نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 335
إذن؛ فيجب أن تكون وسائل النصرة شرعية ومتفقة مع أحكام الشريعة ومنسجمة معها وبعيدة كل البعد عن الحرام والشبهة، وأن تندرج هذه الوسائل تحت معاني كتاب الله تعالى وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وما أُثر عن سلف الأمة؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد؛ فالوسيلة إلى أفضل قصد هي أفضل الوسائل وأنفعها؛ يقول العز ابن عبد السلام – رحمه الله -:" وكلما قويت الوسيلة في الأداء إلى المصلحة، كان أجرها أعظم من أجر ما نقص عنها، فتبليغ رسالات الله من أفضل الوسائل، لأدائه إلى جلب كل صلاح دعت إليه الرسل، وإلى درء كل فاسد زجرت عنه الرسل، والإنذار وسيلة إلى درء مفاسد الكفر والعصيان، والتبشير وسيلة إلى جلب مصالح الطاعة والإيمان. وكذلك المدح والذم، وكذلك الأمر بالمعروف وسيلة إلى تحصيل ذلك المعروف المأمور به، رتبته في الفضل والثواب مبنية على رتبة مصلحة الفعل المأمور به في باب المصالح، فالأمر بالإيمان أفضل أنواع الأمر بالمعروف" ([15] (http://www.ahlalloghah.com/showthread.php?p=33174#_ftn15)).
ولا يمنع أن يتوصل المؤمن إلى النُّصرة الشرعية ببعض الأمور والأسباب الدقيقة اللطيفة؛ كالكيد الممدوح الذي لا تستحل به الحرمات ولا تسقط به الواجبات؛ فهذا النوع ونحوه جائز شرعاً في بعض الأوقات؛ لكن لا يصار إليه إلا بعد أخذ توقيع العلماء الربانين عليه حتى لا يكون ذريعة إلى الإفساد في الدين.
يقول ابن القيم - رحمه الله-:" فالطرق التي تتضمن نفع المسلمين والذب عن الدين ونصر المظلومين وإغاثة الملهوفين ومعارضة المحتالين بالباطل ليدحضوا به الحق من أنفع الطرق وأجلها علما وعملا وتعليما؛ فيجوز للرجل أن يظهر قولاً أو فعلاً مقصوده به مقصود صالح وإن ظن الناس أنه قصد به غير ما قصد به إذا كان فيه مصلحة دينية مثل دفع ظلم عن نفسه أو عن مسلم أو معاهد أو نصرة حق أو إبطال باطل من حيلة محرمة أو غيرها أو دفع الكفار عن المسلمين أو التوصل إلى تنفيذ أمر الله تعالى ورسوله؛ فكل هذه طرق جائزة أو مستحبة أو واجبة.
وإنما المحرم أن يقصد بالعقود الشرعية غير ما شرعت له فيصير مخادعا لله فهذا مخادع لله ورسوله وذلك مخادع للكفار والفجار والظلمة وأرباب المكر والاحتيال فبين هذا الخداع وذاك الخداع من الفرق كما بين البر والإثم والعدل والظلم والطاعة والمعصية؛ فأين من قصده إظهار دين الله تعالى ونصر المظلوم وكسر الظالم إلى من قصده ضد ذلك؟ " ([16] (http://www.ahlalloghah.com/showthread.php?p=33174#_ftn16)).
وهاهنا تنبيه: وهو أنه إذا كانت نتيجة الانتصار معدومة أو ضعيفة؛ فمن العبث الكلام في وسائلها وطرقها؛ لأن الوسيلة إذا لم تفضِ إلى مقاصدها سقط اعتبارها؛ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:" وإذا كان المقصود لا يحصل منه شيء لم يكن بنا حاجة إلى إثبات الوسيلة؛ لأن الوسائل لا تُراد إلا لمقاصدها، فإذا جزمنا بانتفاء المقاصد كان الكلام في الوسيلة من السعي الفاسد، وكان هذا بمنزلة من يقول الناس يحتاجون إلى من يطعمهم ويسقيهم وينبغي أن يكون الطعام صفته كذا، والشراب صفته كذا، وهذا عند الطائفة الفلانية، وتلك الطائفة قد عُلم أنها من أفقر الناس، وأنهم معروفون بالإفلاس" ([17] (http://www.ahlalloghah.com/showthread.php?p=33174#_ftn17)).
الضابط الثالث: جميع أحكام النُّصرة مبناها على المصالح المحضة أو الراجحة.
الأحكام الشرعية تارة تناط بالمصالح الخالصة المحضة وتارة تناط بالمصالح الراجحة الغالبة؛ والأولى نادرة الوجود والثانية كثيرة الوقوع؛ لذا لا يصار إلى النّصرة إلاّ إذا ترجحت مصلحتها ولم يفضِ الدفع إلى فساد راجح على مصلحته؛ يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله -: " والشريعة تأمر بالمصالح الخالصة والراجحة كالإيمان والجهاد؛ فإن الإيمان مصلحة محضة، والجهاد وإن كان فيه قتل النفوس فمصلحته راجحة وفتنة الكفر أعظم فساداً من القتل؛ كما قال تعالى [وَالفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ القَتْلِ] {البقرة:217}، ونهى عن المفاسد الخالصة والراجحة كما نهى عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن وعن الإثم والبغى بغير الحق وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله مالا تعلمون، وهذه الأمور لا يبيحها قط فى حال من الأحوال ولا فى شرعة من
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 335