نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 533
وأجيب عن هذا: بأن حديثي ابن عباس والبراء رضي الله عنهم والذي فيهما فعل ذلك في جميع الصلوات كلاهما ضعيف لا يثبت، أما الأول ففي إسناده هلال بن خباب العبدي اختلط ولم يتميز حديثه، وأما الثاني ففي إسناده أبو الجهم سليمان بن الجهم الأنصاري لم يوثق من معتبر، وما جاء عن مطرف بن طريف أنه أثنى عليه خيرا لا يعد توثيقا، وكذا ذكر ابن حبان في الثقات غير معتبر، إذ الثقة عنده من لا يعرف بجرح، وهذا مما لا يوافق عليه.
القول الثاني: أن القنوت مشروع الصلوات الجهرية دون السرية، وبهذا قال الحنفية، والحنابلة في رواية.
[حاشية ابن عابدين (2/ 11)، الإنصاف (2/ 125)].
ودليلهم على هذا: ورود ذلك في الأحاديث السابقة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وما ورد عنه أنه فعله في جميع الصلوات لا يثبت كما تقدم.
وأجيب: بأنه قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الظهر كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وهي ليست بالجهرية.
القول الثالث: أن القنوت مشروع في صلاة الفجر فقط، وبهذا قال المالكية، والحنفية في قول، والحنابلة في رواية عندهم.
[حاشية الدسوقي (1/ 248)، حاشية ابن عابدين (2/ 11)، الإنصاف (2/ 125)،].
ودليلهم على هذا: ما أخرجه أحمد وغيره عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: «ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا».
فهذا يدل على أن القنوت في الفجر سنة محكمة لم تنسخ، أما ما ورد في غيرها فقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه تركه، وهذا يدل على نسخه.
وأجيب عن هذا: بأن حديث أنس رضي الله عنه حديثٌ ضعيف في إسناده أبو جعفر الرازي سيء الحفظ يهم كثيرا، وسوء حفظ الراوي يقتضي رد خبره، وتركه صلى الله عليه وسلم أجبنا عنه فيما سبق، وأن ترك لا يدل على النسخ بل على عدم الوجوب، وهذا ما نقول، ويحتمل أنه تركه لارتفاع النازلة.
ولهم دليل آخر (ذكره بعضهم): كثرة النصوص في قنوت الفجر.
وأجيب عنه: بأن كثرة ورود النصوص فيه لا تدل على التخصيص بل على التأكيد.
الترجيح: الذي يظهر لي في هذه المسألة أنه يشرع القنوت في جميع الصلوات الخمس عدا العصر إذ لم يرد فيها حديث صحيح.
المسألة الثانية: القنوت في صلاة الجمعة:
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: أنه لا يشرع، وبهذا قال الجمهور (المذاهب الأربعة).
[المراجع السابقة].
ودليلهم على هذا: أنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبناءا على ذلك ففعله تقرب بما لم يرد به دليل، وهذا حد البدعة، وهي محرمة اتفاقا.
القول الثاني: أنه مشروع، وهو قول عند الحنابلة.
[الأنصاف (2/ 125)].
ودليلهم على هذا: أن الجمعة ظهرٌ مقصورة، فيصدق عليها حقيقة الظهر، ويثبت لها ما يثبت للظهر التامة، ومن ذلك القنوت الثابت في حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وأجيب عنه: بأن الجمعة صلاةٌ مستقِلة بنفسها تُخالف الظهر في أشياء منها: الجهر، والخطبة، والشروط المعتبرة لها، وبناء على ذلك فحقيقة الظهر لا تصدق عليها، وحمل لفظ صلاة الظهر عليها ضرب من صرف اللفظ عن ظاهره من غير دليل، وهو ممنوع على ما تقرر في الأصول.
الترجيح: الراجح في هذه المسألة القول الأول، وذلك لقوة دليله، وعدم سلامة أدلة أصحاب القول الثاني من المناقشة.
المسألة الثالثة: القنوت في النوافل:
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: أنه غير مشروع، وبهذا قال الجمهور (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة).
[المصادر السابقة].
ودليلهم على هذا: أنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبناءا على ذلك ففعله تقرب بما لم يرد به دليل، وهذا حد البدعة، وهي محرمة اتفاقا.
القول الثاني: أنه مشروع، نقله بعضهم عن الشافعية الذي في كتبهم على خلافه، ويمكن تخريجه على مذهب الإمام الشافعي في العيدين والاستسقاء حيث صرح بعدم كراهة القنوت فيهما للنازلة.
[الأم (1/ 238)].
ودليلهم على هذا: القياس على ما ورد في الفرائض.
وأجيب عنه: بأن القنوت في الصلاة عبادة، والعبادات لا يدخلها القياس.
الترجيح: الراجح في هذه المسألة القول الأول، وذلك لقوة دليله، وعدم سلامة أدلة أصحاب القول الثاني من المناقشة.
موضع القنوت (قبل الركوع أم بعده):
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 533