responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 537
جمع القلوب بحلم العلم أولى من جمع الصلاة مع سوء الفهم
ـ[أم محمد]ــــــــ[17 - 02 - 2012, 01:23 م]ـ
البسملة1

جمعُ القُلوب بِحِلمِ العلمِ
أَولى
مِن جمع الصَّلاة مع سوءِ الفهمِ (*)

فتوَى هامَّة
لفضيلة الشَّيخِ عليٍّ الحلبيِّ
-حفظهُ اللهُ-

يقول السَّائل: شيخنا -جزاكَ اللهُ خيرًا-: في مثل هذه المواسِم، تختلفُ أنظارُ النَّاسِ مِن حيثُ الجَمْع، فمنهم مَن هو مطمئنٌّ للجَمع، ومنهم غيرُ مُطمئِن.
فنرجو توضيح ذلك -بارك الله فيكم-.
الجواب:
قضيَّةُ الجمعِ -أيُّها الإخوةُ- مُرتبطةٌ بالإمام؛ فالرَّسولُ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- يقولُ: «الإمامُ ضامنٌ، والمؤذِّنُ مُؤتَمنٌ».
فالإمامُ هو الذي يعرفُ المأمومينَ، ويعرفُ أهلَ الحيِّ -مِن المصلِّين-، يعرفُ الطريقَ إلى المسجِد، يعرفُ الأحكامَ المُحيطةَ، والأوضاعَ المُحْتفَّة بالصَّلاةِ وأوضاعِها؛ فهو يُقرِّر أنَّ المجالَ مجالُ جَمعٍ، أم ليس مجالَ جمع.
وعليه: فإنَّ ما يحدثُ في بعضِ المساجدِ مِن -أحيانًا- حثٍّ للإمامِ على الجَمع والإمامُ لا يرضَى، أو -أحيانًا- مِن إنكارٍ على الإمامِ للجَمع لمَّا يَجمع ..
كلُّ هذا ليس مِن الحقِّ في شيء!
مع التَّنبيه على أصلٍ مهمٍّ؛ وهو: أنَّ الجمعَ أصلًا ليس بواجبٍ؛ إنَّما هو رُخصة، والرَّسولُ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- يقول: «إنَّ اللهَ يُحبُّ أن تؤتَى رخَصُهُ، كما يُحبُّ أن تُؤتَى عزائمُه».
فإذا لم يكن المُصلِّي مُقتنِعًا بصلاةِ إمامِه إذا جَمع؛ له أن ينسحبَ -دون إشكالٍ-، وإذا أرادَ أن ينصحَ الإمامَ إذا كان عنده وجهةُ نظرٍ مُعيَّنة -أنَّ الإمامَ مُتساهل، أو أنَّه مُتشدِّد-؛ لأنَّنا رأينا -بِمُقابل الأئمَّةِ المُتساهِلين- أئمَّةً مُتشدِّدين، لا يجمَعون! ويا ليت أنَّهم لا يَجمعون -فقط-؛ بل يُنكرون على مَن يَجمع؛ بل بعضُهم يُبطلُ صلاةَ مَن يجمعُ بين الصَّلاتَين!!
ومِن الطَّريف أنَّ بعض النَّاس يَستدلُّ بالأثرِ المَرويِّ عن سيِّدِنا عمرَ بنِ الخطَّاب -رضيَ اللهُ عنهُ-في «مُصنَّف عبد الرزَّاق» -بالسَّندِ الصَّحيح- أنَّه قال: "مَن جمعَ بين الصَّلاتَين مِن غيرِ عُذر؛ فقد أتى بابًا من أبوابِ الكبائرِ"؛ يستدلُّ بهذا الأثرِ على الإنكارِ على مَن يجمَعون، وهذا الإنكارُ لا يستقيم دائمًا؛ وإنَّما يستقيمُ -حقيقةً- فيمَن جمَع بغيرِ عُذر ..
مع التَّنبيه إلى أنَّ العُذرَ قد تختلفُ فيه الأنظار: العُذرُ عند المريض غيرُ العُذرِ عن الصَّحيحِ، العُذرُ عند الكبيرِ غيرُ العُذرِ عند الصَّغير، العذرُ عند النَّشيطِ غيرُ العُذر عند الكسلانِ أو التَّعبان أو المُرهَق.
فالقضيَّة -كما قُلنا- إنَّما يُرجِّحها الإمامُ؛ هو الذي يَنظر.
أنا أقولُ: أثرُ عُمرَ بنِ الخطَّاب -رضي اللهُ-تَعالى-عنهُ-هذا- دليلٌ على جوازِ الجَمع، ودليلٌ على سُنِّيَّةِ الجمع؛ لكنْ: ضِمن ضابطِه الشَّرعيِّ، وضِمن العُذرِ الذي يُقدِّرهُ الإمامُ، ويرى أنَّه صوابٌ في الأحكام.
وما أجملَ -أيُّها الإخوةُ- أن تُبنَى مساجدُنا على التَّناصُح، وعلى التَّواصي بالحقِّ والتَّواصي بالصَّبر، وعلى المحبَّةِ في اللهِ، وعلى العِلم، لا مانعَ أنْ أُخَطِّئك، ولا مانعَ أن تُخطِّئني؛ لكنْ أن يكونَ ذلك -كلُّه- بالعِلمِ -أوَّلًا-، وبالحبِّ في اللهِ -ثانيًا-.
بعضُ النَّاس يُنكرُ بغير عِلمٍ، وبعضُ النَّاس إذا أنكرَ يُنكرُ بِعُنفٍ وغِلظةٍ وشِدَّة!!
لا هذا صواب، ولا هذا صواب ..
والحقُّ بينهما: أن تُنكرَ بعلمٍ، وأن تُنكرَ بِحلمٍ؛ حينئذٍ: يتقبَّلُ قولَك حتى مَن لا يوافقك.
لذلك ربُّنا ماذا يقولُ في كتابِه: {وَالعَصرِ - إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ - إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَواصَوا بِالحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}، والآية الأخرى: {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالمَرْحَمَةِ}؛ فهي ثلاثيَّة يجب أن تكونَ مزروعةً في قلوبِنا وفي مساجدِنا، لا أن تكونَ منزوعةً منَّا ومِن مساجدِنا: الحقُّ والصَّبرُ والرحمةُ، إذا وُجد ذلك فينا، مُطبِّقينَه في ضوءِ قَول النَّبيِّ الكريم -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «والذي نفسي بيدِه؛ لا يؤمنُ أحدُكم حتَّى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسِه».
أقولُ: لو أنَّنا نفعل ذلك؛ لكان فينا خيرٌ لا يعلمه إلا اللهُ -سُبحانه وتَعالى-، وبِقدرِ تَخلُّفِنا عن هذه المعاني الرَّفيعةِ العالية بِقدرِ ما ننزعُ الخيرَ مِن أنفُسِنا، ويحلُّ مكانَه الشَّرُّ والخطأ؛ بل الخطر!
نسأل الله لنا ولكم العافية.

(*) العنوان من اقتراح بعض الأفاضل -جزاهم الله خيرًا-.
المادة: مفرغة من لقاء مفتوح حول الجمع بين الصلوات في الشتاء، بتاريخ 28/ 1/2012م، السؤال الأول في اللقاء.
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 537
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست