responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1773
ومن هنا يظهر أهمية هذا الأسلوب في الكشف عن كثير من المعاني والعلوم وذلك عن طريق تسليط الضوء عليها بالسؤال عنها. ومن السؤال لرسول صلى الله عليه وسلم في هذاالحديث نخرج بفوائد تتعلق بهذا الأسلوب، منها:
أولاً – أنه ينبغي للداعية إجابةمن سأله عن أمر من أمور الدين.
ثانياً - جواز السؤال عن أحوال الأنبياء من الوحي وغيره مما يخفى.
ثالثاً - أن السؤال عن الكيفية لطلب الطمأنينة لايقدح في اليقين.
رابعاً - أن المسؤول عنه إذا كان ذا أقسام يذكر المجيب في أول جوابه مايقتضي التفصيل وذلك يستفاد من قوله: «أَحْيَانًا فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِالْجَرَسِ ..».
الفائدةالثالثة التي نستفيدها من هذا الحديث: أسلوب ضرب المثل لتقريب المعاني وإيصالها للذهن:
لقدضرب الله تعالى ورسوله عليه الصلاةوالسلام الأمثال للناس، وذلك لما للمثل في الكلام من مكانة هامة ووظيفة لا تنكر، إذ أن هله تأثير عجيب في الآذان، وتقرير غريب لمعانيها في الأذهان.
يقول الإمام ابن قيم الجوزية -رحمه الله- عن ضرب الأمثال إنها: (لتقريب المراد، وتفهيم المعنى، وإيصاله إلى ذهن السامع، وإحضاره في نفسه بصورة المثال الذي مثل به، فقد يكون أقرب إلى تعقله وفهمه وضبطه واستحضاره له باستحضار نظيره، فإن النفس تأنس بالنظائروالأشباه الأنس التام، وتنفر من الغربة والوحدة وعدم النظير. ففي الأمثال من تأنيس النفس وسرعة قبولها وانقيادها لما ضرب لها مثله من الحق، أمر لا يجحده أحد ولاينكره، وكلما ظهرت لها الأمثال ازداد المعنى ظهوراً ووضوحاً، فالأمثال شواهد المعنى المراد، ومزكية له، فهي كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه، وهي خاصةالعقل ولبه وثمرته) أهـ.
وفي هذا الحديث يستخدم رسول الله صلى الله عليه وسلمهذاالأسلوب، الذي قال عنه العلامة الكرماني –رحمه الله-: (إنه عليه الصلاة والسلام كان معتنياً بالبلاغة مكاشفاً بالعلوم الغيبية وكان يوفر على الأمة حصتهم بقدرالاستعداد فإذا أراد أن ينبئهم بما لا عهد لهم به من تلك العلوم صاغ لها أمثلة من عالم الشهادة ليعرفوا بما شاهدوه ما لم يشاهدوه، فلما سأله الصحابي رضي الله عنه عن كيفيةالوحي، وكان ذلك من المسائل العويصة ضرب لها في الشاهد مثلاً بالصوت المتدارك الذي يسمع ولا يفهم منه شيء تنبيهاً على أن إتيانها يرد على القلب في لبسة الجلال فيأخذ هيبة الخطاب حين ورودها بمجامع القلوب، ويلاقي من ثقل القول ما لا علم له بالقول مع وجود ذلك، فإذا كشف عنه وجد القول المنزل بيناً فيُلقى في الروع واقعاً موقع المسموع وهذا معنى قوله: «فيفصم عني وقد وعيت ..») أهـ.
الرابع من الفقه الدعوي الذي نستفيده من هذا الحديث: ضرورة تحلي الداعية بالصبر:
إن الصبر من أعظم صفات الداعية التي لا يستغني عنها في دعوته للناس واختلاطه بهم، فهو لابد أن يلاقي من بعضهم الصدود والإعراض، إن لم يلاق الأذى والعذاب والاضطهاد، فبالصبر يمضي في دعوته ولا يبالي بما يلاقيه في سبيلها من مشقة وصعاب.
يقول الإمام الخطابي -رحمه الله تعالى- عند شرحه لهذا الحديث: (وجملة الأمر فيما كان يناله من الكرب عندنزول الوحي هي شدة الامتحان له ليبلو صبره ويحسن تأديبه، فيرتاض لاحتمال ما كلفه من أعباء النبوة، وحسن الاضطلاع للنهوض به إن شاء الله تعالى) أهـ.
فالداعيةالعالم - وريث الأنبياء في أخلاقهم وعلمهم ودعوتهم - لزاماً عليه أن يتحلى بالصبرويتخلق به لكي تنجح دعوته، وتسير في مواجهة الصعاب والأعباء التي لا بد أن تلاقي كل من سار في هذا الطريق ومشى فيه.
الخامس من الفقه الدعوي في هذا الحديث: أهميةكون الداعية من جنس المدعوين ويشابهم في اللغة واللباس وغيرها من الأمور:
إن ممايساعدعلى تقبل المدعوين للداعية، والأنس به، وما يأتي به، أن يكون منهم، ويتكلم بلغتهم، ويلبس لباسهم، ويمارس عاداتهم - بشرط أن لا تخالف أيٌّ من هذه الأمورالشريعةَ، يقول الله تعالى: {وما أرسلنا من رسولٍ إلا بلسان قومه ليُبيِّن لهم}.
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1773
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست