responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 310
دروس الهجرة وواقعنا المعاصر
ـ[ابراهيم دياب]ــــــــ[15 - 11 - 2012, 05:58 ص]ـ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيِم
دُرُوُسُ الهِجْرَةِ وَوَقِعُنَا المُعَاصِر

إِنَّ الحمدَ للهِ -تَعالَى- نحمَدُه، ونستعينُه ونستهدِيه ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أَنفسِنا وسيئاتِ أَعمالِنا، مَنْ يهدِ اللهُ فلا مضلَّ لَه، ومَنْ يضللْ فلا هَادي لَه، وأَشهدُ أَن لا إِلَه إِلا اللهُ وحدَه لا شريكَ لَه، وأَشهدُ أَنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، مَنْ يطعِ اللهَ ورسولَه فقدْ رشُد، ومَنْ يعصِ اللهَ ورسولَه فقدْ غَوَى، ومَنْ يخالفُ هديَهُما فإِنَّهُ لا يضرُ إِلا نفسَه.
أَمَّا بعدُ: فهذهِ بعضُ الدروسِ والعبرِ مِنَ الهجرةِ النبويةِ –علَى صاحِبها أَفضلُ الصلاةِ والسلام-، أَردتُ أَنْ أُذكرَ بهَا نفسي أَولاً ثمَّ أَهلِي وأَحبَابِي، وأُبينُ فيهَا كيفَ استطاعَ النَّبِي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يحولَ هذهِ المرحلةَ العظيمةَ مِنْ حياتِه إِلى رحلةٍ دعويةٍ تربوية، ربَّى فيهَا أَصحابَه تربيةً إِيمانيةً عملية، فاقتْ حدودَ الوصفِ والخيال، ليكوِّنَ بِهمْ ومِنهمْ أُمَّةً ساميةً راقيةً استطاعتْ أَنْ تنشرَ الإسلامَ في ربوعِ العالمِ كلِه.
ثُمَّ أُسقطُ بعدَ ذلكَ هذهِ الدروسَ علَى حياتِنا الحالية، مبينًا كيفَ يُمْكنُ لنَا أَنْ نستفيدَ مِنْها في واقعِنا المعاصِر، أَسأَلُ اللهَ –عَزَّ وَجَلَّ- التوفيقَ والسَّداد.
1 - حِينَما يضيقُ الوطنُ علَى أَهلِه، وَلا قدرةَ علَى الإِصلاحِ بِه، فلابدَّ مِنْ تَرْكِه:
فحينَما بدأَ النَّبِي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الدعوةَ إِلَى الإسلامِ في سريةٍ تامة، ثمَّ أُومرَ بعدَ ذلكَ بالجهرِ بها بينَ أَهلِه وقومِه، حينَما قالَ لهُ ربُه –عَزَّ وَجَلَّ-: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) [الْحِجْر:94]، حينَها بدأَ المشركونَ بالتضييقِ علَى النَّبِي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصحبِه، وبالاستهزاءِ والتنكيلِ والتعذيبِ لِمَنْ آمنَ بِه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بلْ وتعدَ الأمرُ بعدَ ذلكَ إِلَى قتلِ الضعفاءِ والفقراءِ الذينَ سارُوا معَهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- علَى طريقِه، وفي ظلالِ دعوتِه.
في بادِئ الأمرِ تحمَّلَ النَّبِي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هذا التضييِق، وتغاضَى عنْ هذا التهكُّمَ والتعذِيب؛ فحينَما مرَّ النَّبِي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- علَى أَصحابِه وهمْ يعذبون، ما بينَ صحابِي يُجلَد، وآخرَ يُسحَل، وثالثٍ يُصلب؛ فينظرُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أَصحابِه بشفقةٍ ليواسيهِم ويصبِّرَهم، ويربطَ علَى قلوبِهم، ويقوي مِنْ عزيمتِهم، ويُعْلِي مِنْ هِمتِهم، فيلتفتُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلى آلِ ياسرٍ قائلاً لهم: "أَبْشِرُوا آلَ يَاسِر مَوْعِدُكُمُ الجَنَّةُ" ذكرَه الهيثمي، والشوكاني، وقالَ الأَلبَاني: حسنٌ صحيح. إِنَّها غايةٌ عظيمة، لكنَّها تحتاجُ إِلى تضحيةٍ كبيرة.
وحينَما ذهبَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلى الطائفِ بحثًا عنْ عاقلٍ رشيدٍ يقدرُ كلمتَه، ويُصغِي إِلى دعوتِه، ويُؤمنُ برسالتِه؛ وإِذْ بالردِ يكونُ أَكثرَ عنفًا مِنْهُ في مكَّة، وأَكثرَ سخريةً وإِهانةً لَه؛ فينزلُ سيدُنا جبريلُ علَى النَّبِي الجليلِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومعهُ ملكُ الجِبال، قائلاً لَه: إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْن. (متفقٌ عليْه).
لكنَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمْ يذهبْ إِليهمْ لتكونَ النهايةُ أَنَْ يأْمرَ بذلكَ، لكنَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كانَ ينظرُ ويتطلعُ إِلَى ماهوَ أَسمى وأَبعدَ مِنْ ذلك، فيردُ عليه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قائلاً: "بَلْ أَرْجُوُ أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا" (متفقٌ عليْه).
النَّبِي يريدُ أَنْ ينشرَ الإسلامَ في مكةَ وما جاورَها مِنْ قبائلَ وبلدان، يريدُ أَنْ يُصلحَ مِنْ أَحوالِ أَهلِ كلِ البِلاد، يريدُ أَنْ يأخذَ بأَيْدِي الجميعِ إِلى عبادةِ ربِ العِباد.
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 310
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست