وعلم كذلك، لا فرق بين أمر وأمر من كبير وصغير وجليل وحقير ونكون- مع بذل غاية ما عندنا من نظر واختيار- معتمدين على ربنا واثقين بحسن اختياره لنا مسلمين له فيما اختاره، ضارعين له مظهرين فقرنا وحاجتنا في كل حال. وعلينا أن نحصل من الأسباب ما يحصل لنا قوة العلم وقوة العمل لنكون أهلاً للدفاع عن الحق وحزبه، ومقيمين لسلطان الله في أرضه بالحق والعدل والإحسان. معتمدين- مع تحصيل تلك الأسباب- على الله وحده ومنتظرين منه الفرج والتيسير.
هذان هما الأصلان الأساسيان في سلوك أهل الله: التمسك بالحق ومدافعة الباطل، فاستمسك بهما تكن- بإذن الله- من الفائزين.
المناسبة:
لما أمر الله تعالى نبيه أن يدعوه بحسن المدخل والمخرج والنصرة والتأييد أمره أن يعلن استجابته لدعوته بمجيء الحق وفي ذلك نصره، وذهاب الباطل وفي ذلك هلاك أعدائه وذهاب دولتهم. هذا على النظر العام، وأما على النظر الخاص فإن الله تعالى بعد ما ذكر أن أعداءه كادوا يستفزونه من الأرض وأمره أن يتوجه إلى عبادته ودعائه ذكر في هذه الآية ما كان من نصره على المشركين وفتح مكة عليه وتنكيس الأصنام التي هي باطلهم وإعلان كلمة التوحيد
(1) 17/ 82 الإسراء.