responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1757
خاطرة
ـ[فهد بن محمد الغفيص]ــــــــ[10 - 09 - 2009, 07:25 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم

وماذا بعد النفي والإثبات!!

كثيراً ما كنت أتأمل ردود القراء على الأخبار المتعلقة بالقدح في سلوك شخص ما، أو بيان ضعف أدائه لما أوكل إليه من مهام وزارته أو إدارته أو غير ذلك مما هو أمانة استرعي عليها، وأمر بحفظها.
وإذا كان من حق وسائل الإعلام إن أرادت الريادة أن تحرص على حيازة قصب السبق في نقل الأحداث، واختيار العناوين المثيرة التي لا تترك للقارئ المشحون بحب الاستطلاع مجالاً للإعراض عنها.
فإن من المتعين علينا كمتلقين التركيز على ما يفيدنا من تلك المخرجات الضخمة التي تقذف بها تلك الوسائل يومياً في آذاننا، وأمام أعيننا في تسارع يشبه زخات المطر المتتابعة، كي لا نجلب الدوار لأدمغتنا التي أضحت في حيرة بين من ينفي، ومن يثبت.
وكأني بأحدنا مطرق الرأس شاحب الوجه يتلمس الحقيقة بين ذلك الركام من الكلمات، وهيهات أن يصل إلى مبتغاه في خضم هذه البحور المتلاطمة من المعلومات التي لم يعد للتوثيق لدى ناقليها أي اعتبار.
والمتأمل بعين البصيرة يدرك حجم المخاطر التي زلت فيها أقدام من جراء الخوض في التهم التي تمس أعيان الأشخاص، حتى وصل الحال بالبعض إلى نشرها بين الملأ دون مراعاة لآداب الإسلام بدءاً بالتثبت الذي أمرنا به الباري عز وجل بقوله: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ] (الحجرات آية 6).
ومروراً باحترام حقوق المتهم التي كفلتها له شريعتنا الغراء، وعدم الإساءة إليه ولو بالكلام حتى بعد إقامة الحد عليه، كما علمنا ذلك المصطفى عليه الصلاة والسلام فقد ثبت في صحيح البخاري رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:" أُتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب قال: اضربوه، قال أبو هريرة: فمنا الضارب بيده والضارب بنعله والضارب بثوبه فلما انصرف قال بعض القوم: أخزاك الله، قال: لا تقولوا هكذا لا تعينوا عليه الشيطان ".
وانتهاءاً بالصلاة عليه والدعاء له بعد موته على الرغم من إقراره باقتراف الجرم الذي أقيم عليه الحد لأجله، فقد ثبت في صحيح مسلم رحمه الله:" أن امرأة أتت نبي الله صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنى فقالت يا نبي الله أصبت حدا فأقمه علي فدعا نبي الله صلى الله عليه وسلم وليها فقال أحسن إليها فإذا وضعت فأتني بها ففعل فأمر بها نبي الله صلى الله عليه وسلم فشكت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها فقال له عمر تصلي عليها يا نبي الله وقد زنت فقال عليه الصلاة والسلام لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى ".
قال الإمام النووي رحمه الله: (هذا الإحسان الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ولي المرأة له سببان: أحدهما الخوف عليها من أقاربها أن تحملهم الغيرة ولحوق العار بهم أن يؤذوها, فأوصى بالإحسان إليها تحذيرا لهم من ذلك.
والثاني: أنه عليه الصلاة والسلام أمر به رحمة لها إذ قد تابت, وحرض على الإحسان إليها لما في نفوس الناس من النفرة من مثلها, وإسماعها الكلام المؤذي ونحو ذلك فنهى صلى الله عليه وسلم عن هذا كله) انتهى.
فإذا كان ذلك أيها الإخوة في حق من ثبت عليه ارتكاب تلك الكبائر، فكيف بمن لم يحقق معه، أو تثبت في حقه تهمة، أو يصدر بحقه صك شرعي!!
حتى وصل الحال بالبعض هداهم الله إلى استغلال مثل تلك الأخبار أبشع استغلال وذلك بالتندر والسخرية ليس بالمتهم فحسب بل بأهله، وأسرته، وقبيلته، وجهة عمله حتى لا يبقى شيء له به علاقة إلا وناله من ذلك الأذى، وتناسى هذا المغتر الذي أطلق لنفسه العنان للتيه في هذه الظلمات قول الله عز وجل: [قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ] (الأنعام 164)، وقوله جل جلاله: [مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا] (الإسراء 15). وقوله سبحانه وتعالى: [وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا] (الإسراء 36).
إنه شعورٌ لا يوصف، وتعجُّبٌ لا ينقضي من تلك التعليقات التي تخطها أنامل بعض القراء المتشنجة، مستخدمة من الكلمات ألذعها، ومن العبارات أشنعها؛ لتصمك بها إن لم تكن معها.
وكأنني أشعر بلسان حال كاتبها وهو يدير الحبل حول عنقك بما لا يدع لك مجالاً حتى للتوقف، أو التمحيص، لأنك إن لم توافقه فستُعرِّضُ نفسك لوابلٍ من الاتهامات التي تبدأ بالتجهيل مروراً بالكذب وانتهاءاً بالكفر والنفاق والزندقة عياذاً بالله.
وأقول لمن هذا دأبه عند الاختلاف في الرأي مع الآخرين رويدك فإن الأيام دول، فقد روى الإمام أحمد رحمه الله في مسنده عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يا معشر من آمن بلسانه، ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من يتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته ".
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1757
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست