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون يقول تعالى ذكره: ولو أن لكل نفس كفرت بالله. وظلمها في هذا الموضع: عبادتها غير من يستحق عبادة وتركها طاعة من يجب عليها
191
القول في تأويل قوله تعالى: ألا إن لله ما في السموات والأرض ألا إن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون يقول جل ذكره: ألا إن كل ما في السماوات وكل ما في الأرض من شيء لله ملك، لا شيء فيه لأحد سواه. يقول: فليس لهذا الكافر بالله يومئذ شيء يملكه فيفتدي به
192
القول في تأويل قوله تعالى: هو يحيي ويميت وإليه ترجعون يقول تعالى ذكره: إن الله هو المحيي المميت لا يتعذر عليه فعل ما أراد فعله من إحياء هؤلاء المشركين إذا أراد إحياءهم بعد مماتهم، ولا إماتتهم إذا أراد ذلك، وهم إليه يصيرون بعد مماتهم فيعاينون ما كانوا
193
القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين يقول تعالى ذكره لخلقه: يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم يعني ذكرى تذكركم عقاب الله وتخوفكم وعيده من ربكم. يقول: من عند ربكم لم يختلقها محمد
193
القول في تأويل قوله تعالى: قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين بك وبما أنزل إليك من عند ربك: بفضل الله أيها الناس الذي تفضل به عليكم، وهو الإسلام، فبينه لكم
194
القول في تأويل قوله تعالى: قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين: أرأيتم أيها الناس ما أنزل الله لكم من رزق يقول: ما خلق الله
200
القول في تأويل قوله تعالى: وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون يقول تعالى ذكره: وما ظن هؤلاء الذين يتخرصون على الله الكذب فيضيفون إليه تحريم ما لم يحرمه عليهم من الأرزاق، والأقوات التي جعلها
203
القول في تأويل قوله تعالى: وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه
204
القول في تأويل قوله تعالى: ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون يقول تعالى ذكره: ألا إن أنصار الله لا خوف عليهم في الآخرة من عقاب الله؛ لأن الله رضي عنهم فآمنهم من عقابه، ولا هم يحزنون على ما فاتهم من الدنيا. والأولياء جمع ولي، وهو النصير
208
القول في تأويل قوله تعالى: الذين آمنوا وكانوا يتقون يقول تعالى ذكره: الذين صدقوا الله ورسوله، وما جاء به من عند الله، وكانوا يتقون الله بأداء فرائضه واجتناب معاصيه. وقوله: الذين آمنوا من نعت الأولياء. ومعنى الكلام: ألا إن أولياء الله الذين آمنوا
213
القول في تأويل قوله تعالى لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم يقول تعالى ذكره: البشرى من الله في الحياة الدنيا وفي الآخرة لأولياء الله الذين آمنوا وكانوا يتقون. ثم اختلف أهل التأويل في البشرى التي بشر الله
214
القول في تأويل قوله تعالى: ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعا هو السميع العليم يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لا يحزنك يا محمد قول هؤلاء المشركين في ربهم ما يقولون، وإشراكهم معه الأوثان والأصنام؛ فإن العزة لله جميعا، يقول تعالى ذكره
226
القول في تأويل قوله تعالى: ألا إن لله من في السموات ومن في الأرض وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون يقول تعالى ذكره: ألا إن لله يا محمد كل من في السماوات ومن في الأرض ملكا وعبيدا لا مالك لشيء من ذلك سواه، يقول
227
القول في تأويل قوله تعالى: هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون يقول تعالى ذكره: إن ربكم أيها الناس الذي استوجب عليكم العبادة هو الرب الذي جعل لكم الليل وفصله من النهار، لتسكنوا فيه مما كنتم فيه في نهاركم من
227
القول في تأويل قوله تعالى: قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني له ما في السموات وما في الأرض إن عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون يقول تعالى ذكره: قال هؤلاء المشركون بالله من قومك يا محمد: اتخذ الله ولدا، وذلك قولهم: الملائكة بنات
228
القول في تأويل قوله تعالى: قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهم إن الذين يفترون على الله الكذب فيقولون عليه
229
القول في تأويل قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: واتل على
230
القول في تأويل قوله تعالى: فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل نبيه نوح عليه السلام لقومه: فإن توليتم أيها القوم عني بعد دعائي إياكم وتبليغ رسالة ربي إليكم مدبرين، فأعرضتم عما دعوتكم
235
القول في تأويل قوله تعالى: فكذبوه فنجيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين يقول تعالى ذكره: فكذب نوحا قومه فيما أخبرهم به عن الله من الرسالة والوحي، فنجيناه ومن معه ممن حمل معه في الفلك، يعني في
236
القول في تأويل قوله تعالى: ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين يقول تعالى ذكره: ثم بعثنا من بعد نوح رسلا إلى قومهم، فأتوهم ببينات من الحجج والأدلة على صدقهم، وأنهم لله رسل
237
القول في تأويل قوله تعالى: ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون إلى فرعون وملئه بآياتنا فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين يقول تعالى ذكره: ثم بعثنا من بعد هؤلاء الرسل الذين أرسلناهم من بعد نوح إلى قومهم موسى وهارون ابني عمران إلى فرعون مصر وملئه يعني: وأشراف قومه
237
القول في تأويل قوله تعالى: فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا إن هذا لسحر مبين قال موسى أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا ولا يفلح الساحرون
238
يقول تعالى ذكره: فلما جاءهم الحق من عندنا يعني: فلما جاءهم بيان ما دعاهم إليه موسى وهارون، وذلك الحجج التي جاءهم بها، وهي الحق الذي جاءهم من عند الله؛ قالوا إن هذا لسحر مبين يعنون: أنه يبين لمن رآه وعاينه أنه سحر لا حقيقة له. قال موسى لهم:
238
القول في تأويل قوله تعالى: قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض وما نحن لكما بمؤمنين يقول تعالى ذكره: قال فرعون وملؤه لموسى: أجئتنا لتلفتنا يقول: لتصرفنا وتلوينا، عما وجدنا عليه آباءنا من قبل مجيئك من الدين؛ يقال
239
القول في تأويل قوله تعالى: وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون يقول تعالى ذكره: وقال فرعون لقومه: ائتوني بكل من يسحر من السحرة، عليم بالسحر. فلما جاء السحرة فرعون، قال موسى: ألقوا ما أنتم ملقون من
241
القول في تأويل قوله تعالى: فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين يقول تعالى ذكره: فلما ألقوا ما هم ملقوه قال لهم موسى ما جئتم به السحر واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء الحجاز والعراق " ما جئتم به
242
القول في تأويل قوله تعالى: ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون يقول تعالى ذكره مخبرا عن موسى أنه قال للسحرة: ويحق الله الحق يقول: ويثبت الله الحق الذي جئتكم به من عنده، فيعليه على باطلكم، ويصححه بكلماته، يعني بأمره؛ ولو كره المجرمون يعني الذين
244
القول في تأويل قوله تعالى: فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم وإن فرعون لعال في الأرض وإنه لمن المسرفين يقول تعالى ذكره: فلم يؤمن لموسى مع ما أتاهم به من الحجج والأدلة إلا ذرية من قومه خائفين من فرعون وملئهم. ثم اختلف أهل
244
القول في تأويل قوله تعالى: وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل موسى نبيه لقومه: يا قوم إن كنتم أقررتم بوحدانية الله وصدقتم بربوبيته. فعليه توكلوا يقول: فبه فثقوا، ولأمره فسلموا، فإنه لن يخذل
250
القول في تأويل قوله تعالى: فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين يقول تعالى ذكره: فقال قوم موسى لموسى: على الله توكلنا أي به وثقنا، وإليه فوضنا أمرنا. وقوله: ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين يقول جل ثناؤه مخبرا عن قوم موسى
250
القول في تأويل قوله تعالى: ونجنا برحمتك من القوم الكافرين يقول تعالى ذكره: ونجنا يا ربنا برحمتك، فخلصنا من أيدي القوم الكافرين قوم فرعون؛ لأنهم كان يستعبدونهم، ويستعملونهم في الأشياء القذرة من خدمتهم
254
القول في تأويل قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين يقول تعالى ذكره: وأوحينا إلى موسى، وأخيه أن اتخذا لقومكما بمصر بيوتا، يقال منه: تبوأ فلان لنفسه بيتا: إذا اتخذه. وكذلك
254
القول في تأويل قوله تعالى: وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم يقول تعالى ذكره: وقال موسى يا ربنا إنك أعطيت فرعون، وكبراء قومه
261
القول في تأويل قوله تعالى: قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون وهذا خبر من الله عن إجابته لموسى صلى الله عليه وسلم وهارون دعاءهما على فرعون وأشراف قومه وأموالهم. يقول جل ثناؤه: قال الله لهما قد أجيبت دعوتكما في فرعون وملئه
270
القول في تأويل قوله تعالى: وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين يقول تعالى ذكره: وقطعنا ببني إسرائيل البحر حتى جاوزوه. فأتبعهم فرعون يقول:
273
القول في تأويل قوله تعالى: الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين يقول تعالى ذكره معرفا فرعون قبح صنيعه أيام حياته وإساءته إلى نفسه أيام صحته، بتماديه في طغيانه ومعصيته ربه حين فزع إليه في حال حلول سخطه به ونزول عقابه، مستجيرا به من عذابه الواقع به لما
278
القول في تأويل قوله تعالى: فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون يقول تعالى ذكره لفرعون: فاليوم نجعلك على نجوة الأرض ببدنك، ينظر إليك هالكا من كذب بهلاكك. لتكون لمن خلفك آية يقول: لمن بعدك من الناس عبرة يعتبرون
279
القول في تأويل قوله تعالى: ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق ورزقناهم من الطيبات فما اختلفوا حتى جاءهم العلم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون يقول تعالى ذكره: ولقد أنزلنا بني إسرائيل منازل صدق. قيل: عنى بذلك الشأم وبيت المقدس. وقيل
283
القول في تأويل قوله تعالى: فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فإن كنت يا محمد في شك من حقيقة ما أخبرناك وأنزل إليك من أن بني إسرائيل
286
القول في تأويل قوله تعالى: ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ولا تكونن يا محمد من الذين كذبوا بحجج الله وأدلته، فتكون ممن غبن حظه وباع رحمة الله ورضاه بسخطه وعقابه
289
القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم يقول تعالى ذكره: إن الذين وجبت عليهم يا محمد كلمة ربك، وهي لعنته إياهم بقوله: ألا لعنة الله على الظالمين فثبتت عليهم، يقال منه: حق على فلان
289
القول في تأويل قوله تعالى: فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين يقول تعالى ذكره: فهلا كانت قرية آمنت وهي كذلك فيما ذكر في قراءة أبي. ومعنى الكلام: فما كانت قرية آمنت عند
291
القول في تأويل قوله تعالى: ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين يقول تعالى ذكره لنبيه: ولو شاء يا محمد ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا بك، فصدقوك أنك لي رسول وأن ما جئتهم به وما تدعوهم إليه من توحيد الله، وإخلاص
297
القول في تأويل قوله تعالى: وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون يقول تعالى ذكره لنبيه: وما كان لنفس خلقتها من سبيل إلى تصديقك يا محمد إلا بإذن آذن لها في ذلك، فلا تجهدن نفسك في طلب هداها، وبلغها وعيد الله وعرفها ما أمرك
299
القول في تأويل قوله تعالى: قل انظروا ماذا في السموات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لهؤلاء المشركين من قومك، السائليك الآيات على صحة ما تدعوهم إليه من توحيد الله وخلع الأنداد والأوثان: انظروا أيها القوم
300
القول في تأويل قوله تعالى: فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم محذرا مشركي قومه من حلول عاجل نقمه بساحتهم نحو الذي حل بنظرائهم من قبلهم من سائر الأمم الخالية من
301
القول في تأويل قوله تعالى: ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لهؤلاء المشركين من قومك انتظروا مثل أيام الذين خلوا من قبلكم من الأمم السالفة الذين هلكوا بعذاب الله، فإن ذلك إذا جاء لم يهلك به سواهم، ومن
302
القول في تأويل قوله تعالى: قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين من قومك الذين عجبوا أن
303
القول في تأويل قوله تعالى: وأن أقم وجهك للدين حنيفا ولا تكونن من المشركين يقول تعالى ذكره: وأمرت أن أكون من المؤمنين، وأن أقم. و " أن " الثانية عطف على " أن " الأولى. ويعني بقوله: أقم وجهك للدين أقم نفسك على دين الإسلام حنيفا مستقيما عليه غير معوج
304
القول في تأويل قوله تعالى: ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين يقول تعالى ذكره: ولا تدع يا محمد من دون معبودك، وخالقك شيئا لا ينفعك في الدنيا، ولا في الآخرة، ولا يضرك في دين ولا دنيا، يعني بذلك الآلهة والأصنام،
304
القول في تأويل قوله تعالى: وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم يقول تعالى ذكره لنبيه: وإن يصبك الله يا محمد بشدة أو بلاء، فلا كاشف لذلك إلا ربك الذي أصابك به دون ما يعبده هؤلاء
304
القول في تأويل قوله تعالى: قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد للناس يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم يعني: كتاب
305
القول في تأويل قوله تعالى: واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين يقول تعالى ذكره: واتبع يا محمد وحي الله الذي يوحيه إليك، وتنزيله الذي ينزله عليك، فاعمل به واصبر على ما أصابك في الله من مشركي قومك من الأذى، والمكاره، وعلى ما نالك
306
سورة هود
308
القول في تفسير السورة التي يذكر فيها هود بسم الله الرحمن الرحيم الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير قال أبو جعفر: قد ذكرنا اختلاف أهل التأويل في تأويل قوله الر والصواب من القول في ذلك عندنا بشواهده، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. وقوله:
308
القول في تأويل قوله تعالى: ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير يقول تعالى ذكره: ثم فصلت بأن لا تعبدوا إلا الله وحده لا شريك له، وتخلعوا الآلهة والأنداد. ثم قال تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد للناس إنني لكم من عند الله
312
القول في تأويل قوله تعالى: وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير يقول تعالى ذكره: ثم فصلت آياته بأن لا تعبدوا إلا الله وبأن استغفروا ربكم. ويعني بقوله: وأن استغفروا
312
القول في تأويل قوله تعالى: إلى الله مرجعكم وهو على كل شيء قدير يقول تعالى ذكره إلى الله أيها القوم مآبكم ومصيركم، فاحذروا عقابه إن توليتم عما أدعوكم إليه من التوبة إليه من عبادتكم الآلهة والأصنام، فإنه مخلدكم نار جهنم إن هلكتم على شرككم قبل التوبة
316
القول في تأويل قوله تعالى: ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور اختلف القراء في قراءة قوله: ألا إنهم يثنون صدورهم فقرأته عامة الأمصار: ألا إنهم يثنون صدورهم على تقدير يفعلون من " ثنيت
316
القول في تأويل قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين يعني تعالى ذكره بقوله: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها وما تدب دابة في الأرض. والدابة: الفاعلة من دب فهو يدب، وهو داب، وهي دابة. إلا
324
القول في تأويل قوله تعالى: وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين يقول تعالى ذكره: الله الذي إليه مرجعكم أيها الناس جميعا وهو الذي خلق
328
القول في تأويل قوله تعالى: ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون يقول تعالى ذكره: ولئن أخرنا عن هؤلاء المشركين من قومك يا محمد العذاب، فلم نعجله لهم، وأنسأنا في آجالهم إلى
336
القول في تأويل قوله تعالى: ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليئوس كفور يقول تعالى ذكره: ولئن أذقنا الإنسان منا رخاء وسعة في الرزق والعيش، فبسطنا عليه من الدنيا، وهي الرحمة التي ذكرها تعالى ذكره في هذا الموضع، ثم نزعناها منه يقول: ثم
339
القول في تأويل قوله تعالى: ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير يقول تعالى ذكره: ولئن نحن بسطنا للإنسان في دنياه، ورزقناه رخاء في عيشه، ووسعنا عليه في رزقه؛
340
القول في تأويل قوله تعالى: فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فلعلك يا محمد تارك بعض ما يوحي إليك ربك أن تبلغه من أمرك
342
القول في تأويل قوله تعالى: أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم كفاك حجة على حقيقة ما أتيتهم به ودلالة على صحة نبوتك، هذا القرآن من سائر الآيات غيره،
343
القول في تأويل قوله تعالى: فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون يقول تعالى ذكره لنبيه: قل يا محمد لهؤلاء المشركين: فإن لم يستجب لكم من تدعون من دون الله إلى أن يأتوا بعشر سور مثل هذا القرآن مفتريات، ولم
345
القول في تأويل قوله تعالى: من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون يقول تعالى ذكره: من كان يريد بعمله الحياة الدنيا وأثاثها وزينتها يطلب به نوف إليهم أجور أعمالهم فيها وثوابها وهم فيها يقول: وهم في الدنيا لا يبخسون
346
القول في تأويل قوله تعالى: أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون يقول تعالى ذكره: هؤلاء الذين ذكرت أنا نوفيهم أجور أعمالهم في الدنيا ليس لهم في الآخرة إلا النار يصلونها، وحبط ما صنعوا فيها يقول: وذهب ما
353
القول في تأويل قوله تعالى: أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده فلا تك في مرية منه إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون يقول تعالى ذكره: أفمن كان على بينة من
353
القول في تأويل قوله تعالى: ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده فلا تك في مرية منه إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون يقول تعالى ذكره: ومن يكفر بهذا القرآن فيجحد أنه من عند الله من الأحزاب، وهم المتحزبة على مللهم فالنار موعده، إنه يصير إليها في
362
القول في تأويل قوله تعالى: ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين يقول تعالى ذكره: وأي الناس أشد تعذيبا ممن اختلق على الله كذبا فكذب عليه أولئك يعرضون على ربهم، ويقول
366
القول في تأويل قوله تعالى الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون يقول تعالى ذكره: ألا لعنة الله على الظالمين الذين يصدون الناس، عن الإيمان به، والإقرار له بالعبودة، وإخلاص العبادة له دون الآلهة والأنداد من مشركي قريش، وهم الذين
369
القول في تأويل قوله تعالى: أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض وما كان لهم من دون الله من أولياء يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون يعني جل ذكره بقوله: أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض هؤلاء الذين وصف جل ثناؤه أنهم يصدون عن سبيل الله
369
القول في تأويل قوله تعالى: أولئك الذين خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون يقول تعالى ذكره: هؤلاء الذين هذه صفتهم، هم الذين غبنوا أنفسهم حظوظها من رحمة الله. وضل عنهم ما كانوا يفترون وبطل كذبهم وإفكهم وفريتهم على الله، بادعائهم له شركاء، فسلك ما
372
القول في تأويل قوله تعالى: لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون يقول تعالى ذكره: حقا أن هؤلاء القوم الذين هذه صفتهم في الدنيا في الآخرة هم الأخسرون، الذين قد باعوا منازلهم من الجنان بمنازل أهل الجنة من النار؛ وذلك هو الخسران المبين. وقد بينا فيما مضى
373
القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون يقول تعالى ذكره: إن الذين صدقوا الله ورسوله وعملوا في الدنيا بطاعة الله وأخبتوا إلى ربهم. واختلف أهل التأويل في معنى الإخبات، فقال بعضهم:
373
القول في تأويل قوله تعالى: مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا أفلا تذكرون يقول تعالى ذكره: مثل فريقي الكفر والإيمان، كمثل الأعمى الذي لا يرى بعينه شيئا، والأصم الذي لا يسمع شيئا؛ فكذلك فريق الكفر لا يبصر الحق، فيتبعه ويعمل
376
القول في تأويل قوله تعالى: ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني لكم نذير مبين أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم يقول تعالى ذكره: ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني لكم أيها القوم نذير من الله أنذركم بأسه على كفركم به، فآمنوا به وأطيعوا أمره.
377
القول في تأويل قوله تعالى: فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين يقول تعالى ذكره: فقال الكبراء من قوم نوح وأشرافهم، وهم الملأ الذين كفروا بالله،
379
القول في تأويل قوله تعالى: قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل نوح لقومه إذ كذبوه وردوا عليه ما جاءهم به من عند الله من النصيحة: يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة
381
القول في تأويل قوله تعالى: ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقو ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون وهذا أيضا خبر من الله عن قيل نوح لقومه أنه قال لهم: يا قوم لا أسألكم على نصيحتي لكم ودعايتكم إلى توحيد الله،
384
القول في تأويل قوله تعالى: ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذكرون يقول: ويا قوم من ينصرني فيمنعني من الله إن هو عاقبني على طردي المؤمنين الموحدين الله إن طردتهم. أفلا تذكرون يقول: أفلا تتفكرون فيما تقولون، فتعلمون خطأه فتنتهوا عنه
386
القول في تأويل قوله تعالى: ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم إني إذا لمن الظالمين وقوله: ولا أقول لكم عندي خزائن الله عطف على قوله: ويا قوم لا أسألكم
386
القول في تأويل قوله تعالى: قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين يقول تعالى ذكره: قال قوم نوح لنوح عليه السلام: قد خاصمتنا فأكثرت خصومتنا فأتنا بما تعدنا من العذاب إن كنت من الصادقين في عداتك، ودعواك أنك لله رسول.
387
القول في تأويل قوله تعالى: قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون يقول تعالى ذكره: قال نوح لقومه حين استعجلوه العذاب: يا قوم ليس الذي تستعجلون من العذاب إلي،
388
القول في تأويل قوله تعالى: أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلي إجرامي وأنا بريء مما تجرمون يقول تعالى ذكره: أيقول يا محمد هؤلاء المشركون من قومك: افترى محمد هذا القرآن؟ وهذا الخبر عن نوح. قل لهم: إن افتريته فتخرصته واختلقته فعلي إجرامي يقول: فعلي
389
القول في تأويل قوله تعالى: وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون يقول تعالى ذكره: وأوحى الله إلى نوح لما حق على قومه القول وأظلهم أمر الله، أنه لن يؤمن يا نوح بالله، فيوحده ويتبعك على ما تدعوه إليه من قومك إلا من
390
القول في تأويل قوله تعالى: واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون يقول تعالى ذكره: وأوحي إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن، وأن اصنع الفلك، وهو السفينة؛ كما:
392
القول في تأويل قوله تعالى: ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق
393
القول في تأويل قوله تعالى: من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل نوح لقومه: فسوف تعلمون أيها القوم
401
القول في تأويل قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم يقول تعالى ذكره: وقال نوح: اركبوا في الفلك بسم الله مجراها ومرساها. وفي الكلام محذوف قد استغنى بدلالة ما ذكر من الخبر عليه عنه، وهو قوله: قلنا احمل فيها من كل
413
القول في تأويل قوله تعالى: وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين يعني تعالى ذكره بقوله: وهي تجري بهم والفلك تجري بنوح ومن معه فيها في موج كالجبال ونادى نوح ابنه يام وكان في معزل عنه لم يركب معه
416
القول في تأويل قوله تعالى: قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين يقول تعالى ذكره: قال ابن نوح لما دعاه نوح إلى أن يركب معه السفينة خوفا عليه من الغرق: سآوي إلى جبل يعصمني من الماء
416
القول في تأويل قوله تعالى: وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين يقول الله تعالى ذكره: وقال الله للأرض بعد ما تناهى أمره في هلاك قوم نوح بما أهلكهم به من الغرق: يا أرض ابلعي ماءك أي
419
واستوت على الجودي
422
القول في تأويل قوله تعالى: ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين يقول تعالى ذكره: ونادى نوح ربه، فقال: رب إنك وعدتني أن تنجيني من الغرق والهلاك وأهلي، وقد هلك ابني، وابني من أهلي. وإن وعدك الحق الذي لا خلف له.
425
القول في تأويل قوله تعالى: قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين يقول الله تعالى ذكره: قال الله يا نوح إن الذي غرقته فأهلكته الذي تذكر أنه من أهلك ليس من أهلك واختلف أهل التأويل في معنى قوله
425
القول في تأويل قوله تعالى: قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين يقول تعالى ذكره مخبرا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم عن إنابة نوح عليه السلام بالتوبة إليه من زلته في مسألته التي سألها ربه في ابنه قال رب إني
437
القول في تأويل قوله تعالى: قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم يقول تعالى ذكره: يا نوح اهبط من الفلك إلى الأرض بسلام منا يقول: بأمن منا أنت ومن معك من إهلاكنا، وبركات عليك يقول: وبركات عليك،
437
القول في تأويل قوله تعالى: تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: هذه القصة التي أنبأتك بها من قصة نوح وخبره وخبر قومه من أنباء الغيب يقول: هي من
441
القول في تأويل قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون يقول تعالى ذكره: وأرسلنا إلى قوم عاد أخاهم هودا، فقال لهم: يا قوم اعبدوا الله وحده لا شريك له دون ما تعبدون من دونه من الآلهة والأوثان. ما
442
القول في تأويل قوله تعالى: يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هود لقومه: يا قوم لا أسألكم على ما أدعوكم إليه من إخلاص العبادة لله، وخلع الأوثان، والبراءة منها جزاء وثوابا إن أجري إلا على
443
القول في تأويل قوله تعالى: ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هود لقومه: ويا قوم استغفروا ربكم يقول: آمنوا به حتى يغفر لكم ذنوبكم. والاستغفار: هو الإيمان
443
القول في تأويل قوله تعالى: قالوا يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين يقول تعالى ذكره: قال قوم هود لهود: يا هود ما أتيتنا ببيان، ولا برهان على ما تقول، فنسلم لك، ونقر بأنك صادق فيما تدعونا إليه من توحيد الله
445
القول في تأويل قوله تعالى: إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون وهذا خبر من الله تعالى ذكره، عن قول قوم هود أنهم قالوا له، إذ نصح لهم ودعاهم إلى توحيد الله وتصديقه، وخلع
446
القول في تأويل قوله تعالى: إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم يقول: إني على الله الذي هو مالكي ومالككم والقيم على جميع خلقه توكلت من أن تصيبوني أنتم وغيركم من الخلق بسوء، فإنه ليس من شيء يدب على الأرض
449
القول في تأويل قوله تعالى: فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ويستخلف ربي قوما غيركم ولا تضرونه شيئا إن ربي على كل شيء حفيظ يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هود لقومه: فإن تولوا يقول: فإن أدبروا معرضين عما أدعوهم إليه من توحيد الله، وترك عبادة
450
القول في تأويل قوله تعالى: ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ يقول تعالى ذكره: ولما جاء قوم هود عذابنا نجينا منه هودا والذين آمنوا بالله معه برحمة منا يعني بفضل منه عليهم ونعمة، ونجيناهم من عذاب غليظ يقول:
451
القول في تأويل قوله تعالى: وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد يقول تعالى ذكره: وهؤلاء الذين أحللنا بهم نقمتنا وعذابنا عاد جحدوا بأدلة الله وحججه، وعصوا رسله الذين أرسلهم إليهم للدعاء إلى توحيده واتباع أمره، واتبعوا أمر كل
451
القول في تأويل قوله تعالى: وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا إن عادا كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود يقول تعالى ذكره: وأتبع عاد قوم هود في هذه الدنيا غضبا من الله وسخطه يوم القيامة، مثلها لعنة إلى اللعنة التي سلفت لهم من الله في الدنيا ألا
452
القول في تأويل قوله تعالى: وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب يقول تعالى ذكره: وأرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا، فقال لهم: يا قوم اعبدوا الله وحده لا
452
القول في تأويل قوله تعالى: قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب يقول تعالى ذكره: قالت ثمود لصالح نبيهم: يا صالح قد كنت فينا مرجوا أي كنا نرجو أن تكون فينا سيدا قبل هذا القول الذي قلته
454
القول في تأويل قوله تعالى: قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير يقول تعالى ذكره: قال صالح لقومه من ثمود: يا قوم أرأيتم إن كنت على برهان وبيان من الله قد علمته وأيقنته وآتاني منه
455
القول في تأويل قوله تعالى: ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل صالح لقومه من ثمود إذ قالوا له وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب وسألوه الآية على ما دعاهم إليه: يا قوم هذه
455
القول في تأويل قوله تعالى: فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب يقول تعالى ذكره: فعقرت ثمود ناقة الله. وفي الكلام محذوف قد ترك ذكره استغناء بدلالة الظاهر عليه، وهو: فكذبوه فعقروها. فقال لهم صالح: تمتعوا في داركم ثلاثة أيام
456
القول في تأويل قوله تعالى: فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ إن ربك هو القوي العزيز يقول تعالى ذكره: فلما جاء ثمود عذابنا، نجينا صالحا والذين آمنوا به معه برحمة منا يقول: بنعمة وفضل من الله، ومن خزي يومئذ يقول:
457
القول في تأويل قوله تعالى: وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود يقول تعالى ذكره: وأصاب الذين فعلوا ما لم يكن لهم فعله من عقر ناقة الله وكفرهم به الصيحة، فأصبحوا في ديارهم جاثمين قد
464
القول في تأويل قوله تعالى: ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ يقول تعالى ذكره: ولقد جاءت رسلنا من الملائكة وهم فيما ذكر كانوا جبرئيل وملكين آخرين. وقيل أن الملكين الآخرين كانا ميكائيل وإسرافيل معه. إبراهيم
465
القول في تأويل قوله تعالى: فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط يقول تعالى ذكره: فلما رأى إبراهيم أيديهم لا تصل إلى العجل الذي أتاهم به والطعام الذي قدم إليهم نكرهم، وذلك أنه لما قدم طعامه صلى الله عليه
470
القول في تأويل قوله تعالى: وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب يقول تعالى ذكره: وامرأته سارة بنت هاران بن ناحور بن ساروج بن راعو بن فالغ، وهي ابنة عم إبراهيم. قائمة قيل: كانت قائمة من وراء الستر تستمع كلام الرسل، وكلام إبراهيم
472
القول في تأويل قوله تعالى: فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب يقول تعالى ذكره: فبشرنا سارة امرأة إبراهيم ثوابا منا لها على نكيرها وعجبها من فعل قوم لوط بإسحاق ولدا لها. ومن وراء إسحاق يعقوب يقول: ومن خلف إسحاق يعقوب من ابنها إسحاق. والوراء في كلام
478
القول في تأويل قوله تعالى: قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد يقول تعالى ذكره: قالت سارة لما بشرت بإسحاق أنها تلد تعجبا مما قيل لها من ذلك، إذ كانت قد
483
القول في تأويل قوله تعالى: فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط إن إبراهيم لحليم أواه منيب يقول تعالى ذكره: فلما ذهب عن إبراهيم الخوف الذي أوجسه في نفسه من رسلنا حين رأى أيديهم لا تصل إلى طعامه، وأمن أن يكون قصد في نفسه وأهله
485
القول في تأويل قوله تعالى: يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود يقول تعالى ذكره مخبرا عن قول رسله لإبراهيم: يا إبراهيم أعرض عن هذا وذلك قيلهم له حين جادلهم في قوم لوط، فقالوا: دع عنك الجدال في أمرهم والخصومة فيه إنه قد
493
القول في تأويل قوله تعالى: ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب يقول تعالى ذكره: ولما جاءت ملائكتنا لوطا، ساءه مجيئهم. وهو " فعل " من السوء، وضاق بهم بمجيئهم ذرعا يقول: وضاقت نفسه غما بمجيئهم، وذلك أنه لم يكن يعلم أنهم رسل
494
القول في تأويل قوله تعالى: وجآءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد يقول تعالى ذكره: وجاء لوطا قومه يستحثون إليه يرعدون مع سرعة المشي مما بهم من طلب الفاحشة
499
القول في تأويل قوله تعالى قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد يقول تعالى ذكره: قال قوم لوط للوط: لقد علمت يا لوط ما لنا في بناتك من حق لأنهن لسن لنا أزواجا. كما:
507
القول في تأويل قوله تعالى: قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد يقول تعالى ذكره: قال لوط لقومه حين أبوا إلا المضي لما قد جاءوا له من طلب الفاحشة وأيس من أن يستجيبوا له إلى شيء مما عرض عليهم: لو أن لي بكم قوة بأنصار تنصرني عليكم وأعوان تعينني، أو
508
القول في تأويل قوله تعالى: قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب يقول تعالى ذكره: قالت الملائكة للوط لما قال لوط لقومه لو أن لي بكم قوة أو آوي
513
القول في تأويل قوله تعالى: فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد يقول تعالى ذكره: ولما جاء أمرنا بالعذاب وقضاؤنا فيهم بالهلاك، جعلنا عاليها يعني عالي قريتهم سافلها وأمطرنا عليها
525
القول في تأويل قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط يقول تعالى ذكره: وأرسلنا إلى ولد مدين أخاهم شعيبا فلما أتاهم قال يا قوم اعبدوا الله ما
537
القول في تأويل قوله تعالى: ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل شعيب لقومه: أوفو الناس الكيل والميزان بالقسط، يقول: بالعدل، وذلك بأن توفوا أهل الحقوق التي هي مما يكال
540
القول في تأويل قوله تعالى: بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ يعني تعالى ذكره بقوله: بقية الله خير لكم ما أبقاه الله لكم بعد أن توفوا الناس حقوقهم بالمكيال والميزان بالقسط، فأحله لكم، خير لكم من الذي يبقى لكم ببخسكم الناس من حقوقهم
541
وقوله: وما أنا عليكم بحفيظ يقول: وما أنا عليكم أيها الناس برقيب أرقبكم عند كيلكم، ووزنكم هل توفون الناس حقوقهم أم تظلمونهم، وإنما علي أن أبلغكم رسالة ربي فقد أبلغتكموها
544
القول في تأويل قوله تعالى: قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد يقول تعالى ذكره: قال قوم شعيب: يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك عبادة ما يعبد آباؤنا من الأوثان والأصنام، أو أن نفعل في
544
وقوله: أصلاتك
546
القول في تأويل قوله تعالى: قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب يقول تعالى ذكره: قال شعيب لقومه: يا قوم أرأيتم إن
548
القول في تأويل قوله تعالى: ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل شعيب لقومه: ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي يقول: لا يحملنكم عداوتي وبغضي وفراق الدين الذي أنا عليه،
550
القول في تأويل قوله تعالى: واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل شعيب لقومه: استغفروا ربكم أيها القوم من ذنوبكم بينكم وبين ربكم التي أنتم عليها مقيمون من عبادة الآلهة والأصنام، وبخس الناس حقوقهم في المكاييل
552
القول في تأويل قوله تعالى: قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز يقول تعالى ذكره: قال قوم شعيب لشعيب: يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول أي ما نعلم حقيقة كثير مما تقول وتخبرنا به. وإنا لنراك
552
وقوله: ولولا رهطك لرجمناك يقول: يقولون: ولولا أنت في عشيرتك وقومك لرجمناك، يعنون: لسببناك. وقال بعضهم: معناه لقتلناك ذكر من قال ذلك:
554
القول في تأويل قوله تعالى: قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريا إن ربي بما تعملون محيط يقول تعالى ذكره: قال شعيب لقومه: يا قوم أعززتم قومكم، فكانوا أعز عليكم من الله، واستخففتم بربكم، فجعلتموه خلف ظهوركم، لا تأتمرون لأمره،
554
وقوله: إن ربي بما تعملون محيط يقول: إن ربي محيط علمه بعملكم، فلا يخفى عليه منه شيء، وهو مجازيكم على جميعه عاجلا وآجلا
558
القول في تأويل قوله تعالى: ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إني معكم رقيب يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل شعيب لقومه: ويا قوم اعملوا على مكانتكم يقول: على تمكنكم، يقال منه: الرجل يعمل على مكينته
558
القول في تأويل قوله تعالى: من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إني معكم رقيب يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل نبيه شعيب لقومه: الذي يأتيه منا ومنكم أيها القوم عذاب يخزيه يقول: يذله ويهينه؛ ومن هو كاذب يقول: ويخزي أيضا الذي هو كاذب في قيله وخبره منا
559
القول في تأويل قوله تعالى: ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين يقول تعالى ذكره: ولما جاء قضاؤنا في قوم شعيب بعذابنا نجينا شعيبا رسولنا والذين آمنوا به فصدقوه على ما جاءهم به من عند
559
القول في تأويل قوله تعالى: كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود يقول تعالى ذكره: كأن لم يعش قوم شعيب الذين أهلكهم الله بعذابه حين أصبحوا جاثمين في ديارهم قبل ذلك. ولم يغنوا، من قولهم: غنيت بمكان كذا: إذا أقمت به، ومنه قول النابغة: غنيت
560
وقوله: ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود يقول تعالى ذكره: إلا أبعد الله مدين من رحمته بإحلال نقمته كما بعدت ثمود، يقول: كما بعدت من قبلهم ثمود من رحمته بإنزال سخطه بهم
561
القول في تأويل قوله تعالى: ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وملئه فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد يقول تعالى ذكره: ولقد أرسلنا موسى بأدلتنا على توحيدنا، وحجة تبين لمن عاينها، وتأملها بقلب صحيح، أنها تدل على توحيد الله، وكذب كل
561
القول في تأويل قوله تعالى: يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود يقول تعالى ذكره: يقدم فرعون قومه يوم القيامة يقودهم، فيمضي بهم إلى النار حتى يوردهموها، ويصليهم سعيرها. وبئس الورد يقول: وبئس الورد الذي يردونه. وبنحو الذي قلنا في
561
القول في تأويل قوله تعالى: وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود يقول الله تعالى ذكره: وأتبعهم الله في هذه، يعني في هذه الدنيا مع العذاب الذي عجله لهم فيها من الغرق في البحر، لعنته. ويوم القيامة يقول: وفي يوم القيامة أيضا يلعنون لعنة
563
القول في تأويل قوله تعالى: ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: هذا القصص الذي ذكرناه لك في هذه السورة، والنبأ الذي أنبأناكه فيها من أخبار القرى التي أهلكنا أهلها بكفرهم بالله، وتكذيبهم رسله،
566
القول في تأويل قوله تعالى: وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب يقول تعالى ذكره: وما عاقبنا أهل هذه القرى التي اقتصصنا نبأها عليك يا محمد بغير استحقاق منهم عقوبتنا، فنكون
568
القول في تأويل قوله تعالى: وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد يقول تعالى ذكره: وكما أخذت أيها الناس أهل هذه القرى التي اقتصصت عليك نبأ أهلها بما أخذتهم به من العذاب، على خلافهم أمري، وتكذيبهم رسلي، وجحودهم آياتي، فكذلك أخذي
571
القول في تأويل قوله تعالى: إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود يقول تعالى ذكره: إن في أخذنا من أخذنا من أهل القرى التي اقتصصنا خبرها عليكم أيها الناس لآية، يقول: لعبرة وعظة لمن خاف عقاب الله، وعذابه في الآخرة من
572
وقوله: ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود يقول تعالى ذكره: هذا اليوم، يعني يوم القيامة، يوم مجموع له الناس يقول: يحشر الله الناس من قبورهم، فيجمعهم فيه للجزاء والثواب والعقاب. وذلك يوم مشهود يقول: وهو يوم تشهده الخلائق لا يتخلف منهم أحد،
573
القول في تأويل قوله تعالى: وما نؤخره إلا لأجل معدود يقول تعالى ذكره. وما نؤخر يوم القيامة عنكم أن نجيئكم به إلا لآن يقضى، فقضى له أجلا فعده وأحصاه، فلا يأتي إلا لأجله ذلك، لا يتقدم مجيئه قبل ذلك ولا يتأخر
574
القول في تأويل قوله تعالى يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا
575
وقوله: إن ربك فعال لما يريد يقول تعالى ذكره: إن ربك يا محمد لا يمنعه مانع من فعل ما أراد فعله بمن عصاه وخالف أمره من الانتقام منه، ولكنه يفعل ما يشاء، فيمضي فعله فيهم وفيمن شاء من خلقه فعله وقضاءه
584
القول في تأويل قوله تعالى: وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء المدينة والحجاز والبصرة وبعض الكوفيين: (وأما الذين سعدوا) بفتح السين، وقرأ ذلك
584
القول في تأويل قوله تعالى: فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فلا تك في شك يا محمد مما يعبد هؤلاء المشركون من قومك من الآلهة والأصنام أنه ضلال
590
القول في تأويل قوله تعالى ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب يقول تعالى ذكره مسليا نبيه في تكذيب مشركي قومه إياه فيما أتاهم به من عند الله بفعل بني إسرائيل بموسى فيما أتاهم به من عند الله، يقول له
592
القول في تأويل قوله تعالى: وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم إنه بما يعملون خبير اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته جماعة من قراء أهل المدينة والكوفة: وإن مشددة كلا لما مشددة. واختلفت أهل العربية في معنى ذلك، فقال بعض نحويي الكوفيين: معناه إذا قرئ
593
وقوله: إنه بما يعملون خبير يقول تعالى ذكره: إن ربك بما يعمل هؤلاء المشركون بالله من قومك يا محمد، خبير، لا يخفى عليه شيء من عملهم بل يخبر ذلك كله ويعلمه ويحيط به حتى يجازيهم على جميع ذلك جزاءهم
598
القول في تأويل قوله تعالى: فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فاستقم أنت يا محمد على أمر ربك والدين الذي ابتعثك به والدعاء إليه، كما أمرك ربك. ومن تاب معك يقول: ومن رجع معك إلى
598
القول في تأويل قوله تعالى: ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون يقول تعالى ذكره: ولا تميلوا أيها الناس إلى قول هؤلاء الذين كفروا بالله، فتقبلوا منهم وترضوا أعمالهم، فتمسكم النار بفعلكم ذلك، وما لكم من
599
القول في تأويل قوله تعالى: وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وأقم الصلاة يا محمد، يعني صل طرفي النهار، يعني الغداة والعشي. واختلف أهل التأويل في التي عنيت
601
وأما قوله: وزلفا من الليل فإنه يعني: ساعات من الليل، وهي جمع زلفة، والزلفة. الساعة والمنزلة والقربة. وقيل: إنما سميت المزدلفة وجمع من ذلك لأنها منزل بعد عرفة. وقيل: سميت بذلك لازدلاف آدم من عرفة إلى حواء وهي بها؛ ومنه قول العجاج في صفة بعير:
606
وقوله: إن الحسنات يذهبن السيئات يقول تعالى ذكره: إن الإنابة إلى طاعة الله، والعمل بما يرضيه، يذهب آثام معصية الله ويكفر الذنوب. ثم اختلف أهل التأويل في الحسنات التي عنى الله في هذا الموضع اللاتي يذهبن السيئات، فقال بعضهم: هن الصلوات الخمس
611
وقوله: ذلك ذكرى للذاكرين يقول تعالى: هذا الذي أوعدت عليه من الركون إلى الظلم وتهددت فيه، والذي وعدت فيه من إقامة الصلوات اللواتي يذهبن السيئات تذكرة ذكرت بها قوما يذكرون وعد الله، فيرجون ثوابه، ووعيده فيخافون عقابه، لا من قد طبع على قلبه فلا يجيب
617
القول في تأويل قوله تعالى: واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين يقول تعالى ذكره: واصبر يا محمد على ما تلقى من مشركي قومك من الأذى في الله والمكروه رجاء جزيل ثواب الله على ذلك، فإن الله لا يضيع ثواب عمل من عمل فأطاع الله، واتبع أمره، فيذهب به، بل
627
القول في تأويل قوله تعالى: فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين يقول تعالى ذكره: فهلا كان من القرون الذين قصصت عليك نبأهم في هذه السورة الذين أهلكتهم
627
وقوله: واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه يقول تعالى ذكره: واتبع الذين ظلموا أنفسهم، فكفروا بالله ما أترفوا فيه ذكر من قال ذلك:
629
القول في تأويل قوله تعالى: وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون يقول تعالى ذكره: وما كان ربك يا محمد ليهلك القرى التي أهلكها، التي قص عليك نبأها، ظلما وأهلها مصلحون في أعمالهم، غير مسيئين، فيكون إهلاكه إياهم مع إصلاحهم في أعمالهم وطاعتهم ربهم
631
القول في تأويل قوله تعالى: ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين يقول تعالى ذكره: ولو شاء ربك يا محمد لجعل الناس كلها جماعة واحدة على ملة واحدة ودين واحد
632
وقوله: ولا يزالون مختلفين يقول تعالى ذكره: ولا يزال الناس مختلفين، إلا من رحم ربك ثم اختلف أهل التأويل في الاختلاف الذي وصف الله الناس أنهم لا يزالون به، فقال بعضهم: هو الاختلاف في الأديان. فتأويل ذلك على مذهب هؤلاء ولا يزال الناس مختلفين على أديان
632
وأما قوله: ولذلك خلقهم فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله، فقال بعضهم: معناه: وللاختلاف خلقهم ذكر من قال ذلك:
637
وأما قوله: وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين لعلمه السابق فيهم أنهم يستوجبون صليها بكفرهم بالله، وخلافهم أمره
641
وقوله: وتمت كلمة ربك قسم كقول القائل: حلفي لأزورنك، وبدا لي لآتينك؛ ولذلك تلقيت بلام اليمين
641
وقوله: من الجنة وهي ما اجتن عن أبصار بني آدم والناس، يعني: وبني آدم. وقيل: إنهم سموا جنة، لأنهم كانوا على الجنان ذكر من قال ذلك:
642
القول في تأويل قوله تعالى: وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين يقول تعالى ذكره: وكلا نقص عليك يا محمد من أنباء الرسل الذين كانوا قبلك، ما نثبت به فؤادك فلا تجزع من تكذيب من كذبك من قومك ورد عليك ما
642
وأما قوله: وجاءك في هذه الحق فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله، فقال بعضهم: معناه: وجاءك في هذه السورة الحق ذكر من قال ذلك:
643
وقوله: وموعظة يقول: وجاءك موعظة تعظ الجاهلين بالله وتبين لهم عبره ممن كفر به وكذب رسله. وذكرى للمؤمنين يقول: وتذكرة تذكر المؤمنين بالله ورسله كي لا يغفلوا عن الواجب لله عليهم
647
القول في تأويل قوله تعالى: وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون وانتظروا إنا منتظرون يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وقل يا محمد للذين لا يصدقونك ولا يقرون بوحدانية الله: اعملوا على مكانتكم يقول: على هينتكم وتمكنكم ما أنتم
648
القول في تأويل قوله تعالى: ولله غيب السموات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ولله يا محمد ملك كل ما غاب عنك في السماوات والأرض، فلم تطلع عليه ولم تعلمه، كل ذلك بيده
648
وقوله: وما ربك بغافل عما تعملون يقول تعالى ذكره: وما ربك يا محمد بساه عما يعمل هؤلاء المشركون من قومك، بل هو محيط به لا يعزب عنه شيء منه، وهو لهم بالمرصاد، فلا يحزنك إعراضهم عنك، ولا تكذيبهم بما جئتهم به من الحق، وامض لأمر ربك فإنك بأعيننا
649
نام کتاب :
تفسير الطبري = جامع البيان - ط هجر
نویسنده :
الطبري، أبو جعفر
جلد :
12
صفحه :
650
««صفحهاول
«صفحهقبلی
جلد :
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
««اول
«قبلی
جلد :
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
فرمت PDF
شناسنامه
فهرست
کتابخانه
مدرسه فقاهت
کتابخانهای رایگان برای مستند کردن مقالهها است
www.eShia.ir