نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1803
بسم الله الرحمن الرحيم
الكلمة السادسة عشرة
حذف وإثبات ألف مبارك ومباركة
ورد لفظ "مبارك" في أربعة مواضع؛ ثبتت ألفه في الثلاثة الأولى، وحذفت في الرابعة؛
في قوله تعالى: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (92) الأنعام.
وصف الكتاب بأنه مبارك دلالة على ثراء هذا الكتاب بالإقامة عليه، والاستغناء عن البحث عن الخير في غيره، فهذا الوصف خاص بالقرآن الكريم، ولم يوصف كتاب في القرآن بأنه مبارك غير القرآن الكريم.
وكذلك الأرض المبارك؛ هي الأرض الكثيرة الخيرات التي يستقر فيها أهلها، ولا يرحلون عنها، استغناء عن الحاجة وطلب الخير في غيرها،
ومن ذلك البركة التي استقر الماء فيها بعد ذهاب السيل وانقطاع مائه.
وبروك الناقة هو قعودها عن الذهاب إلى المرعى، وملازمتها مكانها عن شبع فيها، فهو قعود لها مقيد بالشبع، وكانوا يقيمونها لحلبها، لتبرك في محلها بعد ذلك.
فوصف الكتاب بأن مصدق لما بين يديه، بإعادة ذكر ما ورد من السير والقصص في الكتب السابقة؛ ما أغنى عن الرجوع إليها، فمد بقاء هذه القصص،
وإنذاره لأم القرى هو إحياء لها، ومدها لتأخذ بالإيمان، والأعمال الصالحة وعلى رأسها الصلاة؛ فعلى ذلك كان ثبات ألف مبارك في الرسم.
وثبتت ألفه في قوله تعالى: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155) الأنعام.
الطلب باتباع الكتاب المبارك بما نزل فيه من الأحكام في آيات يتوالى نزولها؛ هو رحمة وثبات واستمرار للمتبعين له، وحفظ واتقاء لهم، وعلى ذلك كان ثبات ألفه.
وثبتت ألفه في قوله تعالى: (وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ (50) الأنبياء.
وصف الكتاب بأنه ذكر مبارك؛ لأن التذكير هو حفظ للمذكر مما يلحقه بسبب الغفلة والنسيان، وعلى ذلك ثبتت ألفه، وقد كانت هذه الأمة هي الأطول عمرًا في تاريخ الأمم بسب بركة هذا الكتاب، ومده لها بأسباب القوة والحفظ، والتأييد بالنصر من الله عز وجل.
وحذفت ألفه في قوله تعالى: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُواءَايَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ (29) ص.
في الآيات السابقة كان الخطاب مباشرة لمن نزل عليهم الكتاب؛ (ولتنذر)، (فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون)، (وهذا ذكر ... أفأنتم له منكرون)، وكان نزول الآيات يتتابع، والخير يتواصل بهذا التتابع.
أما في هذا الموضع؛ فإن التدبر للكتاب المبارك لم يقيد بزمن نزوله، والتدبر يكون فيما استقر وضعه وثبتت حدوده، وذلك بعد تمام نزوله.
ونزول هذا الكتاب لأجل تذكر أولي الألباب، وهذا لم تقيد أيضًا بزمن النزول، مما دل على أن ذلك بعد تمام النزول، ومعرفة حدود ما نزل، وعلى ذلك كان حذف الألف فيه.
ولفظ "مباركاً" بالنصب ورد أربع مرات؛ ثبتت ألف في ثلاث منها، وحذفت في الرابعة؛
في قوله تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) آل عمران.
البيت الحرام هو أول بيت وضع للناس وأقدمها، وأدومها بقاء، وما يزال الناس يتوافدون إليه من أول يوم وضع فيه، ولم ينقطعوا عنه، وعلى ذلك ثبتت ألفه.
وثبتت الألف في قوله تعالى: (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَواةِ وَالزَّكَواةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) مريم.
جعل الله تعالى عيسى عليه السلام مباركًا أين ما كان، وهذا القول منه وهو في المهد؛ فهي بركة قائمة ممتدة من يوم مولده ومستمرة معه في حياته، وعلى ذلك كان ثبات ألف "مباركًا" فيه.
وثبتت الألف في قوله تعالى: (وَقُلْ رَبِّ أَنزِلْنِي مُنْزَلاً مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ (29) المؤمنون.
طلب لنوح عليه السلام من ربه بأن ينزله بعد الطوفان مكانًا مباركًا تمتد فيه البركة؛ بما سبق من إغراء قومه بفضائل الاستغفار، من إرسال السماء مدرارًا، ويجعل الله لهم جنات وأنهارًا؛ فعلى ذلك كان ثبات ألفه.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1803