نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 635
وإنك لعلى خلق عظيم.
ـ[د. خديجة إيكر]ــــــــ[07 - 12 - 2011, 05:44 م]ـ
يقيم الإسلام الحياة على الأخلاق الفاضلة، ذلك أن المجتمع الإسلامي مجتمع فاضل، والمسلمون ـــ الذين يتمثلون الإسلام حقا ـــ يجب أن يتحلَّوا بالأخلاق الفاضلة في كل مجالات الحياة: السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية.
وقد امتدح الحق سبحانه الرسول صلى الله عليه وسلم بالخلق الكريم، يقول سبحانه وتعالى: ((وإنك لعلى خلق عظيم)) القلم / 4، مبينا أهمية الأخلاق في الحياة. ولذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم القدوة، والقمة السامقة في الأخلاق. كما بيَّن صلى الله عليه وسلم وظيفته الأخلاقية عندما قال: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
وقد ارتبطت جوانب الإسلام برباط أخلاقي، بغية تحقيق مقصد أخلاقي كذلك، مما يؤكد أن الأخلاق هي روح الدين الإسلامي، وأن النظام التشريعي الإسلامي ما هو إلا كيان مجسِّد لهذه الروح الأخلاقية.
والإسلام لا ينظر إلى الأخلاق على أنها قيم شكلية، أومثالية كما تنظر إليها الحضارات الأخرى، بل ينظر إليها على أنها ضرورة حياتية، لا يمكن للإنسان أن يحقق وجوده الإنساني بدونها، كما أن سعادته الدنيوية والأخروية مرتبطة بها.
إن الأخلاق في نظر الإسلام هي مبادئ وقواعد حددها الوحي الإلهي لتنظيم حياة الإنسان، وتحديد علاقته بغيره على نحو يحقِّق الغاية من وجوده في هذا العالم على أكمل وجه. والتربية الخلقية في الإسلام تربية مقاصدية، ذات أبعاد وغايات وليست شعارات جوفاء. فمن هذه الغايات التي تتحقَّق بالأخلاق الإسلامية الفاضلة إصلاحُ السر والعلن والرقابةُ الداخلية الذاتية وتقويمُ السلوك الفردي وفق المنهج الإسلامي.
إن التربية الخلقية في الإسلام تربية مقاصدية، ذات أبعاد وغايات وليست شعارات جوفاء، ومن هذه الغايات والأهداف التي تتحقَّق بالأخلاق الإسلامية: إصلاحُ السِّر والعلن والرقابةُ الداخلية الذاتية وتقويمُ السلوك والعملُ على ترقيته وفقاً للشرع الحنيف، والشعورُ بالمسؤولية.
ويتميز النظام الأخلاقي الإسلامي بكونه نظاماً إلهياً من حيث المصدر، إنسانياً من حيث الموضوع فلا يكتفي الإنسان ـــ في الجانب الأخلاقي ـــ بالتنظير بل لا بد إلى جانبه من تطبيق وتَمَثُّل لهذه الأخلاق.
وقد دعا الإسلام إلى اتباع طرق متعددة لغرس الأخلاق في النفوس، بحيث تصبح قناعة لدى الفرد والجماعة، ويكون الحامل على تمثُّلها في كل مجالات الحياة هو الاقتناع بأهميتها وجدواها، وليس التقليد فقط. كما يجب أن يكون الرقيب الأساس على حفظها وصيانتها هو الوازع الديني، الذي تتولد عنه الرقابة الداخلية، المنبعثة من ذات الفرد والجماعة.
ولعل من أهم هذه الوسائل الوعظُ والإرشادُ، والتذكيرُ والنصحُ، والترغيب والترهيب، والعبادة، والتوبة والمغفرة.
وتغرس هذه الوسائل التربوية السالفة الذكر في نفس المؤمن الفضائلَ، وتقوي لديه الوازع الديني، وتحمله المسؤولية تجاه ربه سبحانه وتعالى وتجاه نفسه والناسِ أجمعين بل تجاه وكل من يشاركه الحياة من حيوان ونبات، حتى يصبح ما يصدر عنه من أقوال وأفعال وتصرفات وسلوكات ومواقف واتجاهات مطابقا لمعايير الأخلاق المحمودة التي دعا إليها الإسلام.
وإذا تتبعنا البناء الأخلاقي في القرآن الكريم سنصل إلى حقيقة غفل عنها الكثيرون، وهي أن عدد آيات الأخلاق كبير جدا بالقياس إلى آيات الأحكام، حيث بلغ عددها أربعاً وخمسمائة وألف آية، موزعة في مختلف سور القرآن الكريم. وهذا دليلٌ على أهمية الأخلاق في المنظومة الإسلامية، ووسيلةٌ تُمكِّننا من فهم أسلوب الحصر"بإنما " الوارد في الحديث النبوي الشريف: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 635