نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 585
لما رأيت الأمر أمراً منكراً
أجٌجت ناري ودعوت قنْبَرا
فمن ذلك الوقت صارت الشيعة على ذلك فرق:
1 - غلاة
2 - سَبابة، هو الإمامية الذين عرفوا بعد ذلك بالرافضة.
3 - مُفَضلة، وهم الذين عرفوا بعد ذلك بالزيدية.
فأما الرافضة من الأمامية والغالية، فقد اتخذوا التقية أصلاً من أصول مذهبهم، فيخفون أصولهم الكفرية؛ إما خوفاً من سلطان الشرع، أو خداعاً لجهال المسلمين، فحقيقة التقية التي يدين بها الرافضة هي النفاق، ومع ذلك يدعون الأئمة من أهل البيت علي "رضي الله عنه" ومن بعده أنهم قائلون بالتقية، وعاملون بها مع الخلفاء، ومع جمهور المسلمين ومعنى ذلك أنهم كانوا يظهرون خلاف ما يبطنون فلا يصدعون بالحق، ولا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر بل يظهرون ما يعتقدونه باطلاً تقية، وهذا كذب على أمير المؤمنين علي "رضي الله عنه"، فإنه كان صداعاً بالحق قوالاً به، لا يخاف في الله لومة لائم وكذلك الحسن والحسين "رضي الله عنهما"، وعلي بن الحسين وابنه محمد، وابنه جعفر برآء من هذه الفرية، فإنهم لا يكتمون الحق الذي يدنيون به، ولا يظهرون الموافقة على الباطل كما تزعم الرافضة.
فهؤلاء الأئمة –على قول الرافضة- لم ينصروا حقاً، ولم يكسروا باطلاً، ولم يغيروا منكراً ولا بالقول فضلاً عن الفعل، فإن هذا هو موجَب التدين بالتقية على حد زعم الرافضة.
وأعظم من الكذب على الأئمة الكذب على النبي "صلى الله عليه وسلم" بنسبته إلى التقية، كما جاء في السؤال، فنقول: سبحانك هذا بهتان عظيم، وهذا من كذب الرافضة المضحك، ونظائر هذا منهم وعنهم كثير، فهم يكذبون ولا يحسنون كيف يكذبون، مما يدل على حمقهم وجهلهم، مما جعلهم سُبة على الإسلام. سبحان الله! كيف يجرؤون على مقام النبي "صلى الله عليه وسلم" بنسبة التقية إليه؟ وهو الذي قال الله له: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)، (الحجر:95،94)، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)، (المائدة:67)،
كيف وهو الذي لما راودته قريش على ترك دعوته، قال: ((والله لو جعلوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته)) رواه ابن إسحاق وغيره. وهو الذي قال في أعظم جمع بعرفة: ((أنتم تُسألون عني، فما أنتم قائلون؟))
قالوا: نشهد أنك بلغت وأديت ونصحت، فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: ((اللهم اشهد))، ثلاث مرات. متفق عليه واللفظ لمسلم.
وعلى هذا فنسبة التقية إلى رسول الله "صل الله عليه وسلم" تتضمن الطعن في تبليغه لرسالات ربه، وفي ذلك أعظم تنقص لقدره، بل التقية قد طلبها المشركون منه "صل الله عليه وسلم" أو رغبوا في ذلك، قال تعالى: (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ)، (القلم:9)
قيل معناه: ودوا لو تسكت فيسكتون، وحاشاه "صل الله عليه وسلم" أن يسكت عن الصدع بأمر الله، دعوة إلى التوحيد، ونهياً عن الإشراك بالله، وبياناً للحق من الباطل.
فمن زعم أن النبي "صل الله عليه وسلم" عمل بالتقية ولو في مسألة واحدة فهو كافر مرتد عن الإسلام، لأن ذلك يتضمن نسبته إلى كتمان ما أمره الله بتبليغه، قال أنس "رضي الله عنه": ((لو كان رسول الله "صل الله عليه وسلم" كاتماً شيئاً لكتم هذه الآية: (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ)، (الأحزاب:37)، رواه البخاري ومسلم.
وقالت عائشة ر"ضي الله عنها": ((من زعم أن رسول الله "صل الله عليه وسلم" كتم شيئاً من كتاب الله فقد أعظم على الله الفرية)). رواه مسلم.
وفي رواية قالت "رضي الله عنها": ((لو كان محمد "صل الله عليه وسلم" كاتماً شيئاً مما أنزل عليه لكتم هذه الآية: ((وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أحَقُّ أَن تَخْشَاهُ))، (الأحزاب:37) رواه مسلم.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 585