أو كان من أهل الإبتداع كما لا يقطع لأحد بالجنة كذلك. إلا من جاء النص بهم.
فلا يقال للكافر عند دعوته أو مجادلته إنك من أهل النار، ولكن تذكر الأدلة على بطلان الكفر وسوء عاقبته، ولا يقال للمبتدع يا ضال، وإنما تبين البدعة وقبحها، ولا يقال لمرتكب الكبيرة يا فاسق ولكن يبين قبح تلك الكبيرة وضررها وعظم إثمها، فتقبح القبائح والرذائل في نفسها وتجتنب أشخاص مرتكبيها. إذ ربّ شخص هو اليوم من أهل الكفر والضلال، تكون عاقبته إلى الخير والكمال، ورب شخص هو اليوم من أهل الإيمان ينقلب- والعياذ بالله تعالى- على عقبه في هاوية الوبال.
وخاطب الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يرسله وكيلاً على الخلق حفيظاً عليهم كفيلاً بأعمالهم. فما عليه إلا تبليغ الدعوة ونصرة الحق بالحق والهداية والدلالة إلى دين الله وصراطه المستقيم - خاطبه بهذا ليؤكد لخلقه ما أمرهم به من قول التي هي أحسن، للموافق والمخالف فلا يحملنهم بغض الكفر والمعصية على السوء في القول لأهلهما، فإنما عليهم تبليغ الحق كما بلغه نبيهم - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولن يكون أحد أحرص منه على تبليغه، فحسبهم أن يكونوا على سنته وهديه، أحيانا الله عليهما، وأماتنا عليهما، وحشرنا في زمرة أهلهما آمين [1].
.. [1] ش: ج11، م 6، ص 654 - 658 غرة رجب 1349هـ - ديسمبر 1930م.