خُلَاصَةُ تَفْسِيرِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ
من درس الأستاذ الشيخ عبد الحميد بن باديس الذي ختم به تفسير القرآن.
ــــــــــــــــــــــــــ كلمة بين يدي التلخيص:
أكمل طرائق المتقدمين من علماء هذه الملة في تلقين العلوم- طريقة الإملاء. والإملاء نتيجة لاستحكام الملكة في العلم واستقلال الفكر فيه، أو سعة المحفوظ ورحابة آفاق الحافظة. واستحكام الملكة واستقلال الفكر وقوّة الحافظة مزايا تكاد تكون خالصة لعلماء سلف هذه الأمة لم يبلغ علماء الأمم الأخرى مدا حدهم [1] فيها ولا نصيبه.
وكانت وظيفة السامعين كتابة ما يُملى عليهم كلّه أو خلاصته، وكانت المحابر والأقلام والأوراق هي الأدوات اللازمة لروّاد مجالس العلم إلّا في مقامات مقابلة الأصول وضبطها. فهنا لا بدّ من إحضار النسخ الكاملة من الكتب.
ومن ثمرات تلك الطريقة المثلى في التلقين والتلقي كتب الأمالي في الحديث واللغة والأدب، وفي تراجم المحدثين والأدباء الشيء الكثير من ذلك، وإن لم يبق لنا الدَّهر منها إلّا الأقل من القليل.
ولما انتهى عصر الرواية بجمع روايات السلف في التفسير ورواياتهم للأحاديث والسنن ودونت أصول اللغة والأدب والعلوم المتفرعة عنها وجاء دور الاستغلال لها -نشأت عوامل الانحطاط في العلوم الإسلامية، وكان من أظهر مظاهرها جفاف [1] كذا بالأصل ولعلها مدى أحدهم