نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 337
فمصلحة النُّصرة لا تتحصل بردود الأفعال، ولا تنهض بالسَباب والشّتَّام، ولا تقوم بمجرد رفع اللافتات والشعارات؛ولا تبنى على التخيّلات والتوهمات، ولا تكون باستعجال المواجهات والمصادمات؛ بل تتحصل بالفهم الدقيق لمقاصد الشريعة، والنظر الثاقب في أولويات الدين، والبصيرة التامة بالحق، والتضلع الكبير بأحكام النوازل، مع رسوخ في العلم، وإخلاص في العمل، وصدق في القول، وربانية في المنهج، وخبرة بالواقع، وصبر على البلاء،وشجاعة في القلب، ورحمة بالخلق.
الضابط الرابع: أن لا يعتدي المدافع في دفعه.
أَذِن الشرعُ للمؤمنين أن ينتصروا لنبيهم -صلى الله عليه وسلم- بكل سبيلٍ شرعيٍّ وأوجب عليهم ذلك ورغبهم فيه، لكن من غير تجاوز للحد المشروع؛ إذ لا يجوز مقابلة الظلم بالظلم، والفاسد بالفاسد، والبدعة بالبدعة؛ فالمؤمنون قد أُمروا - إذا أرادوا الدفاع عن نبيهم -صلى الله عليه وسلم- بالعدل لا بالظلم، وبالحقّ لا بالباطل، وبالصلاح لا بالفساد، وبالسنة لا بالبدعة.
قال تعالى: [وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ البَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ , وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ , وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ, إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ , وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ]. {الشُّورى: 39 - 43}.
قال الإمام الطبري - رحمه الله-:"وقوله: [إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ] يقول تبارك وتعالى: إنما الطريق لكم أيها الناس على الذين يتعدّون على الناس ظلماً وعدواناً، بأن يعاقبوهم بظلمهم لا على من انتصر ممن ظلمه، فأخذ منه حقه" ([25] (http://www.ahlalloghah.com/showthread.php?p=33174#_ftn25)).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله -: "وذلك أن المظلوم وإن كان مأذوناً له في دفع الظلم عنه بقوله تعالى [وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ]، فذلك مشروط بشرطين:
أحدهما: القدرة على ذلك.
والثاني: ألا يعتدي.
فإذا كان عاجزاً، أو كان الانتصار يفضى إلى عدوان زائد لم يجز" ([26] (http://www.ahlalloghah.com/showthread.php?p=33174#_ftn26)).
وعندما يبدأ أعداء الدين بالطعن في نبي الرحمة -صلى الله عليه وسلم- بالشتم والسخرية والاستهزاء والانتقاص تثور ثائرة المسلمين بعد أن اشتعلت نيران الغيرة على الدين في قلوبهم، وتحرّك الغيض في صدورهم، وتنادت الأصوات في ساحاتهم: الجهاد الجهاد؛ وحينئذٍ قد ترى وتسمع - في ثغور المدافعة والمناصرة - بصيرةً وعدلاً وانصافاً؛ كما قد ترى وتسمع – تحت تخدير العاطفة أو الجهل بأحكام النازلة – تعديّاً وظلماً وطيّشاً ... وفصل الخطاب في فقه الأزمات يتجلى في تصفية العلماء لا في تخبط العشواء، وفي وصايا الحكماء لا في الرايات العمياء.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:" وفيهم نُفْرة عن قول المبتدعة؛ بسبب تكذيبهم بالحق ونفيهم له فيعرضون عن ما يثبتونه من الحق أو ينفرون منه أو يكذبون به كما قد يصير بعض جهال المتسنّنة في إعراضه عن بعض فضائل علي وأهل البيت؛ إذا رأى أهل البدعة يغلون فيها؛ بل بعض المسلمين يصير في الإعراض عن فضائل موسى وعيسى بسبب اليهود والنصارى بعض ذلك حتى يحكى عن قوم من الجهال أنهم ربما شتموا المسيح إذا سمعوا النصارى يشتمون نبينا في الحرب. وعن بعض الجهال أنه قال: سبوا علياً كما سبوا عتيقكم كفر بكفر؛ وإيمان بإيمان " ([27] (http://www.ahlalloghah.com/showthread.php?p=33174#_ftn27)).
الضابط الخامس: مصلحة الدين لا تتمّ إلا إذا اقترنت النصرة بسلطان العلم والحجّة.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 337