تركتهم رافعين رؤوسهم عن مناهل الايمان لا يستطيعون أن يطأطئوا رؤوسهم إليها فيرتووا. وجعلنا أمامهم حجابا وخلفهم حجابا محيطين وملتزقين بهم ومغطيين لجميع ذواتهم فلا يستطيعون معهما تحركا ولا أبصارا.
توجيه التمثيل:
دعوا إلى الايمان والتوحيد ومكارم الاخلاق وهذه أمور مدرك حسنها بالفطرة السليمة، فهي كالماء الذي تقبل عليه الحيوانات بفطرتها، فلما أعرضوا عنها شبهوا بالابل المقمحة عن الماء. ثم ان هذه الأمور كما يدرك حسنها بالفطرة السليمة تدرك باستعمال النظر فيما بين يدي الإنسان من الآيات التي يراها ويشاهدها وما خلفه من أيام الله في الأمم التي بلغته أخبارها وأنباؤها، فلما اعرضوا عما يرون وما قد سمعوا شبهوا بمن جعل بين سدين ملتزقين ومحيطين به فجمد في مكانه فلا هو يتحرك إلى ناحية ولا هو يبصر شيئا.
ترهيب:
كل ما دعا اليه الإسلام من عقائد وأخلاق وأعمال فهو مما تقبله الفطرة السليمة وتدركه العقول بالنظر الصحيح، فمن قابل دعوة الإسلام بالاعراض والعناد وخالف فطرته وعاكس عقله كان حقيقا بهذا العقاب الشديد من طمس البصيرة والطبع على القلب، فذكر الله لنا هذه العقوبة بهذا التمثيل البليغ الذي صورها في أبشع وأفظع صورة. ليحذرنا من الاعراض عن الحق والعناد له ويخوفنا بعاقبة ذلك على أهله.
تعليم:
لكل إنسان فطرته وعقله فعلينا إذا دعينا إلى شيء أن نعرضه عليهما