responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 716
معنى قوله: (إنه حديث عهد بربه)
ـ[أم محمد]ــــــــ[10 - 11 - 2011, 09:52 م]ـ
البسملة1

في "صحيح مسلم" (898) -وغيره-: عن أنسٍ -رضي الله عنه-، قال: أصابنا ونحن مع رسول الله -صلى اللهُ عليه وسلم- مطرٌ، قال: فحسَر رسول الله -صلى اللهُ عليهِ وسلم- ثوبَه حتى أصابَه مِن المطر، فقلنا: يا رسول الله! لمَ صنعتَ هذا؟ قال: "لأنَّه حديثُ عهدٍ بِربِّه تعالى".
قال النووي -رحمهُ الله-:
(معناه: أن المطر رحمةٌ، وهي قريبة العهد بخلق الله -تعالى-؛ فيتبركُ بها).
وقال الحافظ في "الفتح" (تحت حديث 986):
(عن أنس قال: حسر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثوبَه حتى أصابه المطر، وقال: "لأنه حديثُ عهدٍ بِربِّه"، قال العلماء: معناه قريب العهد بِتكوينِ ربِّه. وكأنَّ المصنِّفَ أراد أن يُبيِّن أن تَحادُر المطر على لحيته -صلى الله عليه وسلم- لم يكن اتفاقًا؛ وإنما كان قصدًا؛ فلذلك ترجم بقوله: "مَن تمطَّر" أي قصد نزول المطر عليه؛ لأنه لو لم يكن باختياره لنزل عن المنبر أول ما وكف السقف، لكنَّه تمادى في خطبته حتى كثر نزوله بحيث تحادر على لحيته -صلى الله عليه وسلم-).
وقال في "شرح صحيح الأدب المفرد" (2/ 215 - رقم444): (قال القاري (3/ 611): "فيه تعليمٌ لأمَّته أن يتقرَّبوا ويرغبوا فيما فيه خيرٌ وبركة).

ـ[أم محمد]ــــــــ[10 - 11 - 2011, 09:53 م]ـ
قال العلامة عبد المحسن العباد البدر -حفظه الله- في "شرح سنن أبي داود"، باب ما جاء في المطر، (رقم 5100 - صححه الألباني):
(... "إنَّه حديثُ عهدٍ بربِّه"؛ يعني: هذا هو السبب الذي جعله يحسر عن رأسِه.
ومعلوم أن المطر إنَّما يأتي من السَّحاب المسخَّر بين السَّماءِ والأرض، وهو لا يأتي من السماوات المَبنيَّة؛ وإنَّما: الله -عزَّ وجلَّ- يُرسل الرِّياحَ فتُثير سحابًا فيبسطُه بين السماء والأرض، ثم يُنزِله حيث يشاء، وينفع به مَن يشاء من عبادِه، ويضرُّ به من يشاء مِن عباده؛ فهو يَنزِل من السحاب المسخَّر بين السَّماء والأرض.
وليس المقصود أنَّه نزل من فوق العرش، وأنَّه "حديث عهدٍ بربِّه" لأنَّه من اللهِ -عزَّ وجلَّ-؛ وإنَّما بكَونِ الله -عزَّ وجلَّ- أنزله، كما قال: {وأنزلنا مِن السَّماءِ ماءً طَهورًا}، {أَأنتُم أنزلتُموهُ مِن المُزنِ أم نحنُ المُنزِلون}؛ فهذا هو المقصودُ من قوله: "حديثُ عهدٍ بربِّه"؛ يعني: بإنزالِ ربِّه، وبإيجادِ ربِّه، وليس معنى ذلك أنَّه جاء من فوق العرش؛ لأنَّ المطر إنما يأتي من السحابِ المسخَّر بين السماء والأرض).

[تفريغًا من (الشريط364/دقيقة: 21:30) من "شرح سنن أبي داود" للعلامة العباد، والمادة الصوتية متوفرة في "موقع أهل الحديث والأثر"].

ـ[أم محمد]ــــــــ[10 - 11 - 2011, 09:53 م]ـ
قال العلامة ابنُ عثيمين -رحمهُ الله-:
(وقال: "فحَسَر ثوبَه"؛ (حسر): يعني رفعَه حتى أصابَه مِن المَطر، ثم علَّل -عليه الصَّلاةُ والسَّلام- وقال: "إنَّه حديثُ عهدٍ بربِّه"؛ يعني: قريب عهدٍ بالله -عزَّ وجل-؛ لماذا؟
لأنَّه خُلق الآن، لمَّا خلقَهُ الآن؛ فهو حديث عهدٍ بربِّه ...
وقولُه: "إنَّه حديثُ عهدٍ بربِّه"؛ هل هذه العلَّة مُتعدِّية؟ أو إنَّها لازمة -لأن بعضَ العلل تكون لازمة-؟
الظاهر أنَّها لازمة -لا مُتعدِّية-؛ بمعنى: أنه لا يشرع لنا أن كل شيءٍ يخلقه الله مِن جديد نمسُّه بأبشارِنا.
... يعني: لو أنَّ الإنسان يقول: إذا نبت الزرع أوَّل ما ينبت؛ هل [يشرع] أني أحسر عن ثوبي وأمس هذا الزرع الأخضر -مثلًا-؟
لا؛ لأن هذا ما كان الرسول يفعله؛ فتكون هذه العلَّة قاصرة على ما [...] بها، لا تتعدَّى لغيره، ودليل ذلك التتبُّع بأن الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- ما كان يفعل هذا.
وقوله: "حديثُ عهدٍ بربِّه"؛ يستفاد منه فائدة في أصول الدِّين:
وهو تجدُّد فِعل الله -عزَّ وجلَّ-، وأن اللهَ -عزَّ وجلَّ- يفعل ما يشاء، والفِعل -هنا- المُتجدد بالنسبة إلى المفعول؛ يعني: خلقُه لهذا الشيءِ الجديد غيرُ خلقه لهذا الشَّيء القديم.
أمَّا أصل الصِّفة (وهي الخلق)؛ فهي قديمة، لازمة لله -عزَّ وجلَّ-، لم يزل ولا يزالُ خلَّاقًا؛ لكنْ: لا شكَّ أنه يخلقُ الولدَ بعد خلق أبيه، أليس كذلك؟ ويأتي الليل بعد النهار، والنهار بعد الليلة السابقة، وكل ذلك مخلوق يتجدَّد.
فيستفاد منه: قيام الأفعال الاختيارية بالله -عزَّ وجلَّ-، وهذا هو الذي عليه أهل السُّنة والجماعة، وإن كان الأشاعرة وكثير من المتكلِّمين يُنكرون هذا، ويقولون: إنه لا يمكن أن تقوم بالله أفعالٌ اختياريَّة؛ لماذا؟ قالوا: لأنَّ الفعل الحادث لا يقومُ إلا بحادِث، والله -عزَّ وجلَّ- ليس بحادث، فهو الأول الذي ليس قبلَه شيء!
ولا ريبَ أن هذا التعليل لا أقول: إنه عليل؛ لكني أقول: إنه ميِّت!
كيف ننكرُ ما جاء في الكتابِ والسُّنة مِن ثبوت الأفعال الاختياريَّة الكثيرة التي أثبتها اللهُ لنفسِه، والتي عبَّر عنها بقولِه: {إن ربكَ فعال لما يُريد} (فعَّال): صيغة مبالغة .. مِن أجل حُجَّة ضعيفة!
مَن يقول إن الفعلَ الحادث لا يقوم إلا بمحدَث أو إلا بحادِث؟
هذه القاعدة يُبطلها العقلُ والشَّرع؛ بل إنَّ القديمَ المُتَّصف بالصِّفاتِ الكاملة أَولى أن يكونَ قادرًا على الفعلِ متى شاء.
هُم عندهم أن اللهَ لا يفعل فعلًا اختياريًّا -أبدًا-؛ ولهذا يقولون إن الله ما يتكلَّم بكلام يُسمع؛ وإنَّما كلامُه هو المعنى القائم بالنفس -كالعلم والقُدرة-، والكلام المسموع هذا شيءٌ مخلوق خلقه الله، وهم -مع ذلك- يقولون إنها لا تقوم به الأفعال الاختياريَّة؛ ولهذا الأشاعرة لا يُثبتون لله صفةَ الخَلق -وإن كان الماتريدية يثبتونها-؛ لكن هم لا يثبتونها، يحملون كل ما جاء عن صفة الخلق على معنى الإرادة.
فالحاصل: أنَّ في هذا الحديث (دليل) على تجدُّد فعل الله -عزَّ وجلَّ-؛ لكنَّه باعتبار المفعول، ففِعلُه لهذا الشيءِ غير فعله للشيء الذي سبقه، أمَّا مِن حيث أصلُ الفعل وجنسُ الفعل؛ فإنَّه قديم أزليٌّ أبديٌّ؛ فإن الله لم يزل ولا يزال -سبحانهُ وتَعالى- خلاقًا).

[تفريغًا من "شرح بلوغ المرام"، كتاب الصلاة، الشريط47، من الدقيقة (51:54)].
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 716
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست