نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 301
دليلهم: لما روت أم قيس بنت محصن أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأجلسه في حجره فبال على ثوبه، فدعا بماء فنضحه ولم يغسله.
(ولم يغسله): أي غمر البُقعة التي على ثوبه ورشه عليه , ولم يغسله – صلى الله عليه وسلم – والغسل يجامعه الدلك , فلم يدلكه – صلى الله عليه وسلم – ولا كرر عليه , فعُلم أنه يطهر بهذه الصِّفة.
ـ[متبع]ــــــــ[27 - 06 - 2013, 10:06 ص]ـ
مسألة [17]: ذكر المصنِّف – رحمه الله تعالى – في هذه المسألة أن المذي فيه رواية في المذهب يجزئ فيه ما يجزئ في بول الغلام , فتقدير العطف في قوله: (وكذلك المذي) أي وكذلك المذي يجزئ في تطهيره النضح , وهذه الرواية الأولى التي ذكرها المصنِّف.
واستدل برواية الأولى: حديث سهل بن حنيف وفيه: (يكفيك أن تأخذ كفا من ماء فتنضح به حيث ترى أنه أصاب منه) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه و (قال الترمذي حديث) حسن (صحيح) كما في النسخ التي بأيدينا.
وذكر المصنِّف رواية ثانية فقال: (والثانية: يجب غسله) أي يكفي فيه النضح؛ بل لابد فيه من الغسل؛ (لأن النبي صلى الله عليه وسلم) كما في الصحيح (أمر بغسل الذكر منه , ولأنه نجاسة من ذكر أشبه بالبول) فدليل الإيجاب غسل المذي عند الحنابلة وفق ما ذكره المصنِّف شيئان:
أحدهما: أمره – صلى الله عليه وسلم – في الصحيح بغسل الذكر منه فكما يغسل الذكر منه يغسل الثوب.
والآخر: أنه نجاسة من ذكر أشبه بالبول فمخرجهما واحد , فكما أن البول يكون تطهيره بالغسل إذا وقع على الثوب , فكذلك يكون تطهير المذي.
والرواية الثانية هي المذهب عند الحنابلة , واستقر مذهب الحنابلة أن المذي لا يطهر إلا بالغسل.
وأجاب الحنابلة عن حديث سهل بأمرين:
أحدهما أمر يتعلق بالرواية: إذ قال الإمام في حديث سهل بن حنيف: إنِّي أتهيب ابن إسحاق. يعني محمد بن إسحاق. يعني محمد ابن إسحاق بن يسار المطَّلبي مولاهم صاحب المغازي , وله في أحاديث الأحكام أفراد يُتخوَّف منها , هذا وجه ما ذكره الإمام أحمد من تهيُّب حديثه.
والآخر أمر يتعلق بالدراية بأن يقال: إن النَّضح المذكور في حديث سهل هو مقدمة الغسل , فيكون الغاسل له مبتدئا أولا ينضحه , ثم يتزايد الأمر بغسله , فينضحه أولا ثم يغسله ثانيا.
ذكر المصنِّف رواية أخرى عن الإمام أحمد أن المذي (كالمني) أي طاهر , وعُلِّل ذلك بكونه خارجا (بسبب الشهوة أشبه المني) فلاشتراكهما في خروجهما بسبب الشهوة أُشركا في حكمهما بأن يكون طاهرين. والشهوة هي اللذة , والمذهب أن المذي نجس والمني طاهر , ولا يجزئ في تطهير المذي إلا الغسل.
ثم قال المصنِّف (ويُعفى) أي يُتجاوز ويُتسامح (عن يسيره) أي قليله , وعلله بقوله (لأنه يشق التحرز منه) أي يتحفظ منه , والحرز مكان الحفظ فيُشق على العبد أن يتحفظ من خروج المذي منه , (لكونه يخرج من غير اختيار).
مسألة [18]: (يُعفى عن يسير الدم) فإن الدم نجس عند الحنابلة ويعفى عن قليله (غير المائعات) أي السوائل , فالميوعة يراد بها السُيولة , واستقر المذهب وفق ما حكاه صاحب الزاد في قوله: (في غير مائع ومطعوم) فيعفى عن يسير الدم في غير مائع – أي غير سائل – ومطعوم – أي متناول طعاما -.
ثم ذكر أن (وما تولد منه القيح) حكمه حكمه , و (القيح والصديد) اسم للأخلاط التي تخرج من الجرح سوى الدم , فهي مياه سائلة ذات كُدرة فيها لزوجة تخرج من الجرح سوى الدم ,؛ وعلله بقوله: (لأنه لا يمكن التحرز منه , فإن الغالب أن الإنسان لا يخلو من حكة أو بثرة) والبثرة هو الدماميل الصغيرة.
دليلهم: (رُوي عن جماعة من الصحابة الصلاة مع يسير الدم ولم يعرف لهم مخالف) فصح هم ابن عمر رضي الله عنهما عند عبدالرزاق أنه ضغط بثرة بين عيينه ثم أخذ منها شيئا فركه بين أصبعيه , ثم صلى ولم يتوضأ.
(ولم يُعرف لهم مخالف) إلى العرف المستقر عند الحنابلة؛ فإن من أصول أدلة الحنابلة قول الصحابي , فإذا ذكر أحد علمائهم قولا لصحابي ثم قال (ولم يعرف لهم مخالف) يريد الصحابة , أما من دونهم فلا عبرة به عندهم , فإذا ثبت شيء عن الصحابة كان الحزم الأخذ به دون النظر إلى غيره.
ثم بين المصنِّف (وحد اليسير) أي القليل , فقال: (هو ما لا يفحش في النفس) أي ما لا يكثر في النفس.
مسألة [19]: (مني الآدمي طاهر)
دليلهم: (عائشة رضي الله عنها كانت تفرك المني من ثوب النبي صلى الله عليه وسلم) أي كانت تجمع الثوب بعضه على بعض ثم تحركه , فهذا هو الفرك , ولو كان نجسا لم يجزئ فيه إلا الغسل.
(وعنه) رواية أخرى عن الإمام أحمد (أنه نجس) , واستقر المذهب على أنه طاهر.
ثم اختلفت الرواية عن الإمام أحمد فيما إذا حكم بنجاسته هل يعفى عن يسيره أم لا روايتان:
فالرواية الأولى: أنه يعفى عن يسيره كالدم.
والرواية الثانية: أنه لا يعفى عن يسيره.
وأورد المصنِّف حجة القول بنجاسته وهو حديث عائشة رضي الله عنها أنها (كانت تغسله من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم) وهو (حديث صحيح) في " الصحيحين ". والغسل إنما يكون لنجس.
وأُجيب عنه بأن غسل عائشة رضي الله عنها لم يكن لنجاسة إذ لو كان كذلك لم يجزئ الفرك الواقع في حديث آخر , وإنما يحمل الغسل على إرادة دفع المستقذر طبعا , لأن المستقذرات نوعان:
أحدهما: المستقذرات الشرعية , وهي التي يحكم بنجاستها.
والآخر: المستقذرات طبعا , أي ترجع إلى الطبع , ولا يحكم بنجاستها كالريق والمخاط ونحوهما.
ثم ذكر الرواية الثانية فيما إذا كان نجسا أنه (لا يعفى عن يسيره) فلا يكون كالدم , وعلله بقوله: (لأنه يمكن التحرز منه) أي يمكن التحفظ منه؛ لأن المني يخرج باختيار ويحس به , فيمكن للعبد أن يتحرز منه , وهذا فرق مؤثر في الحكم عند الحنابلة بين ما ذكروه في المني.
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 301