responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1892
ولا يمكن للعاقل أن يدفع عن نفسه أنه قد يميز بعقله بين الحق والباطل، والصدق والكذب، وبين النافع والضار، والمصلحة والمفسدة.

(أنظر – بلا أمر: مجموع الفتاوى ج 11 - ص 346).

فالعقل قد يميز بين الضار والنافع في الأمور الحسية، أما التمييز بين الأفعال التي تنفع صاحبها أو تضره في معاشه ومعاده، فالعقل لا يستقل ولا يهتدي إلى تفاصيلها بدون الرسالة.

يقول ابن تيمية: " لولا الرسالة لم يهتد العقل إلى تفاصيل النافع والضار في المعاش والمعاد (مجموع الفتاوى ج 19، ص 99 - 100)، ويقول: " وحق على كل أحد بذل جهده واستطاعته في معرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وطاعته ... والطريق إلى ذلك الرواية والنقل.إذ لا يكفي في ذلك مجرد العقل، بل كما أن نور العين لا يرى إلا مع ظهور نور قدامه، فكذلك نور العقل لا يهتدي إلا إذا طلعت شمس الرسالة (مجموع الفتاوى، ج 1، ص 5 - 6 وخذ من ج 3،ص 338 - 339).
إذا فمعرفة العقل عند ابن تيمية مشروطة بعدم مصادمة الأدلة النقلية، ولا يمكن للعقل أن يستقل ويستغنى عن الأدلة النقلية إذ العلاقة بينهما تكاملية مع كون النقل هو أساس العقل (درء التعارض لابن تيمية ج1 – ص 86).

وإذا كان لا بد من وقفة مع آراء نخبة من العلماء هنا،فإنا نستعرض هذه الوقفات للغزالي وابن عبد السلام والشاطبي والطوفي وابن القيم.

فالغزالي يقول " لا ننكر إشارة العقول إلى جهة المصالح والمفاسد، وتحذيرها المهالك وترغيبها في جلب المنافع والمقاصد " (شفاء الغليل للغزالي – ص 162) ولكنه - عفا الله عنا وعنه- عاد إلى التمسك بمذهب الأشاعرة عند حديثه عن علة تحريم الخمر، إذ يقول:" فالشدة التي جعلت أمارة التحريم - يعني الخمر- يجوز أن يجعلها الشرع أمارة الحل (ينظر المستصفى ج3 - ص 593).

أما ابن عبدالسلام فانه يرى أن مصالح الدنيا وأسبابها ومفاسدها معروفة بالضرورات والتجارب والعادات والظنون المعتبرات (قواعد الأحكام، ج 1 – ص 8).
أما الشاطبي فقد تمسك بمذهب الأشاعرة عندما قرر أن العقل لا يحسن ولا يقبح (ينظر الموافقات،ج 1 – ص 87).

ويقول:" كون المصلحة تقصد بالحكم والمفسدة مفسدة كذلك، ما يختص بالشارع، لا مجال للعقل فيه، بناء على قاعدة نفي التحسين والتقبيح.فإذا كان الشارع قد شرع الحكم لمصلحة ما، فهو الواضع لها مصلحة، وإلا فكان يمكن عقلاً أن لا تكون كذلك، إذ الأشياء كلها بالنسبة إلى وضعها الأول متساوية لا قضاء للعقل فيها بحسن ولا قبح.فإذاً كون المصلحة مصلحة هو م قبل الشارع (ج 2 - ص 315) ويقول:" الأفعال والتروك من حيث هي أفعال وتروك متماثلة عقلاً، بالنسبة إلى ما يقصد بها، إذ لا تحسين للعقل ولا تقبيح (ج 2 – ص 333).

ومن الذين رأوا أن العقول تهتدي إلى معرفة مصالح المكلفين فيما يتعلق بالعادات الطوفي الحنبلي (رسالة الطوفي، ص 31).

أما ابن القيم فقد ذهب إلى ما ذهب إليه ابن تيمية (مفتاح دار السعادة، ص 328 - 334).

وقبل أن أختم هذه الوقفة،أشير إلى أن أ. د.آل عبد الرحمن كان قد توقف كثيراً مع هذا الموضوع ولعل بعض العلماء قال ربما بلغ ما كتبه فيه يصل لنحو أكثر من مجلدين.وكنت قد توقفت بخاصة مع شرحه المسهب لأقوال ابن تيمية الذي كان قد أهتم بمسألة التعليل وجعلها من أجل المسائل الإلهية بل ومن أعظم أصول الإسلام،ورأيت أن البروفيسور آل عبد الرحمن كان قد ركز كثيراً هنا على ما جاء في معرض دحض شيخ الإسلام لشبه المعتزلة والجبرية في مسألة التحسين والتقبيح العقليين،وبيان موقف أهل السنة منها،فذكر قوله:" إن الحسن والقبح قد يكونان صفة لأفعالنا، وقد يدرك ذلك بالعقل، وإن فسر ذلك بالنافع والضار والمكمل والمنقص،فإن أحكام الشارع فيما يأمر به وينهى عنه تارة تكون كاشفة للصفات الفعلية ومؤكدة لها،وتارة تكون مبينة للفعل صفات لم تكن له قبل ذلك، وإن الفعل تارة يكون حسنه من جهة نفسه، وتارة من جهة الأمر به، وتارة من الجهتين جميعاً. ومن أنكر أن يكون الفعل صفات ذاتية لم يحسن إلا لتعلق الأمر به، وإن الأحكام بمجرد نسبة الخطاب إلى الفعل فقط،يكون صاحبه قد أنكر ما جاءت به الشرائع من المصالح والمفاسد،والمعروف والمنكر،وما في الشريعة من المناسبات بين الأحكام وعللها،كما يكون قد أنكر خاصة الفقه الذي هو معرفة حكمة الشريعة ومقاصدها ومحاسنها (مجموع الفتاوى ج 11 - ص 354).

ولا يتسع المجال لسرد كل ما قدمه أ. د. آل عبد الرحمن هنا،ولكنني توقفت مع هذه الكلمة التي لا أعرف كيف ستستقبلها الأجيال.قال آل عبد الرحمن:

" لقد تنزهت الشريعة وبحرها الزخار عن أن لا تكون أحكامها منوطة بالانضباط وهي ستبقى محفوفة بالكنوز والأسرار،وسيأوي لها الجهابذة بعزائم قعساء وبهمم ٍ لهام جفراً حتى تشرق شمس دولة حضارة الأمة ومن جديد وهي ساطعة على المحجة الزهراء ".

آمل أن أكون وفقت بالنقل من ملقيات أ. د. آل عبدالرحمن المكثفة هنا،واسأله تعالى أن يوفقنا جميعاً إلى كل ما يحب ويرضى، وأن ينفع بعملنا هذا كل طلبة العلم وجزاكم الله خيرا ..
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1892
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست