نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 636
الأشهر الحرم لفضيلة الشيخ جلال بن علي السلمي وفقه الله
ـ[ابو حمزة المكي]ــــــــ[04 - 12 - 2011, 12:35 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه وبعد ...
فهذه نبذة شريفة عن الأشهر الحرم، تحدثت فيها أولا عن عدة الأشهر القمرية وسبب تسميتها، ثم عن عدة الأشهر الحرم وسبب تسميتها، ثم عن حكم القتال فيها وهل هو محكم أم منسوخ؟، وعن مسألة رائجة وهي هل السيئات والحسنات تضاعف فيها أم لا؟، كتبت ذلك رجاء أن ينفع الله بها، هذا وأسأله سبحانه أن يغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين ... آمين.
مقدمة: عدد الأشهر القمرية، وسبب تسميتها:
الأشهرُ القمريةُ من حيث العدد اثنا عشر شهرا، نص اللهُ سبحانه وتعالى على ذلك في الكتاب بقوله: «إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم ...» الآية.
وهي على الترتيب عند العرب تبدأ بأول هلال يظهر بعد انتهاء الحج، وهو هلال المحرم، ثم صفر، ثم ربيع الأول، ثم ربيع الثاني، ثم جمادى الأولى، ثم جمادى الثانية، ثم رجب، ثم شعبان، ثم رمضان، ثم شوال، ثم ذو القعدة، ثم ذو الحجة.
وشاهد ما سبق من الترتيب قول لبيد بن ربيعة العامري في معلقته:
حتى إذا سَلَخَا جمادَى سِتةً * جَزْءا فطَال صيامُه وصِيامها
أراد جمادى الثانية، فوصفه بستّة؛ لأنّه الشهرُ السادسُ من السنة العربية القمرية.
أما من حيث سبب تسمية هذه الأشهر فقد اجتهد علماء اللغة في الوقوف على حقيقة ذلك، فذهب كثير منهم إلى أن المحرم سمي بذلك لحرمة القتال فيه، وصفر سمي بذلك لأن بيوتهم تكون صفرا من الرجال والخير لقتالهم فيه، وربيع الأول والثاني سميا بذلك لموافقتهما الربيعَ عند التسمية، وجمادى الأولى والثانية سميا بذلك لموافقتهما الشتاءَ وجمادَ الماء وقت التسمية، ورجب سمي بذلك من الترجيب وهو التعظيم، وشعبان سمي بذلك لأنه شعب أي فرق بين رجب ورمضان، ورمضان سمي بذلك لموافقته الصيفَ والرمضاءَ وقت التسمية، وشوال سمي بذلك لأن الإبل تشيل أذنابها بسبب الحمل، وذو القعدة سمي بذلك لأنهم يقعدون فيه عن القتال، وذو الحجة سمي بذلك لكونهم يحجون البيت فيه.
عدد الأشهر الحرم، وسبب تسميتها بذلك:
والأشهر الحرم من حيث العدد أربعة كما نصت عليه الآية السابقة، قال تعالى: «منها أربعة حرم»، وقد جاء بيان هذه الأشهر الأربعة وأنها المحرم ورجب وذو القعدة وذو الحجة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيحين وغيرهما من حديث أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر، الذي بين جمادى وشعبان». وقد أضاف النبي صلى الله عليه وسلم شهر رجب إلى مضر؛ قيل: لأنها كانت تبالغ في تعظيمه، وقيل: لأن ربيعة بن نزار كانوا يحرمون شهر رمضان، ويسمونه رجبا، وكانت مضر تحرم رجبا نفسه.
وقد سميت هذه الأشهر بالحرم؛ لأنه يحرم فيها القتال ابتداءًا، قال تعالى: «يسألونك عن الشهر الحرام قتالٍ فيه قل قتالٌ فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله ...». الآية. والمعنى: يسألك الكفار عن الشهر الحرام تعجبا من هتك حرمته بالقتال، فقل يا محمد ? في جوابهم: القتال فيه كبير مستنكر [هذا مأخذ التحريم]، وقل أيضا: صدكم عن سبيلِ الله والمسجدِ الحرام وإخراجُكُم لأهلِه منه وكفرُكُم بالله أكبر عنده سبحانه من القتال في الشهر الحرام.
وقيل سميت بذلك لتحريم ظلم الإنسان لنفسه فيها بانتهاك المحارم. قال تعالى: «منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم». والمعنى: يحرم عليكم أن تظلموا فيهن أنفسكم بارتكاب الذنوب، ومن ذلك القتال فيها ابتداءا على ما سبق. والقول بأن الضمير في قوله: «فيهن» يرجع إلى الأشهر الحرم مذهب أكثر أهل التأويل، ومأخذهم في هذا أنه أقرب مذكور، والأصل عود الضمير إليه. وذهب ابن عباس رضي الله عنهما إلى أنه يرجع إلى الأشهر الاثني عشر، وأيد بعضهم هذا المذهب من جهة أن ظلمَ المرءِ لنفسه محرمٌ في الزمان كله. وأجيب عن هذا: بأن عود الضمير إلى
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 636