responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 588
فائدة: رفع الإشكال في حديث أن ذكر الله خير من الجهاد في سبيله
ـ[فقيه العرب]ــــــــ[25 - 12 - 2011, 01:45 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم،

لقد صحّ عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: «ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم، فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم؟» قالوا: بلى؛ قال: «ذكر الله».

فهل هذا الحديث يدل على أن ذكر الله (عز وجل) خير من الجهاد في سبيل الله؟

فجوابه أن يقال:

لقد تواترت الأحاديث واجتمعت على تفضيل الجهاد في سبيل الله على سائر الأعمال، والكتاب والسنة يطفحان بهذه الأدلة الواضحات البيّنات، ولم يأت حديث في تفضيل غير الجهاد عليه من غير أركان الإسلام إلا هذا الحديث، لذلك وجب تأويله ليتوافق مع ما تواتر وتظاهر من أحاديث في أفضلية الجهاد على غيره من الأعمال، فيُقال:

أولاً: إما أن يكون هذا الحديث مختصاً بمرحلة التربية في العهد المكي، فكأن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يقول لهم: ما أنتم شاغلون به أنفسكم في هذه المرحلة من ذكر الله (عز وجل) وتعظيمه، وترطيب اللسان بتسبيحه واستغفاره، وإصلاح أنفسكم حتى تتشرب قلوبكم محبته (سبحانه وتعالى)، هو أعظلم وأفضل لكم عند الله مما ترونه أفضل الأعمال.

ثانياً: يصح أن يقال أيضاً أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أراد بهذا الحديث أن يبيّن أن معيار العمل الصالح عند الله (عز وجل) هو: مقدار ما حصل للإنسان من ذكر له (سبحانه وتعالى) من عمله الصالح الذي أداه؛ حيث إن جميع الأعمال الصالحة داخلة في باب "ذكر الله"، ولا ينال المرء أجر عمل أدّاه إلا بمقدار ما حصل له من الذكر في هذا العمل (وهو النية الصالحة، وتعليق القلب به (سبحانه وتعالى) بالرجاء والخوف؛ كما قال (تعالى): {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [المؤمنون: 60]).

فبمقدار ما تحقق للإنسان من ذكر لله (عز وجل) من عمله الصالح، نال به الأجر .. فصار بذلك ذكر الله (عز وجل) هو الغاية الأسمى للمسلم، التي لا تعدلها غاية.

ولعله من أجل ذلك لم يذكر النبي (صلى الله عليه وسلم) في هذا الحديث إنفاق الذهب والفضة على أنه صدقة في سبيل الله؛ أو مقاتلة العدو على أنها جهاد في سبيل الله .. وفي ذلك شيء من الدلالة على ما ذهبت إليه.

فكأنه يقول: إن أعظم أعمالكم ليست بشيء عند الله (عز وجل) من دون ذكره (سبحانه وتعالى).

هذا، والله أعلم.

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 588
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست