راجعين إلى الفطرة الإنسانية وإلى العقل البشري منزهين عن الاغراض والاهواء والأوهام والشبهات. فإذا كان هلاك هولاء بعدم الاستفادة منهما فان النجاة عند ما تعرض الامور بالرجوع اليهما، وتجد القرآن العظيم يخاطب العقل والفطرة ليعلمنا الرجوع اليهما والاستفادة منهما.
من استوى عنده الانذار وعدم الانذار لا يرجى منه ايمان:
{وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [1].
المناسبة:
لما ذكر- تعالى- عدم ايمانهم لما سبق من علم الله فيهم ذكر هنا سببا آخر لذلك، وهو استواء الإنذار وعدمه لديهم.
الترتيب:
ذكر هذا السبب أثر ما تقدم من وصفه حالهم في شدة الاعراض للتنبيه على أن من فسدت فطرته وانطمس عقله يسوي عنده الانذار وعدمه فلا يكون منه ايمان على كل حال.
المفردات والتراكيب:
سواء: بمعنى مستو. والهمزة الأولى أصلها للاستفهام، وليس مرادا هنا، وتسمى في مثل هذا التركيب همزة التسوية لوقوعها بعد لفظها ودخولها على الأول من أمرين يراد التسوية ما بينهما. وهي حينئذ من أدوات السبك، ولذا يكون تأويل الكلام هكذا: سواء عليهم انذارك وعدم انذارك. [1] 36/ 10 يس.