responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجلة الرسالة نویسنده : الزيات باشا، أحمد حسن    جلد : 505  صفحه : 28
يقولون جاهد يا جميل بغزوة ... وأي جهاد غيرهن أريد
وأفضل أيامي وافضل مشهد ... إذا هيج بي يوماً وهن قعود
قال جميل: أنا قلته. قالت: غزلت وأحسنت وكرمت وعففت، ادخل، لما سلم. فقالت سكينة:
(أنت الذي جعلت قتيلنا شهيداً، وحديثنا بشاشة، وأفضل أيامك يوم تذب عنا وتدافع، ولم تتعد إلى قبيح، خذ هذه الألف درهم وأبسط لنا العذر، أنت أشعرهم)
على أن هذا التبصر بالشعر وفنونه والمآخذ الدقيقة على الشعراء لم يكن ليتهيأ لغير سكينة، فقد كان لها فوق ذكائها المتوقد، من عوامل الوراثة من والديها وما ساعدها على ذلك. فجدها سيد فصحاء العرب بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأمها بدوية نشأت في البادية وتلقت الفصاحة عن شعرائها وبلغائها وهي شاعرة رقيقة. ناهيك عن محيطها الذي نشأت فيه وهي المدينة المنورة عش الأدباء والشعراء، ومنشأ الغزل الإباحي العفيف - كل هذه العوامل أثرت في السيدة سكينة وجعلتها تفوق بنات قريش في بصرها الثاقب ورأيها الصائب وأدبها الرفيع
نرى رواة الشعراء يختصمون وكل يفضل صاحبه فإذا جدال وإذا خصام وينشدون حكماً صائباً يقدر أن يوفق في مثل هذا الموقف الحرج فيقضي لفحل على فحل دون خوف أو حذر أو تعصب. ومن لهم في مثل هذا الموقف؟ وأني لهم ذلك الحكم الواسع الإطلاع على أشعار العرب وأنسابها وأخبارها ليوفق في حكمه؟ ومن يعرض نفسه لتهكم جرير أو لفحش الفرزدق أو لهجو الأحوص. هذا مالا يجرؤ عليه أحد. ولا يتهيأ لغير (السيدة سكينة). اجتمع بالمدينة رواة الشعراء جرير ونصيب وكثير وجميل والأحوص فأدلى كل منهم أن صاحبه أشعر وتراضوا بأن يحتكموا إلى سكينة بنت الحسين. فقصدوا ندوتها وعرضوا عليها الأمر فأذنت لهم. فدخلوا. قالت لصاحب جرير: أليس صاحبك الذي يقول:
طرقتك صائدة القلوب وليس ذا ... وقت الزيادة فأرجعي بسلام
وأي ساعة أحلى للزيارة من الطروق؟!
ثم قالت لراوية نصيب: أليس صاحبك الذي يقول:
أهيم بدعد ما حييت فإن أمت ... فوا حزناً من ذا يهيم بها بعدي
كأنه يتمنى لها من يتعشقها بعده ألا قال:

نام کتاب : مجلة الرسالة نویسنده : الزيات باشا، أحمد حسن    جلد : 505  صفحه : 28
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست