نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 611
إذا احتاج الأمر إلى رد وبيان لكشف بعض الشُّبه التي يطرحها بعض المبتدعة؛ فارجع إلى العُلماء الكبار الذين يُبيِّنون لك ذلك.
وأما أنتَ بيِّن ما تعلم، بشرط أن تكون على منهج السَّلف الصَّالح، بيِّن ما تعلم، ولا سيَّما بالتَّأصيل على هدي الكتاب والسُّنَّة، وربط النَّاس بذلك.
يعني مثلًا حتى تخرج طلبة علم يَعرفون السُّنَّة من البدعة، والهدى من الضَّلال، والتوحيد من الشرك، أصِّل وبيِّن لهم ذلك.
وأمَّا الأشخاص فهم على ثلاثة أقسام ... :
قسمٌ مرقوا مِن الدِّين، هؤلاء لا كرامةَ لهم؛ وإنَّما تراعي أنتَ المصلحة والمفسدة فيما يتعلَّق بالتَّصريح بأسمائهم؛ لئلا توقف دعوتك، لا أقصد أنكَّ تتنازل عن دعوته، أو عن بيان عَوَره، لا؛ ولكن: انظر إلى ما تقول، أحيانًا يكون في التَّلميح والتَّلويح وعدم التَّصريح فائدة عظيمة في كشفه للنَّاس والتَّحذير منه، ولا سيَّما إن كان ذا سلطان.
وأمَّا القسم الثَّاني: فهم المبتدِعة، الذين ظهرت بِدَعُهم، وسلكوا مناهج أهل البدع، وهؤلاء نعم يُردُّ عليهم؛ ولكن بِمراعاة المصالِح والمفاسد -أيضًا-، فإن ألَّفتَ كتابًا، أو رددتَ على شريطٍ لِمثلِ هؤلاء؛ فبيِّن أخطاءهم، وبيِّن الشُّبَه ورُدَّها بالحججِ القاطعة والبراهين السَّاطعة مِن كتاب الله -عزَّ وجلَّ- وسُنَّة رسوله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- وآثار السَّلف الصَّالح.
ولكن -أيضًا- تُراعي عدم السَّب، عدم السَّفاهة، عدم النُّزول إلى ما يفعلونه هم، يعني تردُّ الحقَّ بدليله: (قال في الكتابِ الفلاني كذا، والصَّواب كذا، ورد الشُّبهة كذا وكذا)؛ وهذا -كلُّه- لا بدَّ أن نرجع فيه إلى العُلماء الكبار.
القسم الثَّالث: أشخاصٌ امتُحِنوا مِن قِبل بعضِ المُتعالِمين، نحن لا ندَّعي للنَّاس العِصمة؛ لكنْ هُناك علماء ومشايخ وطلبة عِلم أوذوا في الله -عزَّ وجل- مِن قبل بعض أدعياء السَّلفيَّة؛ فهؤلاء لا نشاركُ في إيذائِهم حتى لا نقعَ فيما وقعوا فيه مِن تفريق كلمة أهل السُّنَّة بغيرِ حقٍّ، وإن وُجد عند أحدٍ منهم خطأ يُنبَّه، وإن الذي ينبِّهه وينصحه هم العُلماء الكبار.
القِسم الأخير: أناسٌ جهلة وقعُوا في أمورٍ لا يُدرِكونَها، هؤلاء يحتاجون -فقط- إلى توعيةٍ وبيان الحقِّ بدليلهِ لهم، والأخذ بأيديهم إلى الجادَّة.
هناك صنفٌ آخر: شخصٌ عنده زلَّات معيَّنة وقع فيها مشايخ كبار -مثل الإمام النَّووي-رحمهُ الله-، وابن حجر-رحمهُ الله-، وكذلك غيرهم-، وقعوا في بعضِ المخالفات -بل وفي بعض البِدع-؛ فما موقفنا تجاههم؟
نسلكُ مسلكَ الحدَّاديين -في رفضِ كتُبهم وسبِّهم والنَّيل منهم-وهم قد خدموا السُّنَّة وخدموا العِلم-؟!
الجواب: لا، ليس الأمر كذلك؛ وإنَّما علينا أن نأخذَ ما بيَّنه العُلماءُ من التَّنبيه على زلَّاتِهم وأخطائِهم، ولا نداهنُهم علينا -مع احتِرامهم، وعدم تَجرِئة صِغار الطُّلاب عليهم-؛ يعني: نُنبِّه على الخطأ.
يعني -مثلًا-: لو وجدنا -مثلًا- عند النَّووي -رحمهُ الله- تأويل في الصِّفات؛ في هذه الحال نُبيِّن هذا، ولا نتردَّد في بيانِه، نقول: هذا خطأ من النَّووي -رحمهُ اللهُ-؛ لكن لعل من الخير، ولعله قدَّم للسُّنة ما قدَّم مِمَّا يُمكن أن نرجو الله أن ينفعهُ الله به، وأن تنغمرَ تلك الأخطاءُ في خضمِّ ما قدَّم من خدمة.
ومثلُه ابنُ حجر وكثيرٌ من العُلماء، وكذلك مَن أخطأ مِمَّن هُم على هذه الشَّاكلة.
أمَّا المبتدِعُ الذي -كما قلتُ، وأؤكِّدُ عليه- كشَّر عن أنيابِه، يدعو إلى البدعةِ، يدعو إلى الانضمامِ إلى الأحزاب الفاسدة -التي تُوالي وتُعادي في سبيل مبادئ حزبيَّة ضيِّقة-، وتتنازل عن العقيدة، وتُحذِّر، وتُعادي أهلَ السُّنَّة؛ هؤلاء لا كرامة لهم.
لكنْ: عالجوا الأمرَ بِحسبِ الظُّروفِ التي تعيشونَها.
يعني: قد يتطلَّبُ الأمرُ أن تُواجِهُوا ..
وقد يتطلَّبُ الأمرُ أن تُلمِّحوا ..
وقد يتطلَّبُ الأمرُ أن تُلوِّحوا ..
المهم: أن تجعلوا لكل طريقٍ، أو لكلِّ قومٍ ما يُناسبُه من أسس الدَّعوة إلى الله -سبحانهُ وتَعالى- بالحكمةِ والموعظةِ الحسنة بحسب ما يقتضيه المقام.
أختم فأقول، وأؤكِّد على مسألة: وهي ما قد تُدعَون إليه مِن تشويهِ بعضِ أجلَّة العُلماء الذين لَهم قدمٌ راسخةٌ وطلبة العلم، فانتَبِهوا لِمثلِ هذا المسلك؛ فإنَّه مسلكٌ خطير؛ لأنَّه قد بلغني أن هناكَ مَن أحرقَ ودُعِي إلى إِحراقِ بعض كتب المشايخ في المدينةِ النَّبويَّة، وهذا أمر الذي أمركم به لا يفقه -مهما كان، ومهما تسمى-، إن دعوته هذه دعوة فاسدة، والذي يأمرُكم بِمِثل هذه الأوامر؛ أنا - وجهة نظري- أن لا تقبلوه مستقبلًا؛ لئلَّا يفرِّق صفَّكم، ويوقعكم في مثل هذه المزالق الخطيرة.
وارجعوا .. كما قلتُ وأؤكِّد بالرجوع إلى العُلماء الربَّانيِّين؛ {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}، وقول الله -سبحانهُ وتَعالى-: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}.
وفِّقني اللهُ وإيَّاكم للعلم النَّافع والعمل الصَّالِح.
وصلَّى الله وسلَّم وبارَك على نبيِّنا محمَّد، وعلى آلِه وصحبِه أجمعين.
وأستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
سُجل هذا في اتِّصال هاتفي مع طلبة العلم في تونس الخضراء، في ليلةِ الأربعاء، الموافق للسَّابع عشر مِن شهر الله المحرَّم سنة ثلاثٍ وثلاثين وأربع مائةٍ وألف للهجرة النبويَّة.
فرغته أختكم / أم محمد
راجعهُ الأستاذ أبو الحارث باسم بن خلف -جزاه الله خيرًا-.
نسقه أحد الإخوة -جزاه الله خيرًا- على شكل مطوية:
من هنا (http://www.archive.org/download/SouhaimiGholat/hgsodl55.pdf) للتحميل
من هنا (http://www.archive.org/details/sheikhshimikalima) لسماع التسجيل الصوتي
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 611