responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 557
فينبغي أن تتواصوا بينكم في الحرص على العلم أن يحثُ بعضُكم بعضا, والله –عز وجل- في صفاته الآمنين من الخُسر في سورة العصر: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ} [العصر/3] , يعني أوصى بعضهم بعضاً بما يلزمهم. ومن أعظم ما يَلزمكم العلم الذي تنفعون به أقوامكم.
ومن لطائفِ الأخبار في هذه الدار وهو المدينة النبوية: أن الشيخ محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله- وفد إليها, فتلقى العلم عن جماعة من العلماء من الحنابلة وغيرهم, فكان فيها رجلٌ حنبليٌّ يقال له: عبدالله بن إبراهيم بن سيف. أصله من أهل نجد ثم استقر في المدينة, فأخذه شيخه مرةً وقال له: تعال أُريك سلاحاً أعدتُه لأجل نجد. فأخذه معه إلى بيته ففتح له باب غرفةٍ فيها كتبٌ كثيرة فقال: هذه اعتدته لأهل نجد. يعني تحصيل هذه الكتب وتحصيل العلم الذي ينفعنكم.
فينبغي أن تجتهدوا في تحصيل هذا المطلب, وأن تعلموا أن بلادكم خاصة وبلاد المسلمين عامة تفتقرُ إلى العلم الشرعي الذي يَعرف به الناس دينهم, ولن تكون في قلوب الناس وغيرهم , ولا حميةٌ لدينهم إلا مع الإيمان الذي يُورثه العلم, أما بدون إيمان ولا علم فلا تنفع الأحساب ولا الأنساب والشعارات الإقليمية والوطنية فإنها تزول لأنها سرابٌ خداع, وإنما يبقى صدقُ الإيمان ولما امتلأت قلوب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالإيمان لم يلتفتوا إلى شيءٍ من الدنيا, وانقلبت عندهم غُصص الآلام إلى حلاواتٍ تمتد بها قلوبهم, فباعوا نفوسهم لأجل الله- سبحانه وتعالى-.
ينبغي أن يجتهد كلُ واحدٍ منها ممن يَسمعُ هذا الكلام في تحصيل ما يقربهم إلى الله-عز وجل- من العلم, وما يتخذه عدةً يهدي بها الناس, وأن يُقطع الأيام والليالي بكتابه, وأن يعلم أنه ميراث النبوة؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يترك ديناراً ولا درهماً, وإنما ورث العلم, فمن أخذه أخذ بحظٍ وافر, فهذا ميراث النبي r, وقد قال أبو هريرة مرةً لأهل السوق: يا أهل السوق, إن ميراث محمدٍ r يُقسم بالمسجد, فأصيبوا حظكم منه. فخرجوا إلى المسجد, فلما جاؤا إلى المسجد لم يجدوا ما كانوا يُؤملُونهُ من الآنية والمتاع والأثاث الذي يباع ليشتروه, فرجعوا إلى أبي هريرة فقالوا: ما عهدناك رحمك الله كَذَّابا. فقال: أم وجدتم في المسجد أقواماً يأتون حلقاً حِلقاً يقرؤون القرآن ويتفقهون في العلم. فقالوا: بلى. فقال: فذلك ميراث النبي صلى الله عليه وسلم , فخذوا حَظكم منه.
فخذوا أيها الأخوان حظكم من العلم, واجتهدوا واصبروا وصابروا, واعلموا أن الله-سبحانه وتعالى- لا يُضيعُ عمل المحسنين, وأن من اخذ بنفسه بالجد والاجتهاد, فإن الله -عز وجل- يوفقه, وأنه لا يحتاج في ذلك حسبٍ ولا نسبٍ ولا لونٍ ولا إلى غير ذلك, بل إن الله -سبحانه وتعالى- يُخرج في هذه الأمة ويرفع من صدق في طِلابِ الحق, ولو كان الناسُ لا يأبهون بجنسه أو أصله أو نسبه أو لونه, لكنه صدق الله وصَدقه.
ولما جاء هشام بن عبدالملك مع ابنيه إلى عطاءِ بن أبي رباح, يريد أن يسأله, رده عطاءُ بن أبي رباح؛ لأن الناس قبلَه يسألون, فلما انصرف هشام قال لأبنائه: يا بنيَّ اطلبوا العلم, فما رأيتنا في مقامٍ أذل منا في هذا المقام. لأن حتى المَلِك يحتاج إليه, فالذي يصدق مع الله -سبحانه وتعالى- يصدق الله -سبحانه وتعالى- معه.
نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يرزقنا جميعاً عِلماً نافعاً وعملاً صالحاً, وأن يُلهمنا رشدنا وأن يقينا شر أنفسنا, وأن يُقرّ أعيننا بنصرة الإسلام والمسلمين, وأن يهدي ضال المسلمين, وأن يوفق حكامهم جميعاً للعمل بشريعة الله -عز وجل- والإتباع لنبي صلى الله عليه وسلم.
والحمد لله ربِّ العالمين.

ـ[الأديب النجدي]ــــــــ[30 - 01 - 2012, 10:56 م]ـ
باركَ الله فيكما.

من لم تكن له بدايةٌ مُحرقة, لم تكن له مشرقة.

نهاية مشرقة.

ـ[متبع]ــــــــ[31 - 01 - 2012, 01:29 ص]ـ
بارك الله فيك أستاذي الأديب.
نسيت أن أقول التحميل الذي في الأعلى هو للمقطع الصوتي.

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 557
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست