نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 847
تشبيه سور القرآن بالمنظومات الموسيقية تشبيه باطل!
ـ[أم محمد]ــــــــ[06 - 09 - 2011, 06:22 ص]ـ
البسملة1
ورَدَ في بعض كتب التفسير -التي غلب عليها الطابع الأدبي، والقول بالرأي، وعدم التزام قواعد أهل العلم في التفسير- وصفُ إحدى السُّور بأنها:
(في عمومها كأنَّها منظومة موسيقية علويَّة منغمة، يَسري التنغيمُ في بنائِها اللَّفظي كما يسري في إيقاع فواصِلها الموزونةِ المقفَّاة ....) إلخ!!
وقد ردَّ العلامة الشيخ عبد الله الدُّويش -رحمهُ الله- هذه العبارة ردًّا علميًّا قويًّا، وبيَّن بطلانها وضلالها؛ فقال - ("المورد الزلال"، 222 - 223) -:
(أقول: هذا التشبيه باطلٌ -على كل حالٍ-؛ لأربعةِ أسباب:
السَّبب الأوَّل: أن القُرآنَ كلامُ الله، نزل بِلُغة العربِ، كما قال تعالى: {إنَّا جَعلناهُ قُرآنًا عربيًّا} [الزخرف: 3]، وقال تعالى: {نَزَلَ به الرُّوحُ الأمين. على قلبِك لتكونَ مِن المُنذِرين. بِلِسانٍ عربيٍّ مُبين} [الشعراء: 193 - 195]، والآيات في هذا كثيرة، ولم يَرِد ذِكر تشبيهه بالموسيقا في موضع واحد.
السَّبب الثاني: أن الله عز وجلَّ نفَى كونَه قولَ شاعر وكاهن، وقريشٌ -مع فصاحتهم، وبلاغتِهم- اعترفوا بأنَّه لا يُشبه الشِّعرَ؛ كما قال الوليدُ بن المُغيرة لمَّا سألتْهُ قريش عن القرآن، قال: لقد عرفنا الشِّعر وما هو بالشِّعر، مع أن الشِّعر إذا حدي به يأخذ القلوب، كما في الحديث الصَّحيح: أنَّه كان للنبي صلى الله عليه وسلم حادٍ حسن الصَّوت يُقال له (أنْجشة)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "رُويدك يا أنجشة، لا تكسر القوارير"؛ أي: النِّساء.
فلا يجوز -على هذا- أن يُشبه القرآن بالشِّعر؛ فكيف بالموسيقا؟!!
السبب الثَّالث: أن علم الموسيقا يدعو إلى الفسق والمجون، والقرآنُ يدعو إلى الإيمانِ وخشية الله وصلاح القلوب، فكيف يشبه القرآن بنظم الموسيقا؟!!
السببُ الرابع: أن علم الموسيقا لا تعرفه العربُ؛ وإنَّما هو من علوم الفلاسفةِ فأُخذ عنهم.
قال في "غذاء الألباب" (ج1/ص171): أول من وضع علم الموسيقا وأصول الألحان فيثاغوث الهرمس، أدركه بقوة الذهن وحركات الأفلاك، فاستمع الأصوات، ورتَّب الألحان الثمانية بحسب الأدوار الفلكية وأصواتها، كما في تاريخ الحكماء.
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى في "الكافية الشافية":
أنَّى يقاومُ ذا العساكرَ طمطمٌ ... أو تنكلوشا أو أخو اليونانِ
أعني أرسطو عابِد الأوثانِ أو ... ذاك الكَفور معلِّم الألحانِ
ذاك المعلِّم أولًا للحرف والثـ ... ـاني لصوت بئست العِلمانِ
هذا أساسُ الفسق والحرف الذي ... وضعوا أساسَ الكفر والهذيانِ
قال ابن عيسى في "شرحه" (2/ 247): يعني أن أرسطو هو معلِّم الحرف، والمراد به المنطق؛ لأنه أول من وضع التعاليم المنطقيَّة، والمعلم الثاني هو الفارابي، وهو محمد بن محمد أبو نصر الفارابي التركي الفيلسوف، وكان من أعلم الناس بالموسيقا؛ بحيث كان يتوصل بصناعتِه إلى التأثير في الحاضرين من مُستمعيه؛ إن شاء حرك ما يُبكي، أو ما يُضحك، أو ما يُنوِّم ... إلخ. اهـ.
ـ[الحريري]ــــــــ[06 - 09 - 2011, 08:59 ص]ـ
جزاك الله خيرا
والذي يتأمل هذا الكلام الباطل يجد أن سببه - والله أعلم - هو استحلالهم المعازف، وإلا لو كان يراها من الأصوات المحرمة الخبيثة لنزه القرآن عن تشبيهه بها، وهكذا البدع، يولد بعضها بعضا، وإذا انضاف إلى ذلك قلة الاحتفال بالأثر وعدم التمسك بما كان عليه السلف والزهد في علومهم العظيمة المباركة فلا تسل عما ينتج عن ذلك من البدع والضلالات.
فيضاف إلى أربعة الأوجه التي ذكرها الشيخ رحمه الله: أن المعازف محرمة بإجماع المسلمين، وأنها أصوات فاجرة خبيثة، وأن الله تبارك وتعالى يبغضها، فكيف يُشبه كلامه تبارك وتعالى بصوت يبغضه، وقد حرمه في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم؟ أيجرؤ مسلم على هذا؟
ـ[عائشة]ــــــــ[09 - 09 - 2011, 09:09 م]ـ
بارك الله فيكم.
وأعجبتني كلمة للدكتور الطناحي -رحمه الله- قرأتُها في " مقالاته " (1/ 279):
(ومن ذلك ما جاء في كلام المؤلف الفاضل من هذا التركيب " موسيقى القرآن " وهو تركيب رخو لين، لا يليق بجلال القرآن وبهائه، ولا تقل: لا بأس علينا من تقارض مصطلحات العلوم، لأن فيه إثراء للغة، لا تقل هذا، ولا تغتر به؛ لأنه مدخل لبلاء عظيم، ولو فتحنا هذا الباب لفسد علينا كل شيء؛ فإن للكلام حدودًا ومعالم ينتهي إليها، أنَسِيتَ أن منا من قال: إن القرآن رسم لوحة صفتها كيت وكيت؟ فجعل المولى عزَّ وجلّ فنانًا تشكيليًّا يحمل فرشاة يغمسها في ألوان، تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا.
لقد غيَّروا " النظم القرآني واتساقه " فجعلوه " موسيقى القرآن "، ثمَّ غيَّروا " العَرُوض " فجعلوه " موسيقى الشعر "، ثم غيَّروا " علم الصرف " فسمّوه " علم الصوتيات "، وثم وثم وثم، وبالله نستدفع البلايا!) انتهى.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 847