لأهل الموقف كلهم قال- صله الله عليه وآله وسلم- كما في صحيح مسلم ((أنا سيد الناس يوم القيامة)) والسيد من يتولى أمر السواد، فظهر عموم سيادته بعموم نفعه. وقد فسر المقام المحمود بمقام الشفاعة عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - رواه عنه البخاري في صحيحه وفسره بها غيره.
المسألة الرابعة: هل المقام المحمود خاص به؟ قد علمت من المسألة السابقة أنه مقام الشفاعة العظمى وهي خاصة به فهو خاص به ويدل عليه حديث جابر الصحيح: ((من قال حين يسمع النداء- الأذان- - اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته- حلت له شفاعتي يوم القيامة)) فهو - صلى الله عليه وسلم - الموعود بالمقام المحمود.
تنبيه وإلحاق:
قد جعل الله تعالى جزاء نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم - على تهجده وخلوته بربه في مناجاته هذا المقام الذي يحمده فيه الخلق ويتقبل فيه شفاعته ويستجيب دعوته ويفتح عليه فيه بمحامد من ذكره لم يفتح عليه بها قبل، ففي هذا تنبيه للمؤمنين على حسن عاقبة القائمين لربهم في جنح الليل، وما يكون لهم من مقامات عند ربهم على حسب منازلهم. فكما كان المؤمنون ملحقين بنبيهم - صلى الله عليه وآله وسلم - في مشروعية هذه العبادة كذلك هم ملحقون به في حسن الجزاء عليها. وإن كان قد خصص هو عليه السلام بذلك الجزاء الأعظم فلهم جزاؤهم من مقامات القرب، والزلفى والقبول، والرضا، على ما يناسب منارلهم جزاء بما كانوا يعملون [1]. [1] ش: ج، م 7، ص 220 - 230 غرة ذي الحجة 1349هـ - افريل 1931م.