قوله تعالى: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [1]. ومنها مسألة حياة النبات التي جاءت في مثل قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [2]. ومنها مسألة تلاقح النباتات بواسطة الرياح التي تنقل مادة التكوين من الذكر إلى الأنثى، جاءت في آيات كثيرة منها قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} [3] فهذه حقائق علمية كونية أجمع علماء العصر أنها من المكتشفات الحديثة ولم تكن معلومة عند أحد من الخلق قبل اكتشافها ولا كانت عندهم الآلات الموصلة إلى معرفتها.
وكفى بهذا القل من الكثر دليلاً على أن هذا القرآن ما كان إلا من عند الله الذي خلق الأشياء ويعلم حقائقها.
العقيدة الثالثة: الإسلام دين الله الذي شرعه وارتضاه. ودليلها مستفاد من وضعه بأنه صراط مستقيم، فهو تشريع تام عام لجميع أعمال الإنسان، أعمال قلبه وأعمال لسانه وأعمال جوارحه وجميع معاملاته الخاصة والعامة بين أفراده وأممه، ولا تخرج كلية من كلياته ولا جزئياته عن هذا الأصل العام التجلي في جميع الاحكام وهو "الحق والخير والعدل والاحسان" وقد وضع عقلاء الأمم شرائع في بعض نواحي أعمال الإنسان، ولكنها بإجماع المتشرعين لا تخلو من نقص واعوجاج واضطراب، فهم ما يقتئون يتبعونها بالتكميل والتقويم والتعديل على ممر الأيام، ولو عرضت كل حكم من أحكامه على الأصل العام الذي ذكرناه لوجدته منطبقا عليه ظاهرا فيه حتى [1] 51/ 49 الذاريات. [2] 21/ 30 الأنبياء. [3] 15/ 22 الحجر.