responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 948
مُواقعة الرَّجل أهلَه في نهار رَمضان؛ فهذا من المُفَطِّرات، وليس فقط من المُفَطِّرات؛ بل عَليهِ الكفَّارة المغلَّظة، فمَن حصل معه مثلُ هذا الفِعل في نهار رَمضان؛ وجب عَليهِ أن يقضي يومًا، وأن يكفِّر بصِيامِ شَهرَين مُتتاليَين؛ أن يصومَ شَهرين قمريَّين مُتتاليَين؛ يعني: شهرين هِجريَّين، عقوبةً على هذا النَّقض، وعلى هذا الهتك لحرمة الصِّيام في شهر رَمضان.

لو قَالَ قائل، أو سأل سائل:

لو حصل هذا الأمر في صِيام نافِلة؟ نقول: لو حَصل في صِيام نافلة؛ فالرَّسُول -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- يقول: «الصَّائمُ المتطوِّع أميرُ نَفسِه: إن شاءَ صَام، وإن شاءَ أفطَر»، لكن لا يَجوز هذا في صِيام الفَريضَة، في صِيام شهر رَمضان؛ فرَمضان له حُرمتُه، وله حِكمتُه، وله مَهابتُه، وله مَنزلتُه، لا يَجوز هذا -بأي حالٍ من الأحوال، ولا تحت أي ظرفٍ من الظُّروف-، فمَن فعل؛ فهو آثم، ويقضي يومًا، ويُكفِّر -عن فعله الشَّنيع- بصِيام شهرين مُتتاليين.

والله -عزَّ وجلَّ-يقول: {فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ} [البقرة: 187] يعني: كما قَالَ اللهُ -عزَّ وجلَّ- في الآية الأخرى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] {لَيْلَةَ الصِّيَامِ} في اللَّيل هذا شيء أباحه الله -عزَّ وجلَّ-، أما في نهار رَمضان من وقت الفَجر إلى وقت المَغرِب؛ فهذا لا يَجوز -بأي حال من الأحوال-.

وهنا حديث فيه طُرفة، وفيه لُطف، وفيه -يعني- جَمال، وبيان للرَّحمة الإلهية، وهو في «الصَّحيحَيْن»:

عن أبي هُرَيرَة -رضيَ اللهُ-تَعالَى-عنهُ-: أتاه رجل فقَالَ: يا رسولَ اللهِ! هلكتُ -وفي رواية: احترقتُ-، قَالَ: «وما أهلككَ؟» قَالَ: وقعتُ على امرأتي في رَمضان! قَالَ: «هل تستطيع أن تُعتِقَ رقبةً؟»، رسول الله -عليه الصلاةُ والسَّلام- يقول له: «هل تستطيع أن تُعتِقَ رقبةً؟»؛ يعني: مِن العبيد الذين هم ليسوا بأحرار، هل تَستطيع أن تُنفِق نفقةً تُحرِّر بها هذا العَبد؟ قَالَ: لا. قَالَ: «هل تَستطيع أن تصوم شهرَين مُتتابعين؟» قَالَ: لا. قَالَ: «هل تَستطيعُ أن تُطعِمَ سِتِّين مِسكينًا؟» قَالَ: لا، فقَالَ له -عَليهِ الصَّلاة والسَّلام-: «اجلِس» فجلس، فأُتي النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم- بِعَرَق فيه تَمر؛ يعني: وعاء مليءٌ بالتَّمر، قَالَ: «فتصدَّق بهذا»؛ من الذي أعطاه؟ رسول الله -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-، ومَن الذي أمره بالصَّدقة؟ رسولُ الله -صلى اللهُ عليهِ وسلَّم-، قَالَ: يا رسولَ اللهِ! ما بين لابَتَيْها أحدٌ أفقر مِنا! يعني ما بين طرفي المدينة أفقر مني ومِن زوجتي! قَالَ: فضحك النَّبي -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم- حتى بدت نَواجذُه.

النَّواجِذ: هي الأسنان الظاهرة في الإِمام، بعض النَّاس يتصوَّر النَّواجذ هي الطَّواحين أو الأضراس الدَّاخلية، لا؛ النَّواجذ هي الأسنان الَّتِي تبدو من طرفي واجهة الفم.

قَالَ: فضحك النَّبي -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم- حتى بدتْ نَواجذُه؛ فقَالَ له -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: «خُذهُ فَأطْعِمْهُ أهلَك»؛ هذه هي رحمة رسول الله -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم- الذي وصفه ربُّه -سُبحانه وتعالى- بأنه بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم.

نقطةٌ أخرى نذكرُها -مِن باب الأمانة العِلميَّة-:

وهي حقن التَّغذية، أو إبر التَّغذية، أشرنا -في مجلس ماضٍ- أن هذه مسألة عصريَّة خلافيَّة، ورجَّحنا أن القولَ بأن الإبرَ التَّغذويَّة لا تُفطِّر؛ ولكنَّني أقولُ -الآن-: في غالب الأمر ومُعظمِه لا يَحتاج هذه الإبرَ التَّغذوية -أو المغذِّيَة- إلا مَن وجب عَليهِ الفِطرُ؛ لأنه إنْ لم يُفطِر؛ فإنه يكونُ -والحالة هذه- يكونُ مُوقِعًا نفسَه في التهلكة! وهذا لا يَجوز -بأي حال من الأحوال-.

إذًا: يَحتاط الإنسَان لنفسه -في هذا الباب- بأن لا يتصرَّف مثل هذا التصرُّف إلا في الوقت الذي يكون فيه هذه الحاجة الَّتِي تُبيح له -أصلًا- الفِطر؛ حينئذٍ: تكون المسألةُ صُوريَّةً أكثر منها حقيقيَّة.

هذا هو الإسلام، هذه هي رحمةُ الإسلام، هذه رحمةُ نبيِّ الإسلام -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- الذي قَالَ فيه ربُّه: {وَمَا أَرْسَلْناكَ إِلا رَحْمَةً لِلعالَمينَ} [الأنبياء: 107]، والذي قَالَ عن نفسِه -صلواتُ ربي وسَلامُه عَليهِ-: «إنَّما أنَا رَحمةٌ مُهداةٌ».

نسألُ الله العظيم، ربَّ العرش العظيم؛ أن يوفِّقَنا -وإياكم، وإياكن، وجميع المُسلِمين- لما فيه هُداه، واتِّباع نبيِّه ومُصطفاه -صلى الله عَليهِ، وعلى آله، وصحبه-أجمعيَّن-.

وآخِرُ دَعوانا أنِ الحَمدُ للهِ ربِّ العالَمِين.

والسَّلامُ عَليكم ورَحمةُ اللهِ وبَركاتُه

من هنا لسماع الحلقة الثانية عشرة (http://www.ballighofiles.com/umzayd/fiqh-siyam-halabi-12.mp3)
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 948
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست