والفلق: الفجر المفلوق المفري، ومن لطائف هذه اللغة الشريفة أن الفتح والفلح والفجر والفلق والفرق والفتق والفري والفأ والفقأ والفقه كلها ذات دلالات واحدة، وتخصيصها بمتعلقاتها باب من فقه اللغة عظيم.
ومما وصف به ربنا نفسه في القرآن فالق الإصباح، وفالق الحَبّ والنوى، فهما من أسمائه تعالى.
ومواقع هذه الألفاظ التى تضاف إلى كلمة رب في القرآن كمواقع أسماء المخلوقات التى أقسم بها الله، كلاهما عجيب معجز، فكل لفظة تستعمل في المقام الذي يناسبها وتناسبه، وكل لفظة تبعث في الأسلوب الذي وقعت فيه متانة وقوّة وفي معناه وضوحا وجلاء، وسر إضافة الفلق إلى ربّ هنا أن الفجر بمعناه العرفي هو تشقق الظلمة عن النور، فإن الليل يكون مجتمع الظلمات مسدول الأرواق. فإذا جاء الصبح حصل الانفلاق. والذي يبقى بعد ذلك الانفلاق هو النور الذي نفى الظلمة. ولا ينفي ظلمات الشر والضلال والباطل إلّا أنوار الخير والهدى والحق من خالقها، وفالق أنوارها. وكما أضيف الفلق، بمعنى الفجر، إلى كلمة رب هنا أقسم به في آية أخرى وهي قوله تعالى: {وَالْفَجْرِ}.
{مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} [1].
من كل مخلوق فيه شر، فلا يدخل في عمومه إلّا كل شرير من أي العوالم كان، كما يدخل في عموم الناطق كل ذي نطق، أو من شر كل مخلوق. ومن مخلوقات الله ما هو خير محض كالأنبياء والملائكة. ومعلوم أن المخلوقات كلها خلقت بحق ولحكمة فهي في نفسها خير، فإن كان لا ينشأ من أعمالها أو آثارها إلا الخير فهي [1] 113/ 2 الفلق