نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 896
من مواعظ ابن الجوزي للصائمين
ـ[أم محمد]ــــــــ[31 - 07 - 2011, 02:01 م]ـ
البسملة1
من جميل ما قرأتُ للإمام ابن الجوزي -رحمهُ اللهُ- في مواعظه للصائمين -وما أكثرها! - قولُه في "بستان الواعظين" (236):
(الصوم ثلاثة:
صوم الرُّوح: وهو قِصر الأمل.
وصوم العقل: وهو مُخالفة الهوى.
وصومُ الجوارح: وهو الإمساك عن الطعام والشراب والجماع.
يا أخي!
مَن صام عن الطَّعام والشَّراب: فصومُه عادة.
ومَن صام عن الرِّبا والحرام، وأفطر على الحلال مِن الطعام: فصومُه [عادة] وعبادة.
ومَن صام عن الذُّنوب والعصيان، وأفطر على طاعة الرَّحمن: فهو صائمٌ رضيّ.
ومَن صام عن القبائحِ وأفطر على التَّوبةِ لعلام الغيوب: فهو صائم تقيّ.
ومَن صام عن الغِيبة والبُهتان، وأفطر على تلاوة القُرآن: فهو صائمٌ رشيد.
ومَن صام عن المنكر والإغيار وأفطر على الفكرة والاعتِبار: فهو صائمٌ سعيد.
ومَن صامَ عن الرِّياءِ والانتِقاص، وأفطر على التواضعِ والإخلاصِ: فهو سالِم.
ومَن صامَ عن خلاف النَّفس والهوى، وأفطر على الشُّكر والرِّضا؛ فهو صائمٌ غانِم.
ومَن صامَ عن قبيح أفعاله، وأفطر على تقصيرِ آمالِه: فهو صائم مُشاهد.
ومَن صام عن طولِ أملِه، وأفطر على تقريبِ أجلِه: فهو صائمٌ زاهِد).
ـ[أم محمد]ــــــــ[31 - 07 - 2011, 02:02 م]ـ
وقال -رحمهُ الله- (218):
(يا غافِل!
يا ساهي!
أتاكَ شهرُ رمضانَ المتضمِّن للرحمةِ والغُفران، وأنتَ مُصرٌّ على الذُّنوبِ والعِصيان، مُقيمٌ على الآثامِ والعُدوان، [مُتمادٍ] في الجهالة والطغيان، مُتكلِّمٌ بالغِيبةِ والبُهتان، مُتعرِّضٌ لسخط الرحمن ..
قد تمكَّن مِن قلبِك الشيطان؛ فألقى فيه الغفلةَ والنِّسيان؛ فأنساك نعيم الخُلد والجنان، فظلتَ تعملُ أعمال أهل النِّيران!!
فإن كنتَ -يا مسكين! - كذلك؛ فكيف ترجو الفوز بالرضوان، والحلول في دار الخُلد والأمان، والخلاص من دار العقوبة والهوان؛ وأنتَ مطعمكَ حرام!
ولباسك حرام!
ولسانك لا يفتر عن قبيح الكلام!
وبصرك حديد إلى ما حرَّم من الحرام عليك ذو الجلال والإكرام!
ويدك ممدودةٌ إلى ما نهاكَ عنه الملِك العلام!
وقدمك تسعى إلى ما هو إثمٌ وحرام!
وأنتَ في جميعِ أُمورك وأفعالِك مُخالف للقرآن والأحكام!
تاركٌ لسُنَّة محمد -عليه الصلاةُ والسلام-!
فجسمكَ من الجوع متعوبٌ من الفجرِ إلى الغُروب، ويلحقك النصبُ واللغوب، وصومكَ عن مولاكَ بالطرد محجوب، وأخاف أن تكون في النار على وجهك مكبوب؛ لمُخالفتك لعلام الغيوب!
فخمِّص -ويحك! - بطنك عن أكل الربا والحرام.
واحبِس لسانك عن الوقوع في جماعة الإسلام.
وغضَّ طرفك عما هو عليكَ أعظم من أعظم الآثام؛ وهو النظر إلى ما لا يحل لك من حرم الأنام.
وامتثلْ ما أمرَك به أحكم الحُكام ..
وقُم بين يديه في الليل البهيم إذا هجع النُّوَّام ..
وتضرَّع إليه إذا أدهم الليل بداجي الظلام ..
وحينئذٍ: يصح لك القبول لشهر رمضان ..
وتفوز بالنعيم الأبدي في دار السلام ......).
ـ[أم محمد]ــــــــ[31 - 07 - 2011, 02:23 م]ـ
وهذه عظة بليغة منه -رحمهُ الله- (234 - 235):
(أفِق يا ذا الغي والمحال، واستيقظ يا ذا السهو والإغفال، وانتبِه من السكرات الطوال!
أترضى -يا مسكين! - أن يُرد صومُك في وجهك من غير قَبول من الله؟
أتستحسِن أن تكونَ جائعًا عطشانَ وليس لك جاهٌ عند الله؟
أين النيَّة المجرَّدة؟!
أين التوبة المجدَّدة؟!
أين الندامة المؤكَّدة؟!
أين الحلال من الطعام؟!
أين اجتناب الطعمة الحرام؟!
أين حجر الأوزار والآثام؟!
أين الرحمة لذوي الفقر والضعفاء والأيتام؟!
أين الإخلاص للملِك العلام؟!
أين التزام شريعة الإسلام؟!
أين الأسوة بالنبي -عليه الصلاةُ والسلام-؟!
انظر -يا مسكين! -:
إذا قطعتَ نهارك بالعطش والجوع، وأحييتَ ليلَك بِطول السجود والرُّكوع، إنك فيما تظن صائم، وأنت في جهالتك جازم، وفي صلاتك دائم، وفي بحار سكراتك هائم؛ أين أنت من التواضع والخشوع؟!
أين أنتَ من الذلة لمولاك والخضوع؟!
أتحسب أنك عند الله من أهل الصيام والأمان الفائزين في شهر رمضان؟!
كلا -واللهِ- حتى تُخلص النيَّة وتجردها، وتطهِّر الطويَّة وتجودها، وتجتنب الأعمال الدنيَّة ولا تَردها، وتكثر البكاء والحسرة، وتسيل الدموع والعَبرة، وتلزم الفِكرة والعِبرة، وتسأل مولاك إقالة العَثرة.
فحينئذٍ: يكون صيامُك لك من الذنوب شفاء، ومن العيوب سترة وجلبابًا ....).