وصاداً عن الخير والصدق وقاطعاً في طريق الحق- من نفسه وشياطين الإنس والجن- قرن الدعاء السابق بالدعاء الثاني الذي فيه طلب التأييد من الله بالسلطان المبين، فالدعاءان- على [1] اختصارهما وإيجازهما- قد جمعا للإنسان كل حاجته من تحصيل الخير ودفع الشر فهما من أعظم الأدوية الربانية للإنسان ومن أعظم وسائله الشرعية إلى خالقه، فما أحراهما بأن يلهج بهما في كثير من أوقاته.
إستنباط:
إذا علمنا الله تعالى دعاء ففي ضمن ذلك التعليم تعليم آخر لنا كيف نعمل ما يناسب ذلك الدعاء وكيف نسلك السلوك الذي هو مظنة الاستجابة، فلما علمنا تعالى- مثلا- كيف ندعوه بقوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} كان في ذلك إرشاد لنا إلى سلوك الطريق المستقيم والإهتداء بأهله والمباينة لغيرهم، فكذلك هنا لما علمنا كيف ندعوه بالحفظ والتوفيق في المدخل والمخرج كان في ذلك إرشاد لنا إلى ما ينبغي لنا أن نكون عليه في مداخلنا ومخارجنا وجميع مصادرنا ومواردنا من تحري ما فيه مرضاته واجتناب ما فيه سخطه، ولما علمنا كيف ندعوه بالتقوية والتأبيد بسلطان من لدنه مبين كان في ذلك إرشاد لنا أن نكون أهل قوة في الأيدي وقوة في البصائر ودفاع عن الحق بما استطعنا من قوة.
سلوك وامتثال:
فعلينا أن لا ندخل في أمر إلاَّ على بصيرة به وعلم بحكم الله تعالى فيه، وأن دخوله خير، وأن لا نخرج من أمر إلا على بصيرة [1] في الاصل: على ان اختصارهما وايجازهما.