الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واتبع سنته وهداه.
أما بعد، فإن من سنن الله عز وجل الكونية الشرعية، التفضيل بين خلقه في الشرف والمنزلة، والتمييز بين الأجناس في الوظائف و الأعمال، " فكل ميسر لما خلق له ".
فوظائف الحيوان تختلف عن وظائف النبات، ووظائف الذكور تباين وظائف الإناث.
وتأمل _ إن شئت _الفرق بين وظائف ملكة النحل و العاملات واليعاسيب، مع اشتراكها جميعا في جنس واحد.
* وقد فضل الله الخلق الإنساني وكرمه على سائر الخلائق، كما دلت على ذلك نصوص الكتاب العزيز.
قال تعالى {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا}.
يؤكد ذلك أمر الله تعالى للملائكة الكرام، بالسجود لآدم عليه السلام.
فلا يحق لأحد من أجناس الخلق، أن يعترض على ذلك التخصيص، والتفضيل الذي ميز به الجنس البشري على سائر الخلائق.
*وقد ميز الله بين ذكور بني آدم وبين إناثهم، وخص كلا منهما بخصائص ووظائف، ليحصل الميزان الكوني الذي تستقيم به حياة الإنسان وعمارة الأرض.
*و لا يماري أحد من العقلاء، في أفضلية الأصل الذكوري، وهو آدم عليه السلام، على حواء، فإنها خلقت منه، وشرف هو عليها بأن سواه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وعلمه الأسماء كلها، وأسجد له ملائكته، واصطفاه بالنبوة والتكليم.
وتفضيل آدم عليه السلام على حواء، مما اتفقت عليه كل الشرائع، ولهذا فإن الناس يفزعون إليه للشفاعة يوم القيامة، دون أمهم حواء.
ومن ثم، فإن الفرع تبع للأصل في التفضيل، كما سيأتي عليه التدليل.
**********
" النساء شقائق الرجال "
و لا ريب أن بين الذكور والإناث طبائع متفقة، في السمات البشرية العامة، في الحياة، والولادة، والنشأة، والنمو، والصحة، والمرض، والموت ... الخ.
و بينهما اتفاق أيضا، في عموم التكاليف الشرعية، في العقائد، والعبادات، والمعاملات، والحدود، والأوامر و النواهي، وفي الثواب والعقاب المترتب على ذلك في الدنيا والآخرة.
قال الله تعالى {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}.
وقال سبحانه {إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات .. }
إلى قوله {أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما}.
وقال صلى الله عليه وسلم " النساء شقائق الرجال". رواه أبوداود والترمذي.
انظر جامع الأصول [7/ 274].
فهذه النصوص ونحوها، تدل على الاتفاق في الأحكام العامة بين الرجال والنساء.
**********
" و ليس الذكر كالأنثى "
وبينهما افتراق في بعض الطبائع والقدرات: العقلية والبدنية والنفسية، وافتراق في بعض الأحكام الشرعية في العبادات والمعاملات وغيرها.
وقد دلت نصوص الكتاب والسنة على وجود ذلك الافتراق في الطبع والشرع.
* فجعلت شهادة المرأة على نصف شهادة الرجل.
قال تعالى {واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى}.
فضاعف في نصاب الشهادة في حق المرأة، وعلل الحكم بلفظ صريح، يدل على الاختلاف الطبعي الجبلي، وهو نقصان العقل.
وقد أكده النبي صلى الله عليه وسلم
بقوله " ما رأيت من ناقصات عقل و دين أغلب لذي لب منكن "، ثم فسر نقصان عقلها بالشهادة، ونقصان دينها بتركها الصلاة والصيام أيام حيضها. رواه مسلم [79].
فنص الحديث على الاختلاف الطبعي والشرعي بينهما.
*وقال سبحانه {فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى} الآية. قال ابن جرير في تفسيره < لأن الذكر أقوى على الخدمة وأقوم بها، وأن الأنثى لا تصلح في بعض الأحوال لدخول القدس والقيام بخدمة الكنيسة، لما يعتريها من الحيض والنفاس .. >.
ثم روى بإسناده عن عكرمة قال < .. ولا ينبغي لامرأة أن تكون مع الرجال >.
وقال القرطبي < يعني أن الأنثى لا تصلح لخدمة الكنيسة، قيل: لما يصيبها من الحيض والأذى.
وقيل: لا تصلح لمخالطة الرجال >.
¥
نام کتاب : أرشيف ملتقى أهل الحديث - 1 نویسنده : ملتقى أهل الحديث جلد : 128 صفحه : 426